الجريدة اليومية الأولى في البحرين


دراسات


إيران الدولة الوحيدة في العالم التي تبيح تجارة الأعضاء

تاريخ النشر : السبت ٣٠ يونيو ٢٠١٢



بيروت - من اورينت برس
يبدو أن انصراف الحكومة الايرانية إلى معالجة الهموم النووية وتداعيات العقوبات الاقتصادية التي نشأت نتيجة الشك في اتجاهها نحو إنتاج القنبلة، دفع الفقراء والمحتاجين في ايران إلى بيع أعضائهم لتأمين نفقات معيشتهم، خصوصا أن إيران هي الدولة الوحيدة التي تبيح تجارة الأعضاء البشرية لمن أراد البيع والشراء، أي انها لا تفرض القانون الموجود في غيرها من البلدان عندما يتعلق الأمر بتوافر هذه الأعضاء لزراعتها في أجساد أخرى. لكن المشكلة تكمن في كثرة الذين يعرضون أعضاءهم للبيع بسبب ضيق ذات اليد.
«اورينت برس» أعدت التقرير التالي:
رغم استفحال ظاهرة الاتجار بالأعضاء البشرية وبيع الكلى تحديدا في ايران بسبب الظروف المعيشية القاسية وغياب القوانين او الفتاوى التي تحرم ذلك، تدعي ايران ان الامور ليست عرضة للفلتان بل ان عمليات التبرع بالأعضاء تتم تحت اشراف «جمعية دعم مرضى الكلى» وهي إحدى مؤسستين حكوميتين غير ربحيتين تلقى على عاتقيهما مهمة الإشراف على بيع الكلى وشرائها. أما الثانية فهي «المؤسسة الخيرية للأمراض الخاصة». وتتلخص وظيفة هاتين المؤسستين في تنظيم هذه التجارة وتسهيلها بين البائع والمشتري المحتمل والتأكد من أن هذا الأخير يحصل على الكلية المناسبة له. وفي العادة، يحصل البائع على القدر الأكبر من أمواله بعد الزراعة الناجحة لكليته في الجسد المضيف من المشتري نفسه، بينما تأخذ الحكومة قسطًا منه!
في حال فكر بعض مرضى الكلى الأجانب في الاستفادة من هذا المناخ الفريد، سيمكنهم ذلك فرغم أن القانون يحظر على الإيرانيين بيع كلاهم لغيرهم إلا انه يحق للإيراني في أن يتبرع بكليته لأجنبي إذا شاء، ومن هذه الثغرة القانونية يقوم كثيرون ببيع كلاهم.
سيطرة الدولة
كما أن محاولة الدولة السيطرة على هذا النشاط والإجراءات البيروقراطية الطويلة المعقدة الناتجة من هذا تدفع أعدادا كبيرة من البائعين إلى المساومة مباشرة مع المشترين المحتملين، بحيث صار الأمر سوقا مفتوحة. ففي عام 2010 فقط أجريت في البلاد 2285 عملية لزرع الكلى. ومن هذه كانت 1690 عملية تمت بعد البيع والشراء وكان معظم البائعين من الفئة العمرية من 20 إلى 30 عاما بينما أجريت 595 عملية، بعد أخذ هذه الأعضاء من أناس أُعلنت وفاتهم دماغياً.
بين التأييد والانتقاد
ولكن يظل قانون تجارة الأعضاء البشرية الإيراني محل جدل وسط الخبراء الصحيين بين مؤيد ومنتقد. ويؤكد الخبراء أن مكمن الخطر فيها هو أن معظم الذين يبيعون كلاهم إنما يفعلون ذلك بدافع الفقر والعوز، وبالتالي فالأرجح أنهم محدودو المعرفة الطبية. وعلى هذا الأساس فهم لا يدركون الآثار المترتبة على عيشهم بكلية واحدة على المدى الطويل، وربما القصير، في العديد من الحالات.
في هذا السياق، يقول مواطن ايراني من مدينة نور في ولاية مزندران الشمالية: «أصيب طفلي ذو الستة أشهر بالشلل بعدما سقط من ذراعي أمه. الآن يتعين علي العثور بشكل أو آخر على مبلغ نحو 12 ألف دولار لدفع تكاليف عملية جراحية لعلاجه. وفي حال نجاحي في بيع كليتي، فربما حصلت مقابلها على 10 آلاف دولار، إذا حالفني الحظ».
في المقابل، فإن سيدة مسنة باعت كليتها لان كل همها أن تأتي بالمال اللازم لزفاف ابنتها، لأن العرف الإيراني يقضي بأن يتولى والدا العروس جهاز ابنتهما. وبالنسبة إلى هذه السيدة المسنة، الأرملة، فإن قيامها بهذا الواجب يرقى إلى مقام صون شرف الأسرة نفسه. لكن ضيق ذات اليد يجعل الخيار الوحيد أمامها أن تبيع إحدى كليتيها. وفي حال نجحت في الحصول على مشترٍ، فسيتعين عليها السفر من دارها في شمال إيران إلى أحد مراكز زرع الكلى في طهران لإتمام الصفقة. ورغم أنها ستعيش بقية عمرها بكلية واحدة، فإن هذا الأمر لا يقلقها البتة، لأنها تكون قد أدت واجبها كاملاً تجاه ابنتها التي لحقت بقطار الزواج في اللحظة الأخيرة، على حد قولها.
