الجريدة اليومية الأولى في البحرين


التحقيقات

أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة:
نحن على هاوية الإفلاس

تاريخ النشر : السبت ٧ يوليو ٢٠١٢



منذ بداية الأزمة والشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر تمر بالكثير من المشاكل المادية، منها الذي أغلق أبوابه وأخرى تحارب كي تظل في السوق رغم ما تتكبده من خسائر، وهذه المؤسسات تشكل ما يتراوح بين 70 و80% من إجمالي الاقتصاد، كما أنها تلعب دورا كبيرا في تحقيق القيمة المضافة إلى الاقتصاد الوطني ويمكنها استيعاب كم كبير من العمالة.
ومؤخرا عقدت شركة (ذي فيرم) المنتدى العالمي الخاص لتطوير أعمال الشركات وتطوير أعمال رواد أعمال الشركات مؤتمرا أوضحت خلاله كيفية توجيه طاقة ريادة الأعمال في اقتصاداتنا، وتطوير السوق كمكان لتنمية ريادة الأعمال، وناقش المنتدى ضرورة أن تعتمد الشركات الإقليمية ريادة الأعمال وتحسب المخاطر من أجل إنشاء مشاريع جديدة من خلال الاستفادة من المهارات والخبرات والدراية التي يملكها العاملون لديها، واعتبر المنتدى أنها إحدى الوسائل الرئيسية لتعزيز وتيرة التنمية الاقتصادية والنمو في اقتصادنا.
ولكن ما هي المشاكل التي تقابل رواد الأعمال بمملكة البحرين؟ وما هي طلباتهم من الحكومة للخروج من مأزق الخسائر المتلاحقة التي منيت بها مشاريعهم الصغيرة؟ وهل منهم من استطاع أن يطرق أبوابا جديدة لمشاريع أخرى يحتاج إليها سوق العمل؟ وما هي التجارب التي قامت بها الدول الأخرى ويمكننا أن نستفيد منها؟ وهل يمكن تطبيقها في مملكة البحرين هذا ما تطرقنا إليه خلال السطور التالية.
سيدة الأعمال نعيمة البلوشي صاحبة مركز الجوزاء للرشاقة والتجميل
تقول الكل متضرر فالصالونات أيضا أصابها الركود نظرا لان الناس لم تعد تستطيع التردد على الصالون مثل السابق لتعثرهم ماديا، منذ شهرين لم نغط مصاريفنا، وهى ثابتة لا تتغير والقروض أصبحت أكثر من تحملنا، والمطلوب من الحكومة وتمكين مساعدتنا كمؤسسات صغيرة ومتوسطة قبل أن تغلق أبوابها لان بالفعل الكثيرون فضلوا الخسارة القريبة خيرا من المكسب البعيد، وسمعنا كثيرا عن مساعدات تمكين ولكننا لم نر شيئا ولا نعرف ما هي آليات الاستفادة من المبالغ المرصودة لمساعدة المشاريع الصغيرة، وقد تقدمنا بأوراقنا ولكن لا نعلم مصيرها إلى الآن، الإيجارات مرتفعة والرواتب كبيرة واحتياطي الدخل انتهى ولم يعد له وجود ولا نجد مساعدة فعلية فالكلام الجميل كثير ولكن لا يوجد فعل نهائيا.
هروب المستثمرين
وتقول سيدة الأعمال سهير بوخماس لدينا أكثر من شركة وجميعهم تأثروا بالأزمة الأخيرة، وعلى سبيل المثال لدينا شركة لاستقطاب المستثمرين وكانت أكثر الشركات تأثرا، حيث عزف رجال الأعمال عن الحضور لإقامة مشاريع أو شركات أو أفرع لشركاتهم على ارض مملكة البحرين، نظرا لان الاستثمار يحتاج إلى استقرار وأمان، وعلى الرغم من إن البلاد كانت تعاني قبل الأحداث من الأزمة الاقتصادية التي ألمت بالعالم إلا إن الأحوال كانت أفضل من الآن، إذ كان الخيار الأفضل للدول الأوروبية وجود أمان بالإضافة إلى عدم فرض ضرائب على المشاريع الاستثمارية، أما الآن فقد عزفت العمالة الأجنبية عن الحضور إلى البحرين وأصبحنا نجد صعوبة كبيرة في استقطابهم، وبالتالي امتنع رجال الأعمال أيضا، لأنهم لن يجدوا العمالة التي تحتاج إليها مشاريعهم، بالإضافة إلى الرسوم المبالغ فيها التي يجب عليهم دفعها مقارنة بالدول المجاورة.
