الجريدة اليومية الأولى في البحرين


عربية ودولية


مدنية الدولة والتوافق أبرز التحديات المطروحة على رئيس مصر

تاريخ النشر : الجمعة ٦ يوليو ٢٠١٢



القاهرة ـ الوكالات: قال محللون سياسيون ان اعلاء قيمة الدولة المدنية والسعي إلى التوافق مع باقي القوى السياسية يشكلان ابرز التحديات المطروحة حاليا على الرئيس المصري الجديد محمد مرسي القادم من صفوف الاخوان المسلمين.
ولاحظ كمال المنوفي استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة خلال ندوة "التحديات التي تواجه الرئيس المنتخب" التي نظمها الاربعاء بالقاهرة المجلس الوطني لدراسات الشرق الاوسط، ان "خطاب الرئيس وعمله يجب ان يؤكدا صدقا على الدولة المدنية وفحواها دولة ديمقراطية حديثة، لا دولة ثيوقراطية ولا دولة عسكرية، بل دولة المواطنة والمؤسسات وحكم القانون واستقلال القضاء، دولة الحقوق والحريات العامة".
وكان تنامي حضور الاسلاميين في المشهد السياسي المصري الذي توجه وصول محمد مرسي، القيادي السابق في الاخوان المسلمين، إلى الرئاسة، اثار مخاوف شريحة واسعة من المواطنين وتوجسا لدى قوى سياسية وحقوقية من التراجع عن قيم الدولة المدنية العريقة في مصر والتي تعود إلى عهد محمد علي باشا الذي حكم مصر بين 5081 و8481.
ويثير سلفيون جدلا في الساحة السياسية المصرية حول المادة الثانية من دستور 1791 حيث يطالبون باستبدال لفظ "مبادئ الشريعة" الواردة فيها بعبارة "احكام الشريعة". وتنص المادة الثانية على ان "الاسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع".
وفي هذا السياق قال ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية في مقابلة نشرتها الخميس صحيفة الاهرام الحكومية ان "فصل الدين عن السياسة مرفوض تماما لانه يتنافى مع عقيدتنا فالاسلام دين شامل لكل نواحي الحياة والضمان الاساسي لكل اصحاب الشرائع هو تطبيق الشريعة وعندما يأخذون حقهم دينيا وشرعيا افضل من ان يأخذوه سياسيا".
وبحسب المحلل عبدالمنعم سعيد الرئيس السابق لمجلس ادارة مؤسسة الاهرام والعضو السابق بمجلس الشورى فان "الاحكام هي اجتهادات فقهية نسبية متغيرة بتغير الأزمنة والأمكنة وهي غير المبادئ او المقاصد القطعية الدلالة الواردة في القرآن".
واضاف سعيد استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، ان لفظ مدنية في توصيف الدولة جاء كـ "حل عبقري" لمواءمة مفهوم وارد من بيئة الغرب الاوروبي مع الواقع العربي الاسلامي. واوضح "ان لفظ المدنية بمعناه عندنا تقابله في الغرب كلمة علمانية بمعنى ضد الفكر الديني والثقافة الدينية وضد ان يكون للدولة دين، وجاء كحل عبقري في البلاد العربية لمسألة ان الدولة عندنا لها دين، هو الاسلام".
واشار المنوفي إلى انه توجد اليوم في مصر "طبقة برجوازية ومتوسطة كبيرة وتملك اسسا اقتصادية، عبرت عنها بشكل قوي جدا 03 مدينة جديدة بنيت في السنوات الاخيرة، وهي تملك قيما محافظة لكنها ترفض النقاب والتطرف الديني وتريد الاستقرار والحريات" في إطار دولة مدنية.
وهو يلمح بذلك خصوصا إلى تنامي تحركات ومضايقات في الشارع المصري للفتيات والنساء غير المحجبات كثيرا ما تتهم بالوقوف وراءها تيارات سلفية اثبتت قوتها في الانتخابات التشريعية الاخيرة بحلولها ثانية خلف الاخوان.
وشدد احمد النجار رئيس تحرير التقرير الاقتصادي العربي على انه "لا بد من حسم الجدل حول الشريعة فورا لأنه يعطل الاستثمار بالاعتماد بوضوح لفظ المبادئ وليس الأحكام".
من جهة اخرى أكد المشاركون اهمية ان يركز الرئيس مرسي على التوافق وان يبتعد عن الخطاب الحزبي اذا اراد ان يكون "رئيسا لكل المصريين" كما اعلن.
ولاحظ النجار انه رغم ان خطابات مرسي "كانت ايجابية عموما" الا انه اخطأ في "نقطتين في منتهى الخطورة" برأيه.
واوضح ان اولاهما "قوله ان نجاحه يكلل نضال الاخوان وهذ خطأ حيث إن الكتلة الانتخابية للاخوان لا تزيد عن خمسة ملايين في حين صوت له اكثر من 31 مليونا وهي كتلة الرافضين لعودة النظام السابق، وبالتالي فان نجاحه في الوصول إلى منصبه جاء نتيجة كفاح شعب وينبغي ان ينعكس ذلك في خطاباته وفي تشكيل الفريق الرئاسي والحكومة". وأضاف أن النقطة الثانية هي "حديثه عن الستينات والانقضاض على الديموقراطية، متناسيا ان ذلك تم بسبب تحالف الاخوان مع النظام ضد القوى الحزبية الاخرى وبينها الوفد" حينها.
وكان يشير بذلك إلى خطاب مرسي في ميدان التحرير في 92 يونيو الماضي عشية توليه الرئاسة رسميا. واضاف المنوفي في هذا السياق انه "يجب ان يعتمد في التعيينات السياسية مقياس الكفاءة اي الدراية والدربة والتعويل على شخصيات مستقلة قدر الإمكان وعلى شخصيات مؤمنة تماما بأهداف الثورة" وليس الانتماء الحزبي والموالاة.
واكد انه يتعين على الرئيس الجديد "احترام المعارضة والسعي لمعرفة آرائها وطروحاتها بشأن قضايا الوطن، في المقابل على هذه القوى عدم السعي للإفشال والإفساد". وأضاف أن على الرئيس ان يطرح مشروعه الحزبي "مشروع النهضة على باقي القوى السياسية لتعديله ليصبح مشروع الدولة"، مشيرا إلى ان الظرف في مصر لا يسمح للحزب الفائز بتطبيق برنامجه، وقال "نحن في مرحلة ما بعد ثورة والرئيس بحاجة إلى تكاتف باقي القوى والبلاد بحاجة إلى توافق".
ويسعى مرسي لتشكيل فريق رئاسي وحكومة جديدة اكدت مصادر قريبة منه ان اعضاء الفريق الرئاسي ورئيس الحكومة لن يكونوا من الاخوان.
وحتى على الصعيد الاقتصادي الصرف شدد النجار على اهمية "بناء اقتصاد توافقي من خلال اقامة توافق الحد الادنى بين برنامج حزب الحرية والعدالة وبرامج باقي الاحزاب والقوى التي رفعت مرسي إلى سدة الحكم".
وتطرقت الندوة إلى الكثير من التحديات الاخرى الاقتصادية والاجتماعية التي يتعين على الرئيس مرسي الاهتمام بها لتخفيف التوتر الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية وضمنها اصلاح نظام الاجور والنظام البنكي والبورصة والقطاع الزراعي والضمان الاجتماعي وتنمية سيناء وتفعيل الامن وسيادة القانون.