الجريدة اليومية الأولى في البحرين


هوامش


طريق اللؤلؤ.. نجاح آخر لمي آل خليفة

تاريخ النشر : الاثنين ٩ يوليو ٢٠١٢

عبدالله الأيوبي



نجاح آخر تؤكد من خلاله وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إصرارها على المضي بكل عزيمة في طريق النهوض بالواقع التراثي البحريني وتوفير الحماية الدولية لهذا التراث المنغمسة جذوره في تربة هذا الوطن منذ أكثر ثلاثة آلاف عام، فبعد النجاح الذي حالف الوزيرة المثابرة والنشطة، سياحيا وثقافيا وتراثيا، وبعد أن تمكنت من تسجيل قلعة البحرين على قائمة التراث العالمي الإنساني، أضافت إنجازا جديدا في الاتجاه نفسه، حيث تمكنت من إدخال «طريق اللؤلؤ» الواقع في عاصمة البحرين القديمة (المحرق) إلى القائمة نفسها بعد أن وافقت اللجنة المختصة خلال اجتماعها الأخير في مدينة سانت بطرسبورغ الروسية على تسجيل هذا المشروع التراثي المهم على قائمة المشاريع المحمية دوليا.
سيرة الشيخة مي السياحية والتراثية لم تكن مفروشة بالسجادة الحمراء، مع أن الوزيرة تحسب لها إنجازات تراثية وفنية كبيرة تحققت للبحرين ورفعت من سمعة بلادنا وحضورها على الساحتين العربية والدولية، فالوزيرة واحدة من الوزراء القلائل جدا الذين لا يكلون ولا يملون من العمل المنوط بهم القيام به، يضاف إلى ذلك أن مي ال خليفة من المتحمسات جدا للنهوض بالتراث البحريني وتوفير الحماية له من الإهمال والاندثار، باعتبار أن التراث ثروة خالدة لا يجوز المساس بها، وهي ملك تتناقله الأجيال، وبالتالي فإن حمايته لا يفترض أن تكون على عاتق الوزيرة المختصة فقط، وإنما على عاتقنا جميعا، فهو ثروة أبناء البحرين كلهم.
أعود فأقول: إن «مشوار» مي ال خليفة لم يكن سالكا باستمرار، ليس بسبب قصور في أدائها أو تقاعس عن تنفيذ المشاريع التي تريد تنفيذها، وإنما بسبب عراقيل متعمدة من قبل أطراف عدة، إما لكونها امرأة ناجحة وأن هذا النجاح يحرج أعداء المرأة، سواء أولئك الذين يريدون لها البقاء بين الجدران الأربعة أو من أراد إقعادها مبكرا تحت حجج أقل ما يمكن وصفها بـ«الحق الذي يراد به باطل»، وإما لكونها وزيرة تمكنت من جعل الثقافة والتراث مصدرا من مصادر الجذب وإعلاء اسم البحرين واستمرار حضوره على الساحتين العربية والدولية.
كلنا يتذكر فصول المعوقات التي ألقى بها البعض في طريق وزيرة الثقافة حين خطت خطواتها الأولى نحو مشروع «ربيع الثقافة»، حيث قذف وألقي عليه أبشع النعوت بل وصل الأمر إلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية كان غطاءها «الحفاظ» على عادات وتقاليد أهل البحرين، لكن جوهر دوافعها هو إلغاء هذه الظاهرة الثقافية والفنية الراقية التي أثبتت من خلال استمرارها مدى النجاح الذي حققته البحرين من خلال تحول هذا المهرجان إلى ظاهرة سنوية تجاوز صيتها الحدود العربية، والأمر نفسه طال الوزيرة هذا العام حين أصر البعض على إلغاء المهرجان تحت ذريعة «التضامن» مع الشعب السوري الشقيق.
رغم تلك الأشواك التي تلقى في طريق وزيرة الثقافة، فانها لم تنحن ولم تأبه لمحاولات تخريب مشاريعها الثقافية والفنية والتراثية التي من شأن استمرارها وتواصلها وانطلاق صيتها إلى الرحاب العالمية، أن تضيف نجاحات إلى سجلات البحرين، وقد أثبتت الوزيرة من خلال مواصلتها للمشاريع الثقافية والتراثية والفنية، أنها تضع مصلحة البحرين فوق كل الاعتبارات وبالتالي نجدها تزداد قوة وصلابة وتمسكا وإصرارا على النجاح كلما تعرضت مشاريعها لمحاولات التعطيل أو الإلغاء، الأمر الذي يؤكد أن وزيرة الثقافة قادرة على حمل المسئولية التي وضعت على عاتقها.
أحد أسباب نجاح وزيرة الثقافة في مشاريعها التراثية والثقافية والفنية، أنها عاشقة لهذه المشاريع وتعمل على تنفيذها «من القلب» - كما يقول المثل الشعبي- أضف إلى ذلك أن الشيخة مي - كما سبق القول- من الوزراء القلائل الذين يعشقون المهمة الموكلة إليهم، وهذا العشق تترجمه المشاريع الناجحة التي نفذتها الوزيرة، والتي استطاعت بهذا العشق أيضا أن تجذب مؤسسات القطاع الخاص للمساهمة في مشاريع ليست ربحية بالنسبة إلى تلك المؤسسات، الأمر الذي يضع المرء أمام حالة من حالات النجاح التي تستحق التقدير.
فما تقوم به وزيرة الثقافة من ترويج لتراث البحرين وجعله محميا من المحميات العالمية، ليس بالعمل السهل أو الهين، أضف إلى ذلك فإن تسجيل تراث البحرين على قائمة التراث العالمي الإنساني يعد مكسبا لجميع البحرينيين، وحفظا لتاريخ الأجداث، وتأمينا لهذا الإرث للأجيال القادمة من أبناء هذا الوطن العزيز على قلوبنا جميعا، فهذا التسجيل الذي اسهمت في تحقيقه وزيرة الثقافة جعل المخزون التاريخي لهذه الجزيرة الصغيرة، حاضرا أمام أعين المختصين العالمين بتراث الشعوب، الأمر الذي رفع من مكانة البحرين وعزز حضورها.