الرياضة
التواضع والكبرياء
تاريخ النشر : السبت ٧ يوليو ٢٠١٢
التواضع (بساطة الخلق) صفة حميدة مقبولة ومحببة عند كل الرياضيين، والكبرياء (الغرور والتعالي) صفة مذمومة ولا موطئ قدم لها في فضاء الرياضة الرحب وردائه الأبيض، والاختيار بين الأبيض الناصع والأسود القاتم لك أيها الرياضي أيا كان موقعك لاعبا أو مديرا، مدربا، أمينا للسر، عضوا، مشرفا، مراقبا، نائبا، رئيسا أو مسئولا، وأحدهما حتما سيتلبّس شخصيتك بمحض إرادتك وبرضاك وبكامل قواك العقلية وحريتك الشخصية التي لا تؤثر عليها أو تشوبها أي ضغوطات أو أوامر خارجية، وللعلم فإن الاختيار يكون عادة متاحا لصفة واحدة منهما فقط وأنت من يحدد، فهاتين الصفتين لا تجتمعان في شخص واحد على الإطلاق ولا حتى عن طريق الصدفة والمراوغة أو بالغش والمراءاة اللتين تفضحان فاعلهما مهما حاول خداع الآخرين والتظاهر بما ليس هو فيه من الأصل.
وقد يبدأ وقت الاختيار ورسم الشخصية مبكرا عند البعض حيث الخطوات الأولى للمشوار وبداية تشكل الشخصية الرياضية، إلا أنه في ذات الوقت من الطبيعي أن يتأخر الاختيار قليلا أو يتأجل بعض الشيء إلى مراحل عمرية متقدمة عند الآخرين فتكون تأثيراته أما إيجابا إن كان أبيض أو سلبا إن كان أسود وبنسب متفاوتة وبحسب هوى النفس واختيارها وقوة حسنها أو تمردها، ولكن الشيء المؤكد والقاطع كحد السيف أنه في كلتا الحالتين يتوقف النجاح على دقة الاختيار التي تنتهي بالمرء إما في مرآة الحقيقة وأمام ارتياح وإعجاب ورضا الآخرين وإما في انعكاسات بؤسهم وسخطهم وتذمرهم الشديد من فاقد الروح الرياضية التي ينشدونها ويتغني بها جميع الرياضيين وهو معهم يصدح بها ليلا ونهارا في الملاعب وفي المنشآت الرياضية وفي مكاتب المؤسسات التابعة لها.
ويبقى التأثير أنواعا وأحجاما، فإن كان خاصا بمجرد لاعب هاو في إحدى الفرق أو المنتخبات الرياضية فسينال الخير الوفير لنفسه إن هو اختار الطريق الصحيح حيث التواضع والصفات الحميدة طيلة مشواره الرياضي، وأما في حال اختياره للكبرياء والغرور المفرط فسيكون نصيبه النهاية السوداء المبكرة والتي بدورها تترك تأثيرها المباشر على الفريق الذي يلعب له ولو بشكل بسيط بعدما يلزم الأمر تعويضه بآخر أفضل منه ورميه خارج سجل تاريخ الفريق، وكلنا نؤمن بالحكمة التي تقول "الغرور مقبرة اللاعب" ولا أحد يعترض على هذه المقولة أو يفندها لفرط صدقها، وأما إذا توقف الأمر على رياضي مسئول وفي موقع حساس وبدأ مغرورا ومتكبرا منذ خطواته الأولى أو تغيرت معاملته بعد حين من العمل الجيد والمشوار المعقول وذلك نتيجة لكثرة تسليط الأضواء الصحفية والإعلامية الساطعة عليه فهنا المصيبة تكون أعظم وأشمل وأعم وأما الخسارة فهي فادحة وكارثية، ففي الرياضة يا سادة ويا كرام لا مجال لـ "الكشخة" ولا النفخة المعتادة في البروتوكولات البعيدة عن أجواء الرياضة ولا مجال لاختيار الكبرياء الذي لا يتناسب مع الرياضي وروحه الطيبة، وعلى كل اللاعبين والرياضيين مهما وصلوا إلى مستويات فنية عالية أو تدرجوا في مناصبهم ومسئولياتهم ووصلوا إلى مراتب عالية الابتعاد عن آفة الكبرياء واختيار صفة التواضع الجميلة منهجا وشريكا في الحياة الرياضية ولتكن الحافظ والمغذي الطيب، ولنا في الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة الشخصية الرياضية التي أقامت الوسط الرياضي ولم تقعده وتدرجت في مؤسساته لعدة مناصب حساسة والشخصية الأكثر شهرة ومتابعة صحفية وإعلامية أسوة حسنة، وكلما مرت به الأيام ومضي به العمر وتكالبت عليه الأضواء الإعلامية تلألأ أكثر كالذهب وزاد تواضعا وحسن تعامل مع أصغر الرياضيين.
سألني الناس
ما الفرق بين الكتابة المعقولة واللا معقولة في الرياضة؟
أجبتهم:
مثل الواقع والوهم، فالمعقول يكتب بالعقل واللامعقول يكتب بهوى القلب.