الجريدة اليومية الأولى في البحرين


قضايا و آراء


المنبر الديمقراطي التقدمي وتضحيات الرموز الوطنية

تاريخ النشر : الاثنين ٢ يوليو ٢٠١٢



لقد اطلعت على المقالة المنشورة للكاتب (فهد المضحكي) في جريدة الأيام بتاريخ 16 يونيو 2012م، والمعنونة بـ "التنظيمات السياسية وإقصاء الآخر".. وما حملت هذه المقالة في جوهرها من موضوع بالغ الأهمية وهو إزاء الاقصاء والاقصائيين والتشدد والمتشددين.. حين يستطرد الكاتب قائلا "كثيرا ما نتحدث عن الاختلاف والديمقراطية، ولكن ما ان تتباين وجهات النظر ويحتدم الجدل حول الكثير من القضايا السياسية والمواقف الفكرية حتى نتعصب ونصادر الرأي الآخر".
ويمكن القول في ذات السياق إن الكاتب (فهد المضحكي) من خلال مقالته هذه، قد أماط اللثام عن الوجوه الحزبية المتقلب أصحابها كالحرباء، بأفكار ديماغوجية وانتهازية وتحريفية تتبناها وتحملها ما بين جنبات عقولها.. حينما يواصل الكاتب حديثه مسترسلا بالقول "وبدلا من البحث عن نقاط الاتفاق والمسائل المشتركة نقصي الآخر رأيا وفكرا، والأدهى من ذلك نصنف المختلفين في خانة العار والانهزامية والانتهازية، وهذا يحدث أو ما يجري في أغلب الأحزاب السياسية العربية".
بادئ ذي بدء نفخر بالقول إننا نتفق مع ما ورد في مقالة الكاتب (فهد المضحكي) قلبا وقالبا (فكريا ومبدئيا وأخلاقيا).. كما أننا بدورنا نستطيع القول بهذا الصدد إن الاقصائيين والمتعجرفين هم عادة ما يحملون في أغوارهم ومكنوناتهم إطار الصورة النمطية النرجسية التي تعكس داء عقدة "الأنا" المتعالية بالانفصام النفسي، والمتسمة بمظاهر التعالي المستبد، وشوائب التباهي الأجوف، التي تجلت بأساليب ديماغوجية يتبناها هؤلاء (الاقصائيون).. لا لشيء سوى لتضليل الناس البسطاء بجرهم وراء أوهام النضالات السياسية والجماهيرية التي لا تلبث تداعياتها ومفاهيمها الطوباوية أن تتلاشى هباء أدراج الرياح.
وعلى الصعيد ذاته يمكننا القول إن الشيء بالشيء يذكر وهو حينما تناول الكاتب (فهد المضحكي) خلال مقالته المعنية "إزاء ما تمارسه الاحزاب السياسية العربية من دكتاتورية في نفي الآخر".. فإن هذه الظاهرة المؤسفة قد انعكست حقائقها على واقعنا نحن أعضاء وكوادر (المنبر الديمقراطي التقدمي) وخاصة منذ بروز تداعيات أحداث 14 فبراير من العام الماضي 2011م والى يومنا هذا.. إذ كشفت هذه الفترة المفصلية عن تركيبة الأنماط الفكرية التحريفية لبعض قيادات وكوادر (المنبر الديمقراطي التقدمي) وما تمخض عن تلك الأفكار الاقصائية والاستحواذية التي تبناها أصحابها في فترة (تمتحن فيها نفوس الرجال) بحسب ما جاء على لسان المناضل الأممي المواطن "توم بين".
