مقالات
اندماج المصارف
تاريخ النشر : الثلاثاء ٣ يوليو ٢٠١٢
لشهور عدة تبلور اتجاه عند الأجهزة المنظّمة للمصارف في البحرين يرغب في تدشين مرحلة جديدة بأوضاع تلك المصارف. فبعد الكثرة والكمية أصبحت المنامة تريد أن ترى جودة وكفاءة وتميزا في أداء بيوت المال بالعاصمة المالية للشرق الأوسط. وهذا اتجاه لا يكتفي برؤية مؤسسات مالية أكثر تفتحا مقرات لها هنا. بات مطلوباً إيلاء مستوى النشاط المالي والمصرفي عناية أكبر. أو اتباع القول السائر بأن من الأفضل أقل، شرط أن يكون أحسن.
وبعد اندماج البنك البحريني السعودي بمصرف السلام - البحرين، شهدت نهاية الأسبوع الماضي موافقة مصارف كابيفست وإيلاف وبيت إدارة المال، وهي بنوك إسلامية استثمارية ومقراتها بالبحرين، على الاندماج فيما بينها. وتضمن الإعلان جرداً لفوائد متوخاة لكل من الطرفين.
تاريخياً يأخذ صيارفة الإسلام على بنوك أجنبية عملت بالبحرين سابقاً أمرين: الأول أنها اتبعت تقليد تجميع أموال استثمارات وترحيلها إلى الغرب لأسباب عدة منها الاعتقاد بوجود فرص بأسواق ناضجة هناك ولا يوجد مثيلها محلياً. والثاني أن تلك المصارف لم تستثمر في الخليج في مشاريع تحتاجها بلدانه. والعكس صحيح فالبنوك الإسلامية لم تقصر عملها على الاستفادة من رساميل تراكمت لدى أفراد ومؤسسات مالية لتستثمرها في الخارج. بل فتشت عن فرص محلية، وجعلت ذلك على رأس أولويات عملها. وأعطت اهتماماً كبيراً للاستثمار في منطقة الخليج وبينها البحرين. وقد أنفقت مصارف إسلامية وأخرى محلية، مثلاً، مالاً كثيراً على العقار، دون الاقتصار عليه. وهي مستمرة في التفتيش عن أية فرص محلية.
وحيث أن حكومات الخليج قد جلبت العالم كله إلى مناطقها وتبنت قوانين دولية للسوق المحلي ورأت في العولمة فرصاً أكثر منها مصدراً لمشاكل وأزمات فلم يكن ليتأتى لها أن تطلب من مصارفها، كما من مؤسساتها الأخرى، أن تخفف من التزامها بمعايير تقل عن مستويات دولية.
ومثل كثير من أشياء، ومكونات، فهناك المحلي وهناك الإقليمي وهناك العالمي. ومنطقة الخليج وكل دولة على انفراد ومجتمعة تزداد اندماجاً بالسوق العالمي وتطبق مقاييس دولية، وتعمل حسب مواصفات وعلى ضوء مؤشرات عالمية.
وبين كل ذلك تأتي البنوك. فبت بالكاد تعثر على بنك محلي، يرضى بالعمل حسب جغرافيا الدولة المنفردة. وانتشرت المصارف والمؤسسات المالية في المنامة وهي إما ذات منشأ محلي أو إقليمي (ضمن نطاق دول مجلس التعاون) والأقل منها يسعى للدخول إلى الساحة الإقليمية متسربلاً بعباءة المقاييس العالمية.
ولن تتمكن المصارف الإقليمية أو المحلية أن تستمر بحجمها المحدود، ولذلك فمن المطلوب والمتوقع بروز مقاربات بين المصارف لتستفيد من اقتصاد الحجم الأكبر وأن تدخل مقاييس الكيف بدل الاقتصار على الكم.
والطريق في أوله، ويحتاج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمصارف ذات خبرة وأفق دوليين وكفاءة وتنافسية، وكلمات السر هي: (الاستحواذ) و(الاندماج) في كتل أكبر، وأن (البقاء للأصلح).