راصد
ملحف الخير
تاريخ النشر : الأحد ٨ يوليو ٢٠١٢
جمال زويد
تأسرني بين حين وآخر مبادرات يقوم بها شخص أو مجموعة أشخاص، يبذلون الغالي من جهدهم وأوقاتهم وعزيز أموالهم من أجل تقديم خدمة أو تحقيق هدف سام ونبيل في محيط مجتمعهم، لا يبتغون من ورائه سوى مرضاة المولى عز وجل في وقت عزّ أو ندر فيه العطاء بلا ثمن، وأصبح تفريج كرب الفقراء ومساعدة المعوزين طريقاً للأضواء وسلّماً للبهرجة ووسيلة للفاشلين والخائبين في دنيا الناس ومدعاة لـ (الشو) الإعلامي والصحفي والانتخابي حتى صارت هذه العطايا والمساعدات منزوعة الأجر والثواب، وتقلّ معها بركتها ونفعها للمحتاجين لأنها جاءت لغير وجه الله تعالى.
المبادرة التي أتحدّث عنها قائدها وصاحب فكرتها ومحرّكها مواطن بحريني معروف في أوساطنا الشعبية بأعمال خيرية جليلة وناجحة، اعتاد على ألا يكون له نصيب من الظهور مع مبادراته وأعماله إلاّ بقدر ما يحتاج إليه العمل نفسه، ولولا إصراره على ألاّ أذكر اسمه لعرّفت قرائي الكرام به وشرّفت عمودي بكتابة اسمه فيه.
«ملحف الخير» باختصار هو مشروع خيري رائد، انطلقت فكرته من أن إحدى المريضات اللاتي ابتلاهن سبحانه وتعالى بالمرض الخبيث (السرطان) امتلكت شجاعة مقاومته وتحمّل آلامه ومحاولة ممارسة حياتها والتأقلم مع العلاج والإصرار. هذه المرأة قامت بحياكة ملحف بحجم متر ونصف طولا وعرضا، بيدها وليس من إنتاج معامل أو مراكز خياطة، مدة أسبوعين متواصلين بمعدل (8-12) ساعة يومياً، كانت تتأوه من الألم إلا أنها أيضا كانت تذكر الله فتسبّح «سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر» فمع كل غرزة كانت تسبيحة وتحميدة وتهليلة وتكبيرة.
وهنا نبعت فكرة نوعية تم من خلالها تبني هذا الملحف وإطلاق حملة خيرية سُميت (ملحف الخير) تهدف إلى بيعه من خلال مزاد خيري يبدأ بسعر افتتاحي قيمته خمسة آلاف دينار بحريني، سيذهب كامل ريعه لدعم علاج الأطفال ومرضى السرطان من الفقراء والمحتاجين في مملكتنا العزيزة. تجاوب مع هذه الحملة المباركة كثيرون، لعلّ من المناسب أن نشيد على وجه الخصوص ببنك البحرين الإسلامي وبيت التمويل الكويتي (بيتك) لكن الأمل لا يزال معقوداً على أن تسهم في هذا المزاد مؤسسات وشخصيات وعوائل نحسب أنهم أهل للبرّ والإحسان، ولابد أن يكون لهم نصيب سبق وفوز في هذا المزاد. ليس في موضوعه وهدفه فحسب وإنما تشجيعاً لمثل هذا النوع من المبادرات والإبداعات الخيرية المخلصة لوجه الله تعالى والخالية والمبرأة من أية أغراض أخرى تعرفونها، ذكرتها في بداية مقالي.
سانحة:
يقول أحد الفقراء: «كنت أبكي لأنني أمشي حافي القدمين ولكنني توقفت عن البكاء عندما رأيت رجلاً غنياً بلا قدمين».