الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات

سير الزمان وذكريات من الماضي
مقتطفات من سجلات الصحة

تاريخ النشر : الجمعة ٦ يوليو ٢٠١٢



الذي يمر اليوم من قرب القاعدة البحرية لقوة خفر السواحل البحرية ربما يجهل ان هذا الموقع الذي هو في الأصل قلعة أو جزيرة بوماهر ارتبط اسمها في يوم من الايام أو من خلال تلك السنين الماضية بحقائق تاريخية، وخصوصا في أيام حاكم البحرين (الرابع) المرحوم بإذن الله الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة، ولقد سبق لي أن كتبت عن هذه الجزيرة التاريخية بصورة تفصيلية، وذلك في أحد مؤلفاتي خصوصا منذ عهد الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة حتى العهد الذي خصصت فيه هذه الجزيرة لايواء مرضى الجدري. كان يفصل جزيرة بوماهر عن حالة بو ماهر بحر عميق (اثناء المد) وبمسافة بسيطة وقد استأجرت السلطات الصحية ربما في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي هذه الجزيرة بعد أن خصصتها لعلاج مرضى الجدري - كما ذكرت - كما عينت لها في نفس الوقت حارسا مقيما فيها وقد شيد له بيت ولعائلته من سقف النخيل (برستي)، كانت أرضها خصبة جدا وقابلة لزرع أي نوع من الثمار لذلك فقد استغل المرحوم بإذن الله علي حسن (حرس الجزيرة) طبيعة الأرض وبدأ بزرع الكثير من الخضراوات والفواكة مثل اللوز، الكنار، البمبر وغيره.
ومن الحوادث أو القصص التي مازلت اذكرها انه حصل في عام 1951 تقريبا ان السلطات الصحية وبالتعاون مع شرطة حكومة البحرين اقتادوا عددا كبيرا من الصوماليين الذين تفشت بينهم بعض الأمراض المعديه حيث اسكنوهم في هذه الجزيرة تهيئة لتسفيرهم بعد أن يتم علاجهم، وقد صادف - في اثناء اقامتهم - أن رافقت المرحوم بإذن الله ابراهيم عبدالله المحميد - الرئيس الاداري لمستشفى فكتوريا التذكاري لزيارة هؤلاء الصوماليين في الجزيرة.
لقد ذهبنا إليهم عن طريق (لنج) الصحة حتى وصلنا الى المرسى الصغير الخاص بالجزيرة، علما أنه في حالة الجزر يمكن أن تصل إليها مشيا على الأقدام، وذلك من حالة بوماهر، أقول ما أن وصلنا الى مقابلتهم حتى ثاروا في وجهنا وكان الشرر يتطاير من عيونهم، كانت لديهم مطالب كثيرة. بصراحة، أنا عندما لاحظت ذلك الموقف (تركت) ابراهيم المحميد وجريت بسرعة نحو اللنج وتمنيت حينئذ لو أعرف السباحة لوصلت أرض حالة بوماهر قبل اللنج خصوصا ان البحر في تلك الساعة كان هائجا مع رياح قوية وشديدة ينذر بدخوله الجزيرة. قلت للسيد ابراهيم المحميد عندما ركبنا اللنج سامحني، القضية في هذا الموقف ما فيها شجاعة أمام أكثر من عشرين صوماليا غاضبين وثائرين في وجوهنا، هذا وبعد مضي فترة قصيرة من الزمن تم ترحليهم خارج البحرين بواسطة إحدى البواخر.
ومنذ ذلك الوقت أو تلك الحادثة ما «طبيت» جزيرة بوماهر. وهكذا أصبح هذا الموقع اليوم من أجمل القواعد البحرية التابعة لوزارة الداخلية بعد أن وصلته يد التطوير والتغيير الجذري حتى لامس ابراجها الشاهقة القديمة لتحكي لنا أياما مضت من تاريخ البحرين القديم.