وتكمل ولم يتوقف الوضع على قطاع الاستثمار بل تخطاه إلى قطاع السياحة أيضا، إذ كنا نقوم بالتسويق لجذب السياحة من الخارج إلى مملكة البحرين، ومع كل هذه الأزمات نطالب الحكومة بالدعم اللوجستي، وان تكون لدينا جهة محددة تستوعب شكاوى ومشاكل التجار، وتعرضها على الوزارات المختصة كل حسب تخصصه لتذليل تلك الصعاب، كما نريد دعم مادي من الحكومة، وبعض التسهيلات من البنوك لتقديم قروض غير مشروطة وميسرة.
كماليات
فيما تؤكد صاحبة شركة جلوريو لتنظيم الحفلات والمؤتمرات فَي حسنأن مشروعها يصنف ضمن المشاريع المتوسطة، التي تقابلها العديد من المشاكل منذ اندلاع الأحداث، إذ تم إلغاء بعض العقود التي كانت قد تعاقدت عليها قبل 14 فبراير، والتي تختص بإرسال ورد أسبوعيا لقسم الاستقبال بتلك المؤسسات، نظرا لأن الجميع تأثروا بالأوضاع السيئة.
وتضيف قائلة: ولم يتوقف الأمر عند إلغاء العقود بل تخطاه إلى إلغاء الحفلات والمؤتمرات إذ كنا ننظم حفلات الأعراس، وأيضا أصبح الكثيرون يفضلون خفض التكاليف إذ لم يعد لديهم ميزانية لهذه المناسبة، وبالتالي نعتبر من أكثر الشركات التي منيت بخسائر كثيرة لان كل أنشطتنا تعتبر من الكماليات، مما جعلنا نلجأ إلى الاقتراض فأصبحنا مثقلين بالديون، ولدينا مصاريف ثابتة من إيجار ورواتب وكهرباء وخلافة.
وتطالب فَي الحكومة بتعويض أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ماديا نظرا للخسائر الكبيرة التي منيت بها مؤسساتهم نظرا لعدم استطاعتهم استقطاب عملاء جدد وعقود دائمة، كما تتساءل عن جدوى دفع مبلغ 10% من قيمة الإيجار تحت مسمى رسوم البلدية، مطالبة الحكومة بحذفها خاصة في هذه الفترة العصيبة، وإذا كان ولا بد من دفعها فليتم تحديد مبلغ رمزي يتم تحديده للكل دون ربطه بقيمة الإيجار، كما تطالب الجهات المعنية سواء كانت تمكين أو الحكومة بتقديم دعم عيني كدفع الإيجار وعلى وزارة الكهرباء والماء إلغاء متأخرات الكهرباء لان الكثير من الشركات أغلقت أبوابها.
أما سيدة الأعمال الدكتورة هالة جمال فتتحدث عن تأثر بعض أعمالها وتطرح الحلول للخروج من الأزمة فتقول: اعمل في مجال العقارات وهذا المجال تأثر تأثرا شديدا نظرا لان المقاولين والعمال لم يعودوا يلتزمون بإنهاء أعمالهم وأصبحنا بين شقي الرحى هل نستكمل أعمالنا أم نتوقف إلى أن تتضح الصورة، وبالفعل توقف العمل ومنينا بخسارة فادحة في هذا المجال.
