الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥١٩ - الاثنين ٢ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٢ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


أسئلة النار والجمر التي نمسك بها حبا لهذا البلد وأهله (١)





"رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني، يفقهوا قولي" صدق الله العلي العظيم،من سورة طه.

حين طرحت موضوع "الشيعة في البحرين أكبر من أن يكونوا لعبة في يد أحد" في المقال الماضي كنت أعني ما أقول تماما، ولا أنوي التراجع عنه إلا إذا ثبت لي خطؤه أو خطأ بعضه فلا أتعصب له حينها، كتبت منتقدا حين صمت أذني طبولُ الحرب التي يقرعها خطاب التحدي والتعالي وجر البلاد إلى المجهول ومحاولة تضليل الناس، بل "استحمارهم" من أجل أشخاص وأحزاب لا من أجل مبادئ، لأن المبدأ الحق لا يحتاج أصلا إلى التوسل بالأساليب غير الشريفة، ولم يكن مقالي دفاعا عن الشيعة في البحرين فحسب كما اعتقد البعض، وإنما هو بالإضافة إلى ذلك ترسيخ وتأكيد لنهج اختطه وكرسه كبراء البحرين وعلماؤها منذ زمن بعيد في مناهضة الخطأ أيا كان مصدره "ولنا في تاريخ الشيخ أحمد بن عبدالرضا آل حرز، والشيخ سليمان آل حرز، والشيخ محمد علي المدني، والسيد عدنان الموسوي، رحمهم الله عبرة فهل من معتبر؟"، وهو دفاع عن البحرين المتآلفة الرشيدة السباقة في كل الميادين على مستوى المنطقة، لا البحرين المحتقنة المتخاصمة مع نفسها، غير أن المقال استدعى ردود أفعال متباينة، وإن كانت في الوقت ذاته متوقعة وأعدها طبيعية، بل ضرورية أيضا.

وأصنف تلك الردود إلى ثلاثة أقسام (أتناول بالتعليق القسم الأول في هذا المقال وأرجئ القسمين الآخرين للمقالات القادمة)، فمنها المنفلت الشاتم، ومنها الرافض الذي يطرح رؤاه وإشكالاته بقوة، ومنها المؤيد الذي رأى في المقال جرأة على أخطاء مست المذهب الشيعي والطائفة الشيعية خاصة ان لم تقتصر عليها، وما كان ينبغي السكوت عن هذه الأخطاء وخاصة من قبل أفراد البيت الشيعي في البحرين، ولي وقفات مع ردود الأفعال الثلاثة مع كامل الحب والاحترام حتى للذين شتموني وحاولوا تشويه ما قلت وتحريفه وإعطاءه مضامين أخرى:

الأول: هو رد فعل منفلت وشاتم ومنفعل ومحتقن، مخون ومهدد ومتوعد، كان ميدانه الأول وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات الإلكترونية وإن لم يقتصر عليها، وكان جل أصحابه لا ملامح لهم ولا أسماء ولا أوصاف ولا هويات ولا أشكال، وكان أقصى ما يستطيعون فعله هو أن يرموني بـ"مولوتوفاتهم" الكلامية من وراء حجاب ثم يختفوا سريعا ولا يبقى غير سبابهم في الهواء، هؤلاء جعلوا من جبهتي جدارا كجدران بيوت قرى البحرين اليوم يكتبون عليها شتائمهم وبذاءاتهم ضدي وضد السلطة كأني أمثلها، يقومون بذلك لفرط إفلاسهم وعدم قدرتهم على الرد المتحضر، وبودي أن أقول لهؤلاء إن هذا النوع من ردود الأفعال لا يخيفني ولا يهمني إلا من ناحية واحدة فقط هي انني لا أرضى لأبناء وطني أن يتحولوا إلى سبابين وشتامين لا في المنتديات الحقيقية ولا الافتراضية، كما لا أرضى لهم أن يكونوا ألعوبة في يد أحد كائنا من كان، ولا أن يكونوا أدوات لتصفية الحسابات، ولا أتوقع من قادة الحراك المتجه للخلف الآن أن يوجهوهم لتغيير أساليب التعبير لتكون حضارية وراقية، لأن الحراك لم يقم إلا على أكتاف حتى دماء هذه الفئة التي جل أفرادها من المراهقين والشباب الذين يزج بهم في الساحات في سن مبكرة ويستغلون أبشع استغلال، علما أنهم قد يرفضون هذا الوضع غير الطبيعي لو وصلوا إلى مرحلة من النضج في المستقبل، وأحب لهم صادقا أن يكونوا مستقلين.

وسأعرض تباعا للنوعين الآخرين من ردود الأفعال وأعلق على مضامينهما في المقالات القادمة.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة