الجريدة اليومية الأولى في البحرين


الرياضة

تحليل طريق الرفاع نحو بطولة الدوري العاشرة:
عودة المخضرمين والالتفاف الجماهيري بوابة العودة لمنصة الإنجاز

تاريخ النشر : السبت ٧ يوليو ٢٠١٢



تتبع مسيرة الرفاع في الموسم الماضي يكشف عن مدى الاستعدادات الجادة التي اتخذتها إدارة الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة في سبيل إيجاد مساحة واسعة من الحلول المطروحة لتوفير بيئة خصبة للإنجازات أمام الفريق الأول لكرة القدم العائد بقوة إلى ساحة المنافسة على بطولات الدوري المحلي بعد آخر بطولة حققها الفريق في 2006، ولو بدأنا الحديث من الوراء سنجد أن إدارة نادي الرفاع لم تأل جهدا في دعم قطاع الفئات العمرية بالنادي وإعدادها الدائم للجيل الكروي المستقبلي من أجل النهوض بقطاع كرة القدم وزيادة الإنتاجية من اللاعبين الصغار، وقد وجدنا انعكاسات هذا الدعم على مجموعة من الأسماء التي برزت في فريق الكرة الأول في ظل وجود كوكبة من شباب النادي المتخرّجين من الفئات العمرية، ويأتي هذا التوجه ضمن سلسلة الحلول المبتكرة المستندة إلى واقع العلوم الحديثة في الاعتناء بقطاع الفئات كونه الطريق المثالي لإيجاد جيل خلاق قادر على العطاء والمنافسة في المستقبل، وقد نجحت إدارة نادي الرفاع فعليا في ترجمة هذه التوجهات إلى واقع ملموس أتى بثماره الجنيّة في مرحلة الحصاد.
كيف جاءت العاشرة؟
لو طرحنا السؤال التالي:كيف جاءت بطولة الدوري العاشرة في تاريخ نادي الرفاع ومن أين يمكننا الحصول على الكم المعلوماتي الخاص بإنجاز النجمة العاشرة؟ الجواب يقول: إدارة نادي الرفاع قبل بداية الموسم وضعت نصب عينها أهدافا عريضة للتخطيط نحو عودة الفريق الأول إلى دائرة المنافسة وبقوة على الألقاب الكروية، وفي حقيقة الأمر لم يكن هذا العمل وليد موسم واحد فقط وإنما هو نتاج عمل تراكمي وتضحية وجهد جبّار يحسب للمسئولين في النادي، والإنجاز الذي تحقق كان الواقع المحتوم حدوثه وخصوصا أن إدارة نادي الرفاع سعت بكامل قوتها نحو توجيه الجهود وتكريسها للدفع بأداء الفريق السماوي نحو منصة الإنجاز.
وفيما يخص العوامل المرتبطة بذلك فهي وللأمانة كثيرة نلخصها على وجه السرعة في الاستقرار الإداري وضخ الدماء الجديدة في الفريق من الأسماء المحترفة الفاعلة إضافة إلى عودة اللاعبين المخضرمين إلى صفوف النادي بعد غياب طويل سواء للتوقف أو للاحتراف الخارجي، مع عمل ومجهود لافتين من قبل لجنة جماهير النادي ومؤازرتها في كل لقاء ومحفل للاعبين وتكوين دعم لوجستي حقيقي ينم عن إيمان ويقين تامين بأن الوجود المستمر وتشجيع اللاعبين من شأنهما قيادة الفريق إلى برّ الأمان والرغبة في كسب الرهان، ولا ننسى أن نشير إلى أن فريق الرفاع وضع ثقته قبل بداية الموسم في ابن النادي مرجان عيد كأول مهمة رسمية له بعد نهاية عمله في المنتخبات الوطنية للإشراف على قيادة الفريق وقد نجح في خططه الفكرية وأساليب عمله في إيصال ناديه الأم إلى النجمة العاشرة.
الاستقرار الإداري.
روح المجموعة
الاستقرار الإداري في نادي الرفاع كان الطريق الأول والعامل الرئيس في سلسلة العوامل التي أسهمت وصبّت في الهدف المطلوب وهو تحقيق بطولة الدوري المحلي في الموسم الفائت، وكان هو الفيصل في الرهان على قدرة لاعبي الرفاع على ترجمة تطلعات وآمال مجلس الإدارة برئاسة عبدالله بن خالد والعودة الميمونة إلى الاستحقاقات المحلية ببلوغ المرحلة النهائية والوصافة في بطولة كأس جلالة الملك ومن ثم التحليق بدرع دوري الدرجة الأولى لدوري فيفا في أولى دوراته.
لن نقوم بعدّ مجموعة الأسماء التي أسهمت في إنجاز الرفاع حتى لا ننسى البعض منهم فالجميع سواء من يعملون في العلن أو السرّ كانوا بحق جنودا مجندة نحو الهدف الأساس، ورغبتهم في الإنجاز ووضع أسمائهم في السجلات الذهبية للنادي قادتهم إلى السعي الحثيث والمثابرة على إعادة كتابة التاريخ الكروي بالتتويج ببطولة الدوري بعد غياب 6 سنوات كاملة عن معانقة الدرع واحتكار المحرق للقب في خمس مناسبات والأهلي في مناسبة واحدة.
أسلوب المداورة.. الحل
لتوظيف كوكبة النجوم
