مقالات
التصدي للإرهاب واجب وطني
تاريخ النشر : الأحد ١ يوليو ٢٠١٢
لم أكتب إليكم هذه الكلمات ناصحا أو واعظا ولم يدفعني إليها إلا حب هذا الوطن الذي نشأت بين ثناياه، ويؤلمني أن أرى من بين أبنائه أو من يفترض أنهم كذلك، من يود إدخاله في دوامة من العنف، سيطول خطرها الجميع، ولذلك أوجه رسالتي إليكم: اتقوا الله في بلدكم واعلموا أن الوطن أمانة في أعناقنا جميعا، وإذا كنا غير قادرين على حملها والوفاء بمتطلباتها، فإننا لا نستحق العيش فيه وأن نستظل برايته.
هذه المعاني سيطرت عليّ، بمجرد قراءتي لعبارة محددة وردت في التصريح الأخير للفريق الركن معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية، تعقيبا على ضبط قوات الشرطة معملا يتم فيه تصنيع مواد شديدة الانفجار، إذ قال بالحرف الواحد "إن موضوع محاربة الجريمة يجب أن يكون واجبا وطنيا يسهم به الجميع".
وهنا، لابد أن نقر قبل كل شيء أن أمن وسلامة المجتمع مسألة لا تقبل القسمة على اثنين ولا يمكن التهاون فيها تحت أي بند أو اعتبار، فالأمن والاستقرار هو المطلب الأول لدى شعوب الكرة الأرضية جميعا، لأن حب الحياة والشعور بالأمان والطمأنينة من المطالب الأساسية لأي مواطن بل لكل بني البشر، وهو ما يؤكد في المحصلة الأخيرة أن مسئولية تحقيق هذا الهدف أبعد ما تكون عن جهة واحدة وهي وزارة الداخلية.. صحيح أنها الجهة الأولى التي يتم اللجوء إليها حين ينتابنا أي طارئ، إلا أن الصحيح أيضا أن علينا نحن المجتمع، مسئولية بل واجبا مقدسا، لكوننا أفرادا فاعلين في مجتمعنا، ولكون الأمن والأمان نعمة نسعى جميعا إلى أن تبقى سمة وعنوانا لوطننا، وهنا قد يكون السؤال الطبيعي: ماذا يمكن أن نقدمه -بوصفنا مجتمعا- في هذا المجال؟ هل نحمل السلاح مثلا ونشارك الشرطة في مكافحة المخربين؟ بالطبع لا؛ لأن الأمر أبسط من ذلك بكثير، المطلوب منا أن ننبذ العنف والإرهاب وندينه ونستنكره، ونتخذ موقفا مناهضا من القائمين عليه الذين يجدون في الفوضى بيئة صالحة لتمرير مخططاتهم ونشر أفكارهم التدميرية، والذين يجب أن يشعروا أن أفعالهم وسلوكهم ضد الوطن منبوذة، حتى لو حاولوا تبريرها بمعان وتعبيرات وهمية، ليس هذا فحسب، بل يجب التصدي لهم بالفكر والإقناع والعمل على إعادتهم إلى الطريق المستقيم وذلك أضعف الإيمان. لذلك كان وزير الداخلية محقا وأصاب كبد الحقيقة حين قال "إن محاربة الجريمة واجب وطني" ومن حقنا بالطبع بل ويشرفنا أن نكون مواطنين صالحين، نؤمن أن الحياة الآمنة حق للجميع كما أن الطريق إليها أيضا مسئولية الجميع، وإذا كنا لم ننهض بعد بهذه المهمة فيما سبق، فخير لنا أن نبدأ الآن من أن نبقى "واضعين رؤوسنا بين الرؤوس" كما يقول إخواننا المصريون، فالوطن ينتظر الجميع لينضموا إلى قافلة البناء والتصدي لمن يحاول تغيير المسار.. فهل نحن فاعلون؟