تفرد ايراني
إيران هي الدولة الوحيدة التي تبيح التجارة في الأعضاء البشرية لمن أراد البيع والشراء. لكن المشكلة التي تواجه تلك السيدة المسنة وغيرها ممن يرغبون المال لقاء بيع أعضائهم، هي كثرة الذين يعرضون أعضاءهم للبيع.
لأجل العثور على مشترٍ، أعدت شابة نسخا عديدة من إعلان كتبته بألوان براقة، وحددت فيه فصيلة دمها ورقم هاتفها المحمول، وعلقتها على عدد من جذوع أشجار في الشوارع المؤدية إلى بعض المستشفيات، التي تضم مراكز زراعة الكلى. وهذا هو دأب جميع الساعين إلى البيع هنا. بل إن عددا منهم كتب إعلاناته مباشرة على جدران المباني العامة، وفي بعض الأحيان المساكن الخاصة أيضا.
مثلا هناك اعلان يقول: «كلية عمرها 24 سنة فقط، وفي أتم الصحة والعافية تبعًا للفحوص الطبية. فصيلة الدم د+ سعر زهيد فلا تفوت هذه الفرصة النادرة. رقم الهاتف كذا.»!، هذا هو نوع الإعلانات التي يجدها المرء وهو يتجول في قلب العاصمة بالقرب من مبنى جمعية دعم مرضى الكلى الخيرية. وهنا تتكاثر هذه الإعلانات، بحيث يمكن القول إن المكان تحول إلى سوق لبيع هذه الأعضاء.
مفخرة ايرانية
وتفاخر إيران بأن لها شوطا كبيرا في مجال عمليات زراعة الأعضاء ومعالجة أمراض الكلى والرئة. ففي هذا المجال قال رئيس جمعية زراعة الاعضاء علي اكبر ولايتي، ان الجمهورية الاسلامية الايرانية تحتل المرتبة الاولى بالمنطقة في مجال زراعة الرئة والرابعة عالميا في مجال زرع الكلى.
وأوضح ولايتي ان ايران تصنف ضمن الدول المتقدمة عالميا في مجال زراعة الأعضاء، مضيفا: ان ايران تشهد سنويا اكثر من الفي حالة لزرع الكلى ما يجعلها في المركز الرابع عالميا في هذا المجال. وصرح بان زراعة الأعضاء هي من الانجازات الطبية الاخيرة في البلاد، وأوضح قائلا: «ان عملية الزراعة بدأت عملياً وعلمياً من منتصف القرن العشرين وسرعان ما استخدمتها ايران وحققت انجازات كبرى في هذا المجال».
يذكر ان تدني كلفة الجراحات عموما والجراحات التجميلية خصوصا في ايران ادى الى زيادة اعداد السياح القادمين الى ايران من الدول المختلفة لإجراء هذا القبيل من العمليات الجراحية.
وأفاد موقع «جيهان» الإيراني ان تزايد سفر الاجانب الى ايران لإجراء العديد من العمليات الجراحية بما فيها عمليات نقل الاعضاء اسهم في ان يعمل بعض القائمين على السياحة على تعزيز السياحة العلاجية وتوفير فرصة للأشخاص الذين يزورون ايران ومرافقيهم لتفقد الاماكن والمواقع السياحية في ايران.
في هذا الإطار، من المعروف ان الجراحات التجميلية في ايران هي اقل كلفة من العديد من الدول الاوروبية والولايات المتحدة وهذا الامر ادى الى ان يسافر هذا القبيل من الاشخاص الى ايران لإجراء هذا النوع من الجراحات ويزداد عددهم يوما بعد يوم. ويقال ان كلفة الجراحات التجميلية في اوروبا والولايات المتحدة تصل بعض الاحيان الى اكثر من 40 الف دولار للجراحة الواحدة بينما الكلفة اقل بكثير في ايران لكن احدا لا يضمن النتيجة اذ تنشط العديد من المراكز التجميلية والعيادات التي تقوم بالجراحات من دون حسيب او رقيب، اذ ان الدولة تغض الطرف عنهم وتصنفهم في اطار السياحة العلاجية، لا بل انها لا تتردد في دعم هذا النوع من «السياحة» كونه يساعد الاقتصاد الى حد كبير وان اتى على حساب سمعة الجمهورية الاسلامية او صحة الزوار.