ولكن يؤسفنا القول بهذا الشأن إن هذه القيادات المعنية في اللجنة المركزية لـ (المنبر التقدمي) قد أخفقت خلال تلك الفترة المفصلية، بسبب افتقادها الحصانة الفكرية وافتقارها إلى الصيانة الأيديولوجية.. وتأتي اللجنة المركزية المنتخبة لـ"المنبر" خلال المؤتمر العام السادس.. لترسخ السياسة الاقصائية للكوادر الوطنية والمبدئية بمزيد من الاقصاء والتهميش.. وكل ما في الأمر أن هذه الكوادر الملتزمة قد جاهرت بآرائها الشجاعة وانتقاداتها الموضوعية إزاء عملية الانجرار والتبعية لتيار الاسلام السياسي ورفض سيناريوهات الصفقات والمساومات ما بين مختلف الاطراف النفعية والبراجماتية.. فكان جزاء هذه (الكوادر الملتزمة) جزاء (سنمار).. هو حينما أنزل على كواهلها حيف التهميش وعسف الاقصاء ـ مثلما اسلفنا القول ـ مما دفع العديد من الكوادر والمستقلين من اللجنة المركزية المنتخبة مؤخرا إلى أن يحرروا بيانهم الصادر في 17 يونيو 2012م الذي عبروا فيه عن مواقفهم وآرائهم الحريصة على وحدة (المنبر التقدمي) وتماسكه بوحدة نسيجه وترسيخ تاريخه وتعزيز نضالاته وتضحياته.. حسبما طالبوا من خلال هذا البيان (اللجنة المركزية والمكتب السياسي لـ "المنبر التقدمي") بالالتزام بقرارات المؤتمر العام السادس وبالاخص ورقة المراجعة النقدية.. حينما يسترسل البيان كذلك "كنا نطمح إلى أن تكون قيادة المنبر قيادة توافقية تتمثل فيها وجهات النظر كافة، الحريصة على وحدة المنبر المستقل، إلا ان المداولات والمناقشات لتشكيل "مكتب سياسي" متعدد الآراء وبمشاركة جميع الأطراف واجهت عقبات، الأمر الذي دفعنا إلى الانسحاب من اللجنة المركزية".
الجدير بالإشارة أنه حينما تطرقنا سلفا بالقول ان أولئك الاقصائيين والمتشددين افتقدوا الحصانة المبدئية والصيانة الفكرية.. فإن أعضاء "المنبر الديمقراطي التقدمي" يفخرون بإنجازات أولئك المناضلين الحقيقيين "كوادر المنبر الديمقراطي التقدمي" والمكتسبات السياسية والمبدئية والجماهيرية التي حققوها لـ "المنبر والشعب البحريني" على حد سواء وفي مقدمتها: مبادرة المنبر التقدمي "الوطنية والتاريخية والمبدئية" التي حملت في جوهرها حلحلة الأوضاع السياسية في مملكة البحرين، ومحاربة التشرذم والانقسامات والنعرات الطائفية والمذهبية والطائفيين والمذهبيين، ومكافحة مظاهر الفساد والبيروقراطية والمحسوبية والمنسوبية والمفسدين والمتنفذين، والسعي إلى بناء الوحدة الوطنية وتماسك اللحمة المجتمعية، والذود عن مؤسسات المجتمع المدني، وترسيخ المشاركة الشعبية الحقيقية والفعلية، من أجل رفع سقف الحريات العامة وتوسيع رقعة الديمقراطية.. حسبما تجلت هذه (الكوادر الوطنية المبدئية الملتزمة) بالضريبة الوطنية التاريخية الكبرى بنضالاتها الرائعة في صفوف جبهة التحرير الوطني البحرانية في الزمن الصعب وطوال عقود من الزمان.. مثلما تأسس وأقيم صرح (المنبر الديمقراطي التقدمي) ومرتكزاته، الذراع لـ "جبهة التحرير" على كواهلها وأكتافها واستنارة عقولها ونضج أفكارها التي وضع أصحابها التمايز ما بين ما هو (مبدئي وما هو سياسي) وعدم خلط الأوراق السياسية بالمواقف المبدئية.. الأمر الذي تميزت به هذه الرموز الوطنية الملتزمة والمبدئية المناضلة.. إنها لا تساوم على مبادئها على الإطلاق.