وتكمل: وبناء على الأزمات المتتالية قررت أن أخوض مجالا جديدا وهو يخص التعليم الجامعي إذ فكرت في افتتاح جامعة خاصة ونظرا لصعوبة تحقيق هذه الفكرة في البحرين قررت التوجه للخارج لعدم وجود إجراءات، وأيضا لتقديمهم كافة التسهيلات، وبالفعل سرت في إجراءات جامعة مفتوحة ذات شهادة معتمدة ويمكن أن يستفيد منها أبناء البحرين لأنها تعتمد نظام التعليم عن بعد، ولجوئي إلى طرق مجال جديد للعمل جاء انطلاقا من إيماني بضرورة التفكير في البديل.
وتشير سيدة الأعمال الدكتورة هالة جمال إلى أنها تعاني من عدم الموافقة على منحها فيز للعمال لمشروعي مصنع الخليج للمضخات وشركة امجيكو للصناعات الحديدية، تشجيعا لتوظيف العمالة البحرينية، ولكن المشكلة إن البحرينيين يتركون العمل بعد أن يتم تدريبهم الى راتب اكبر وتشكو من أنها لا تعرف كيف تحافظ عليه فهي تقدم له كل المميزات والدورات التدريبية والمرتب الكبير ومع ذلك لا يستقر في العمل، وبالتالي تطالب الدولة بتسهيل حصولهم على الفيز حتى لا تتوقف هذه المؤسسات عن العمل أو تظل تعمل بنصف طاقتها.
دراسة جدوى
ويتحدث نائب رئيس الجمعية السعودية لريادة الأعمال الدكتور سلطان باهبري عن أسباب المشاكل التي تقابل أصحاب المؤسسات الصغيرة قائلا: بعض المشاكل تكون بسبب عدم اعداد دراسة جيدة ومتكاملة قبل البدء في المشروع، وان يكون لدى صاحب المشروع من يرشده في حالة وجود مشاكل كي يستطيع تخطيها، هذا بالإضافة إلى ضرورة تسهيل الإجراءات والقوانين الحكومية التي تراعي أصحاب المشاريع الجديدة وتقديم حوافز ماليه من خلال صناديق إقراض وتمويل أصحاب هذه المشاريع كدفعة لهم للبداية في مشاريعهم الخاصة، ويجب أن نعلم إن المشاريع الجديدة على مستوى العالم نسبة النجاح فيها لا تتعدى 20% ولذلك يجب أن نتعلم كيف نتعامل مع الفشل وان نبدأ من جديد وهذا أفضل من انتظار الوظيفة.
وفي جملة موجزة يقول نائب رئيس شركة "ذا فيرم" منصور حسين الكويليت، المشاريع الجديدة تبنى على فكرة جيدة، وبحث ودراسة جدوى وتمويل مادي، وإذا توافرت هذه الاحتياجات فسوف تكون أفضل لصاحبها من البحث عن العمل الحكومي.
ويروي مستشار ورئيس تماس الأمنية بالمملكة العربية السعودية ومرشد لأحد المشاريع الصغيرة تركي مجد تجربتهم في السعودية لدعم المشاريع الصغيرة فيقول: توجد في السعودية تجربة تحمل اسم (صندوق المئوي) أنشئ منذ عشر سنوات، لمساعدة أصحاب المبادرات من الشباب، فيتقدمون بطلب تمويل مشروع تجاري على أن لا تتجاوز قيمته 200 ألف ريال، ويقدم له الصندوق الدراسة اللازمة والإرشاد ويعين له مرشد صاحب خبرة كانت له تجربة سابقة وناجحة، وحدث إقبال كبير من الشباب الفتيات على هذه التجربة، وهذه التجربة كانت مشتركة بين القطاعين العام والخاص، وأعطى نتائج ايجابية ووسع دائرة الأعمال بالنسبة للشباب، كما يوجد لدينا (حافز) وهو دعم للشباب الغير عاملين، وكنت أتمنى أن يأخذ جزءا من الدعم المادي (للحافز) ويصب لصالح الصندوق كي يستطيع مواصلة تقديم الدعم للمشاريع الصغيرة.
