الجريدة اليومية الأولى في البحرين


راصد


فساد الغاز

تاريخ النشر : الاثنين ٢ يوليو ٢٠١٢

جمال زويد



خدعونا منذ نعومة أظفارنا بما أسموه دول المواجهة مع العدو الصهيوني, ثم أطلقوا عليها دول الممانعة, دول خط الدفاع الأول عن الأمة العربية والإسلامية. كانوا يعنون بها الدول التي تحيط بالكيان الغاصب لأرض فلسطين الحبيبة. جميع الدول العربية وعلى الأخص دول الخليج العربي كانت تتعامل مع تلك الدول على أساس دعمها وإمدادها باحتياجاتها ونواقصها حتى تقوى على المواجهة والصمود في الممانعة قبل أن تكتشف هذه الدول (شعوبها) أن هذا المصطلح, مصطلح دول المواجهة أو الممانعة تحوّل إلى وسيلة ابتزاز وفتح أبواب للفساد والسرقات لا حصر لها, وأن غالب تلك المساعدات إنما كانت تصبّ في حسابات بنكية لمجموعة من الحرامية والنصابين, وأن شعوب وجيوش تلك الدول مهترئة و(حالتها حالة) تأكل (الزلط) من شدّة الحاجة والفقر.
مع الوقت, وبقدرة قادر تحوّلت تلك الدول من دول مواجهة وممانعة إلى دول حماية لدولة الصهاينة حتى صارت حدودها معها من أكثر حدود العالم أمناً وتحصيناً!! في صورة فضائحية هي أقرب إلى الصدمة والخيانة وما شابهها من ألفاظ مهما خففناها فإنها لن توفي حق مقدساتنا وأراضينا الإسلامية المغتصبة.
لم تكتف هذه الدول بذلك – أعني بالدول أنظمتها وسلطتها الحاكمة – وإنما باشرت في أعمال خيانة للعهود وتخلّي عن الفلسطينيين, بل ومحاربتهم, وكلنا يعرف أن أشدّ المحاصِرين لقطاع غزة هو النظام المصري المأفول, وهنالك مقولة مشهورة للسيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري الأسبق في شهر فبراير عام 2008م في أحلك فترات الحصار على غزة, حيث قال: «مين يعبر لينا من رفح سنكسر رجله»!!
أخيراً, وليس آخراً ظهرت في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011م فضيحة قاسية جداً, مصيبة من العيار الثقيل تتعلق باتفاقية مشؤومة لتزويد الكيان الصهيوني بالغاز المصري اعتباراً من عام 2005م تقضي بتصدير (1,7) مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي. وذلك في الوقت الذي كان يئن فيه قطاع غزة من نقص إمدادات الغاز وبالتالي انقطاع الكهرباء، وتابع العالم كلّه مشاهد مستشفيات ومدارس وجامعات وأحياء غارقة في الظلام بكاملها في غزة, لأنها بلا كهرباء بينما اسرائيل تحصل على ما يفوق الـ (40%) من احتياجاتها من إحدى الدول التي حسبناها في حالة حرب ومواجهة معها!!
خيانة القضية الفلسطينية وخيانة الشرف والأمانة والإساءة للثروات والموارد المصرية لم تقف عند هذا الحد, بل ستستغربون إذا عرفتم أن الغاز المصري كان يُباع للصهاينة بثمن بخس، ببلاش, كانوا يبيعونه بأقل من سعر كُلفة إنتاجه!! كان يُباع بثمن يتراوح بين (70) سنتا و(1,5) دولار للمليون وحدة حراري بينما يصل سعر التكلفة (2,65) دولار!!
يوم الخميس الماضي أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكما بالسجن (15) عامًا لكل من سامح فهمي، وزير البترول الأسبق، ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، وتغريمهم متضامنين (2) مليار و(300) مليون و(319) ألفا و(675) دولارا أمريكيا، ورد مبلغ (499) مليونا و(826) ألفا و(998) دولارا و(50) سنتا، بعدما وجهت لهم تهم الإضرار بمصلحة البلاد، وإهدار المال العام، وتمكين الغير من تحقيق منافع مالية، وذلك لقيامهم ببيع وتصدير الغاز المصري للعدو الصهيوني المحتل بسعر لا يتفق مع الأسعار العالمية وقت التعاقد!! مما أضر بالمال العام بمبلغ (715) مليون دولار, يمثل قيمة الفارق بين السعر الذي تم به بيع الغاز الطبيعي المصري لإسرائيل والأسعار العالمية السائدة في ذلك الوقت!!
أما سوريا, دولة المواجهة والممانعة؛ فيكفيها خزياً وشناراً أنها وجّهت قوتها وجبروت جيشها الى أهلنا وإخواننا في سوريا, وارتكبت مذابح ومجازر صار حتى تلفزيون دولة العدو الصهيوني يعرضها في قنواته!! لعلّ أسوأها ما عرضته إحدى القنوات الصهيونية لمجموعة من الجنود السوريين يتناوبون على اغتصاب امرأة سورية وهي معصوبة العينين. حسبي الله ونعم الوكيل.. ما لنا غيرك يا الله.
سانحة:
فضيحة تزويد الكيان الصهيوني بالغاز المصري تعيد إلى الأذهان أهمية أن تكون ثروات الأوطان وخيراتها ومقدّراتها حقا عاما وليست ملكاً خاصاً.