لا أتوقع أن يشك واحد منّا في أن الرفاع كان أكثر الفرق المحلية التي تضم في قوائمها نجوما بارزة يصعب التمييز بينهم في موسم شاق وطويل اعتمد فيه الجهاز الفني بقيادة مرجان عيد على أسلوب المداورة كحل لتوظيف كوكبة النجوم والأسماء اللامعة، كانت عودة اللاعبين المخضرمين هي السلاح الفعّال والناجع بالنسبة إلى الجهاز الفني في نادي الرفاع وقد دبّت الحياة من جديد في عشاق النادي بعد العودة الميمونة لأسماء لم تكن في الحسبان مثل النجم طلال يوسف الذي عاد بعد توقف دام سنتين عن ممارسة لعبة كرة القدم وهو اللاعب الدولي المعروف صاحب الأهداف الفنية الجميلة.
صار لزاما على المدرب مرجان عيد أن يستخدم أسلوبا مبتكرا على غرار الأساليب التدريبية الحديثة التي يستخدمها المدربون العالميون في التغلب على مشكلة وجود النجوم في صفوف فرقها، وأعتقد أن هذا الأسلوب مزج بين خبرة النجوم وحيوية الشباب وكان الطابع الطاغي والغالب على الرفاع هو وجود أسماء دولية لها خبرتها من الطرفين (المخضرمين والشباب) وبالفعل أثمرت تغييرات مرجان عن طفرة في الأداء وحسّ ذهني عال في المجموعة كافة، كنّا نشاهد حسين سلمان وهو الموهبة والاسم البارز في قائمة الاحتياط وكنّا نراه يشارك أحيانا حتى ان المحترفين الأجانب بمن فيهم جون جمبو ومارديك ماردكيان كانا من ضمن الخيارات التي اعتمدها مرجان في فترة من الفترات لتغيير النتيجة، كما هو الحال بالنسبة إلى المخضرم طلال يوسف الذي عاد لصباه كما يقول البعض نتيجة بروزه بشكل لافت جدا وأدائه البطولي في كل مباراة يلعبها السماوي.
المبادرة للاستثمار والعقود الرسمية
الرفاع صار واحدا من الأندية المحلية السبّاقة في تدشين مشاريع الاستثمار للنهوض بواقع الأنشطة الرياضية وكان بالفعل مثالا يحتذى به بعد تفعيله العقود الرسمية مع لاعبيه وجعلهم يلعبون بنظام الاحتراف المصغّر داخل مؤسسة النادي، وهو ما انعكس على عطاء المجموعة بأكملها كون اللاعب يخوض المنافسة وهو مستقر من الناحيتين المادية والمعنوية ولديه الطموح إلى الوصول إلى أهدافه العريضة المنشودة، بادرت إدارة النادي إلى العمل على توفير سيولة ذاتية من الأموال وتوجّهت بالفعل نحو مشاريع الاستثمار الطويلة الأمد حتى ان إدارة عبدالله بن خالد نجحت في الفترة الماضية في توقيع عقد استثماري للأرض التي يملكها النادي لبناء فرع للمدرسة الهندية الشهيرة وبدخل شهري يصل إلى 20 ألف دينار لتغطية النفقات والمصروفات من رواتب وعقود للاعبين والأجهزة الفنية والإدارية.
ولم تقتصر الإدارة على وضع العقود بالنسبة إلى اللاعبين فحسب وإنما اتجهت نحو هيكلة الجانب الإداري وقطاع الإداريين بما يجعلهم أسوة باللاعبين للمساهمة في زيادة فاعلية العمل والنهوض بحركة التطوير في مختلف الجوانب، وكلنا يعرف أن الرفاع يمتلك مجموعة من العاملين في القطاع الإداري مختصة بتكليفات معيّنة لها مردودات إيجابية على صعيد حركة العمل واستمرارها.
مستقبل واعد
لابد في النهاية من الإشارة إلى المستقبل الواعد والطفرة المتوقعة في إدارة نادي الرفاع بعد توجهها للبدء بتطبيق عملية الاحتراف التدريجية التي تعد من المتطلبات الأساسية على وفق القوانين ولوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، كونها الخطة الكبرى والهدف الأسمى بالنسبة إلى إدارة النادي الرامية إلى إحداث نقلة نوعية في صعيد العمل الإداري الرياضي في البحرين.
وعلينا الإشارة إلى أن خروج الأندية البحرينية ومنها نادي الرفاع إلى المشاركة في الاستحقاقات الخارجية يعد مكسبا مهمّا بالنسبة إلينا، واختيار الرفاع للمشاركة مؤخرا في بطولة كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في الموسم المقبل بعد مشاركته السابقة في 2010 هو دليل على حرص إدارة النادي على الوجود في محافل القارة الكبرى، وتشريف الكرة البحرينية بعد أولى المشاركات التي وصل فيها الفريق إلى الدور نصف النهائي متمنين لإدارة نادي الرفاع المحافظة على مكتسباتها العظمى بالتخطيط السليم وتطبيق مفاهيم الإدارة الصحيحة للأنشطة والبرامج الرياضية التي تطرحها في كل موسم رياضي.