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة "ذي فيرم" عبد الله الصبياني الفكرة الأساسية من ريادة الأعمال هي مساعدة الأفراد العاملين ضمن الشركات الكبيرة والشركات الصغيرة والمتوسطة على فهم أفضل لكيفية زيادة معرفتهم العميقة في الصناعة وفهمهم لفجوات العمل داخل القطاعات التي يعملون فيها لخلق مشاريع وشركات تجارية مربحة وجديدة، وآلية تمكين رائد العمل من استغلال خبراته وتحقيق مشروع مستقل من الممكن أن يقدم قيمة اقتصادية كبيرة، فعلى سبيل المثال لو افترضنا أن هناك 10 شركات كبيرة دعمت نشاطا واحدا فقط لرائد عمل متميز، فإننا بذلك نوجد 10 شركات أخرى توظف المزيد من العمالة وتحقق فرصة مضافة إلى البلد، ومن ابرز العراقيل في هذا الصدد تتمثل في عدم دعم الشركة الأم المالي والفكري، ونقص التمويل، وعلى سبيل المثال فان شركة (ساب) السعودية العالمية التي تصل عوائدها إلى 10 ملايين، كان قد أسسها موظفون تابعون للشركة الأم (حة)، الشركة التي رفضت تمويلهم آنذاك، وهو الأمر الذي يدل على نجاح السياسة المماثلة في إيجاد استثمارات قد تخلف عوائد كبيرة في المستقبل.
وأضاف: احتضنت أسواق الخليج سابقا عددا من أفكار رواد الأعمال الذين اكتسبوا خبرة من الشركات الكبيرة التي كانوا يعملون بها كأرامكو وبابكو على سبيل المثال، وانشأوا بالتالي شركات صغيرة توسعت على مدى الأعوام، إلا أن هذه الآلية اختفت من السوق الاستثماري الخليجي في العهد الحديث، ولاسيما ما شهدته الأسواق من تطور وارتباط بفضل تسارع وسائل الاتصال والمواصلات من جهة وتشعب الدوائر الاستثمارية في الأسواق من جهة أخرى.
10 ملايين دينار
وعن المساعدات التي قدمتها الحكومة بمختلف منافذها وفقا لطلبات أصحاب المشاريع المتضررة يتحدث المستشار الاقتصادي عبدالإله ألقاسمي عن الدعم الذي قدمته الدولة بعدة طرق فيقول: تم دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من قبل الحكومة وذلك بإيقاف الرسوم لفترة عام تقريبا إلى جانب محفظة تمكين التي تبلغ 10 ملايين دينار ومحفظة أخرى من غرفه تجارة وصناعة البحرين بمبلغ 300 ألف دينار، هذا بالإضافة إلى أن الوزارة كانت تتابع ما يصل إليها من مشاكل وتسعى إلى إيجاد الحلول، ونستطيع القول إن الوضع الاقتصادي سيىء في العالم اجمع وهذه الأزمة اكبر تحد ويجب على المؤسسات الصغيرة أن تتعلم كيف تواجه مثل هذه الأزمات، وذلك بتغيير وتنويع أنشطتها حسب تغيرات السوق، وأيضا بخفض التكلفة الأساسية والاستفادة من الأنشطة المطروحة في السوق،و خاصة ان تمكين تساعد في دعم المشاريع الصغيرة، وهناك البنوك المشاركة لتمكين لإعطاء قروض ميسرة.
ويكمل القاسمي قائلا: احد توجهات تمكين تصب في مساعدة المتعثرين ولكن ليس بإعطائهم مبالغ مادية، بل بتقديم المساعدات العينية وذلك بدفع الإيجارات أو البلدية أو التسجيل مع التأمينات، واكبر تكلفة تقع على أصحاب المؤسسات هي المتعلقة بالأجور والمواد وهذه التكلفة لا تقارن بالرسوم التي تفرضها الدولة وخاصة إنها تدعم الكهرباء والمبنى التحتية.
وعن توحيد رسوم البلدية يقول القاسمي: ليس من العدل أن يدفع من يشغل مكانا كبيرا تصل مساحته إلى المئات نفس الرسوم التي يدفعها من يدفع إيجارا لا يتعدى المائة دينار، واستطيع القول إن الكثير من المؤسسات لا تستفيد من الفرص المقدمة من قبل الدولة، إذ لا يتحمسون لحضور المؤتمرات ليتعرفوا على الفرص الجديدة التي من شأنها تطوير أعمالهم.