الجريدة اليومية الأولى في البحرين


ألوان


بعد صعود التيار الديني.. نجوم بدأوا يغازلونه ونجوم يرفضونه

تاريخ النشر : الثلاثاء ١٠ يوليو ٢٠١٢



عقب فوز التيار الإسلامي في مصر بأغلبية مقاعد «البرلمان» حتى استهل عدد كبير من نجوم الوسط الفني بالإشادة برؤية التيار الديني للفن ومناصرته له؛ وهو الأمر الذي كانوا يرفضونه أيام «النظام السابق» فكانت آراؤهم دائمًا تنتقد الإخوان ورؤاهم بشأن الفن والأدب؛ بل جاءت تصريحاتهم لتزيد من الدهشة تجاه موقفهم حيث أعلن عدد كبير منهم قبولهم العمل مع شركات الإنتاج الفني التي تتبع هذا التيار الديني... ففي سابقة تعد الأولى من نوعها توجه نقيب الممثلين الفنان أشرف عبد الغفور إلى مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين لوضع ضوابط وآليات العمل الفني، والتحاور حول التصدي للأعمال الخليعة والهابطة ومحاربتها، بالإضافة إلى مجموعة من الفنانين الذين أبدوا استعدادهم للعمل مع حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة «الإخوان المسلمين» إذا قدموا أعمالاً سينمائية أو تلفزيونية.
فمن هم أبرز نجوم الفريقين؟ وماذا يقولون؟ وهل مغازلة هذا التيار نوع من التحول في المواقف أم تعامل مع الأمر الواقع؟ علامات استفهام عدة واجهنا بها النجوم واستمعنا لردودهم في هذا التحقيق.
البداية مع الكاتب السينمائي بشير الديك الذي أكد أن حالة النفاق الحالي للتيار الديني معروفة للجميع؛ فدائمًا ما كان أهل الفن مع النظام الحاكم وقليل منهم ضده؛ حتى وإن لم يعلنوا ذلك، مشيرًا إلى أن أغلب النجوم يراهنون دائمًا على من يملك السلطة، وهو ما فعلوه من قبل مع الرئيس السابق وعائلته ويفعلونه الآن مع التيار الديني، لأن بوصلة هؤلاء النجوم تتجه دائمًا إلى من يوفر لهم الحماية ويضمن مكاسبهم حتى وإن فرضت عليهم رقابة دينية من قبل تلك التيارات.
ويؤكد وجهة النظر السابقة الناقد طارق الشناوي، حيث يؤكد أن أغلب النجوم يراهنون دائماً على من يملك السلطة، وهو ما فعلوه من قبل مع الرئيس السابق وعائلته والدائرة القريبة منه، ويفعلونه الآن مع التيار الديني، لأن بوصلة هؤلاء النجوم تتجه دائماً إلى من يوفر لهم الحماية ويضمن مكاسبهم، ومن الواضح أن البوصلة الآن تشير نحو التوجه الإسلامي.
أما الكاتب لينين الرملي فوصف العلاقة بين نجوم الفن والسلطة الحاكمة مهما تكن بالعلاقة التزاوجية، ففي رأيه أنهما وجهان لعملة واحدة، ودائمًا ما تكون الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحاكم هي «الطبل والزمر»، مؤكدًا أن بعض الفنانين الذين يغازلون النظام دائمًا هم «أكبر الخاسرين»، مشيرًا إلى أن الفنان الحقيقي لا يمكن أن يكون بمعزلٍ عن الشأن السياسي، ولاسيما عندما يَمَسُ واقعَ الناسِ ومستقبلهم، مؤكدًا أنه ليس هناك مبرر للفنان أن يكون «منافقًا للسلطة» ويغير آراءه ومواقفه بحسب اتجاه مراكز القوى في المجتمع، بل يجب أن يكون دائمًا مع مصلحة المجتمع، حتى لو كان ذلك ضد مصلحة قوى سياسيَّة بعينها». وأضاف: «لا أحد سيغفر للفنان الذي يسبح مع التيار الأقوى».
أما الفنان محمود ياسين فأكد ضرورة عمل وقفة جادة لمستوى النفاق والكذب الذي وصل إليه هؤلاء الفنانون.. مشددًا على أن عددًا من الفنانين الذين كانوا يشاركون في التسبيح بنظام الرئيس السابق، سقطت عنهم الأقنعة بعد سقوط النظام ليبدأوا من جديد في وضع أقنعة أخرى لمغازلة النظام الحاكم الجديد وهو التيار الديني.. وأضاف ياسين: إن كثيرًا من الفنانين تحركهم مصالحهم الشخصية، ودائرة قناعاته هي نفسها دائرة مصالحه، لذلك يحرص الفنان على تأييد النظام الحاكم بين الحين والآخر ؛ الأمر الذي يجب أن ينتهي بعد ثورة الحرية والكرامة التي قام بها الشعب المصري ضد الذل.
أسهم مرتفعة!
أما الفنان الكوميدي محمد هنيدي فقال انه لا توجد لديه أي مشكلة في التعاون مع أي شركة إنتاج حتى لو كانت تابعة للتيار الديني، لأن ما يقدمه منذ بدايته يتماشى مع العادات والتقاليد ويناسب الأسرة كلها، بدليل أن أفلامه كانت دائماً خالية من القبلات أو أي مشاهد قد تخدش الحياء، وبالتالي فإن تعامله مع أي شركة إنتاج تابعة للتيار الديني لن يجعله يغير شيئا من قناعاته كفنان، التي كان ملتزماً بها قبل قيام الثورة وصعود أسهم التيار الديني في مصر.
