في الصميم
نقول ولا نفعل.. كارثة!!
تاريخ النشر : الثلاثاء ٣ يوليو ٢٠١٢
لطفي نصر
طوال المراحل التي مررت بها في حياتي أجد نفسي كارها على طول الخط لما يطلق عليه بـ "الازدواجية" وأقصد بها ازدواجية المواقف.. هذه الازدواجية وأخواتها وأقصد بأخواتها بالضرورة.. اللعب على الحبلين.. والكيل بمكيالين.. والقدرة على الإتيان بالقول ونقيضه.. وأن نظهر غير ما نبطن.. الخ.
أحد مظاهر هذه الازدواجية في المواقف والأفعال.. عندما نسمع أقوالا مقتضاها تشجيع الشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.. هذا التشجيع الذي ينتهي مفعوله عند مجرد ترديده بالقول وليس بالفعل على أرض الواقع.
أتيحت لي الفرصة.. بل الفرص.. لحضور افتتاح أو تدشين مشاريع وشركات صغيرة ومتوسطة أو كبيرة وعملاقة.. وكثيرون مثلي أتيحت لهم هذه الفرصة.. وبكل تأكيد قد لمسوا بأنفسهم حضور الجموع الغفيرة وكبار الشخصيات والمسئولين عند افتتاح المشاريع الكبيرة.. أو أي مشاريع تنتمي إلى الكبار وعلية القوم.. بينما عند افتتاح أو تدشين المشاريع الصغيرة أو المتوسطة لابد أن تجد حضورا هزيلا من الجميع.. حتى ولو كان من يفتتح أو يقص الشريط شخصية كبيرة.. وفي الحالة الأولى نجد الصحافة ووسائل الإعلام تفسح صفحاتها أو برامجها لهذه المشاريع الكبيرة.. ثم تدير ظهرها للمشاريع الصغيرة.. مع أن رجال الاقتصاد يقولون: إن المشاريع الصغيرة هي النواة الحقيقية للمشاريع الكبرى التي تكتب لها الديمومة.
فبالله عليكم.. هل هذا يرضي أحدا؟.. وهل توافقون على هذه الازدواجية في المواقف والأفعال.. وهي التي - أي بسبب هذه المواقف المؤسفة- تتساقط الشركات الصغيرة والمتوسطة من حولنا كما تتساقط أوراق الخريف.. إذن القرار هو أنه لن ينطلي علينا بعد الآن القول بأن الدولة تشجع المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
لقد سيطرت عليّ هذه المشاعر وأنا أحضر افتتاح مشروع صغير منذ أيام على ضوء دعوة وجهت إليّ فوجدت نفسي شديد الحماس لتلبيتها.. وكما وجهت الدعوة إليّ فقد وجهت إلى غيري أيضا، ولكن..!
بقيت كلمة بسيطة أجد واجبا عليّ قولها بأمانة وهي أنه لا أحد يلبي الدعوات في افتتاح الشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة قدر ما يلبيها وبشكل ملحوظ الدكتور حسن فخرو وزير الصناعة والتجارة.. فالكثيرون يعرفون عنه ويحفظون له هذه المواقف الوطنية الطيبة.. وقد أختلف مع الدكتور فخرو في بعض الأمور.. ولكن كلمة الحق يجب أن تقال.. وبقي أن هذا الموقف يظل منفذا للأمل نحو تصحيح الأمور والأوضاع.
}}}
لو كان هذا الأمر المؤسف قد حدث مع شخص آخر غير شخص السيد عبدالرزاق حسن القاسم.. لترددت بين التصديق والتكذيب.. ولكني قد اقتربت منه منذ بداية حياته موظفا صغيرا في قطاع المصارف بعد عودته من دراسته الجامعية.. أحد هؤلاء الذين حاولوا أن يهينونه ويهينون هذا الوطن واقتصاده من خلاله قد دمغوا أنفسهم بالكذب والتلفيق المقيت والبهتان وأغرقوا أنفسهم في مستنقعاتها.
عبدالرزاق القاسم ليس مجرد شخصية اقتصادية مالية فذة فحسب.. بل إنه إنسان على خلق.. محب لوطنه.. يقول ما عنده بشكل مفتوح في شجاعة يحسده عليها الآخرون.. ولو كان عنده أمر سالب يراه عن اقتصاد وطنه لما تردد في التصريح به لوسائل الإعلام علنا ومباشرة.. وباختصار إنه ليس من النوع الذي يسرّب شيئا غير مستحب عن وطنه أو عن اقتصاده إلى أي جهة. كما أنه ليس من النوع الذي يقول شيئا بملء إرادته ثم يعتذر عنه أو ينكره مهما كانت الأمور.
ولكنها الحقيقة المؤلمة.. والدامغة للقلب.. ألا وهي أننا أمام من أدمنوا الكذب والتلفيق واتخذوه طريقا لإيذاء الوطن وتشويهه والنيل من سمعته.. فقد بدأوا بكذبة بسيطة ثم صدقوها فأخذوا يكذبون بقوة وبكل ما أوتوا من غدر وخبث ودهاء إلى درجة إقحام الأبرياء من أمثال عبدالرزاق القاسم أو غيره في هذا النشاط المدمر.. وهو الذي أكد أنه لم يدل بأي حديث أو تصريح لأحد.. ولكنهم الآثمون الذين لا يتورعون عن ضرب الجميع بعضهم بعضا.. حتى طالت آثامهم العلائلات الكبيرة والمرموقة.. فماذا بعد؟!
}}}
بالأمس جمع السيد عبدالرحمن الجواهري رئيس شركة البتروكيماويات رجال الصحافة والإعلام على مأدبة غداء تكريمية.. وكنا نعتقد أنها دعوة من أجل حضور تدشين كتاب صدر عن هذه الشركة الخليجية العملاقة.. ولكن الصحفيين والإعلاميين قد اكتشفوا للوهلة الأولى أنها جاءت خصيصا لتكريمهم.. وكل ذلك من خلال حسن الاستقبال والترحيب وكلمته الودودة والعفوية إليهم.. وقد شكر فيها غير المتعاونين مع الشركة قبل المتعاونين.. وجاءت- كما قال - ليعبر عن شكره وإعجابه بمواقف رجال الصحافة والإعلام مع الوطن وقضاياه، وخاصة إبان الأحداث المؤسفة التي مر بها الجميع وإلى غير رجعة بإذن الله.