ويضيف هنيدي: لست مع انضمام الفنان إلى أي حزب سياسي، وإذا تعاونت مع أي شركة إنتاج لها خلفية سياسية دينية أو غيرها، فإن تعاوني سيكون نابعاً من كوني فناناً، ولن انضم إلى أي حزب، المهم في النهاية، أنني لن أقدم إلا العمل الذي أكون مقتنعاً به فقط.
أما النجم هاني سلامة فيؤكد أنه رغم تخوفه من وصول أي تيار متشدد إلى الحكم في مصر، وخاصة في ظل تصريحات بعض الفصائل المتشدة عن السياحة والاقتصاد وعمل المرأة وغيرها فإنه في الوقت نفسه لا يمكن أن يصنف التيار الديني كله على أنه متشدد، لأن هناك فصائل معتدلة وهؤلاء يرحب بالعمل معهم، لكن بشرط أن يجد لديهم السيناريو الذي يقنعه كممثل.
ويضيف سلامة: المقياس الأهم في حكمي على أي عمل هو السيناريو نفسه وبعد ذلك ضخامة الإنتاج ورؤية المخرج، وغيرها من التفاصيل الفنية، لكن يبقى السيناريو هو الأساس، وإذا عرضت عليّ شركات الإنتاج التابعة للتيار الديني المعتدل سيناريو يعجبني فسأرحب به.
الفنانة وفاء عامر أيضاً أعلنت استعدادها للتعاون مع شركات الإنتاج التابعة للتيار الديني وعن ذلك تقول: نعم أعلنت هذا ولم يكن قصدي مغازلة هذا التيار ليرشحوني في أعمالهم، لأنني لست في حاجة إلى ذلك، فأنا زوجة منتج كبير هو محمد فوزي ومطلوبة من كل شركات الإنتاج في مصر، بل عندي أكثر من عمل جديد، ولو وافقت على العروض التي جاءتني مؤخراً فسأكون مرتبطة مدة خمس سنوات مقبلة، لكن ما أعلنته كان عن قناعة بأنني لا بد أن أقدم أي عمل جيد مع أي شركة إنتاج، وخاصة أنني ابتعدت تماماً عن أي أدوار إغراء، ثم إن هؤلاء في النهاية مصريون وليسوا أجانب حتى أتشكك في نواياهم من الأعمال الفنية التي سينتجونها، ولذلك سأعمل معهم طالما أنهم لن يفرضوا عليّ شيئاً بما في ذلك ارتداء الحجاب، لأنني لن أفعل هذا إلا إرضاء لوجه الله وليس إرضاء لأي اتجاه ديني حتى لو كان هو الوحيد المتحكم في الإنتاج الفني في مصر.
وإذا كان بعض النجوم يرحبون بالتعاون مع شركات الإنتاج التابعة للتيار الديني حتى وإن كان بعض هؤلاء لديه تحفظات وشروط، فإن هناك من يرفض مثل هذا التعاون تماماً، وأبرز هؤلاء المخرج السينمائي خالد يوسف الذي يقول: أرفض أي قيود يمكن أن يضعها منتج على رؤيتي كمخرج، ومؤكد شركات الإنتاج التابعة للتيار الديني ستكون لديها قيود ومحاذير ومعايير وخاصة بهم في الأعمال التي ينتجونها، وهم أحرار في ذلك مثلما أنا أيضاً كمخرج حرّ في العمل مع المنتج الذي يطلق يدي، ولا يتدخل في شغلي لأنه من الأفضل لي ألا أعمل عن أن أكون تحت أي نوع من الضغوط والقيود، ولا أتحدث فقط عن قيود على المشاهد الجريئة، وإن كانت هذه مرفوضة أيضاً، ولكن الأخطر منها بالتأكيد قيود الفكر والرؤية والمضمون.
محاذير!
ويؤكد الفنان أحمد عيد رفضه العمل مع التيار الديني، لأن رؤيتهم للفن ستكون مملوءة بالقيود والمحاذير، ويكمل: حتى الآن لا توجد في الصورة ملامح تبشر بالخير من هذا التيار تجاه الفن، لأن كل ما خرج من تصريحات على لسان قيادات التيارات الدينية في هذا الاتجاه، حتى الآن يبدو مخيفاً للفنانين والمبدعين، حتى ان الأمر وصل بالبعض إلى درجة الهجوم على أديب في قامة نجيب محفوظ وإلى الكلام عن ضرورة ظهور الفنانات بالحجاب على الشاشة، وغيرها من أشكال التشدد، ولذلك أنا أفضل التعامل مع شركات الإنتاج التي لا توجد لديها حالة من التشدد تجاه الفن، ويجب ألا يفهم أحد كلامي على أنه دعوة إلى الإباحية، لأن هناك من يحاولون تصوير المقابل لرفض العمل مع التيار الديني بأنه رغبة في الانحراف، وأنا بعيد عن هذا بدليل ما قدمته من أعمال لكنني مثلما أرفض الإباحية، أرفض أيضا التشدد وأبحث عن الحرية فيما أقدمه من أعمال فنية.
أما الفنانة علا غانم فتؤكد أنها تفضل العمل مع التيارات المعتدلة ولا تتخيل نفسها تعمل مع شركة إنتاج تضع شروطاً مبالغ فيها من حيث المشاهد والملابس والحوار وغيرها من التفاصيل، وتضيف علا: رغم أن التمثيل هو شغلي الذي أكسب منه، لكنني في النهاية لا يمكن أن أقبل أعمالا تحت ضغوط وقيود، ولا يوجد أمامي حل سوى أن انتظر لأرى ما سيحدث، وخاصة أنني أرى أن الجمهور نفسه لن يقبل أن تكون السينما كلها اتجاه واحد فقط.