قضايا و آراء
إيران وصناعة الكذب
تاريخ النشر : الجمعة ١٣ يوليو ٢٠١٢
عندما سمعت التصريحات الإيرانية المتكررة الكاذبة والملفقة عن الرئيس المصري محمد مرسي تيقنت انهم يستحلون الكذب ويتحرونه ويقصدونه حتى أصبحت تلك عادتهم، فلا يكاد يكون كلامهم إلا كذبا، وتذكرت ما أورده الزمخشري في (ربيع الأبرار): «انه كان بفارس محتسب يعرف بـ«جراب الكذب» أي كيس الكذب، فكان يقول: إن مُنِعْتُ من الكذب انشقت مرارتي، وإني لأجد فيه، مع ما يلحقني من عاره، ما لا أجد بالصدق مع ما ينالني من نفعه»، وهكذا إلى هذا الحد يبلغ تحري الكذب بصاحبه أن يتنفس الكذب ويصبح غير قادر على ممارسة الحياة من غيره، بل يجد في الكذب متعته، ويمرض إذا مرّ عليه وقت لم يكذب فيه.
وهكذا في إصرار وبلا خجل ولا حياء وفي محاولة منها لتحقيق مآرب خبيثة لإثارة البلبلة وبث الفتنة بين الأشقاء العرب والإيحاء للشعب الإيراني بالخروج من العزلتين الإقليمية والدولية.. تستمر وسائل الإعلام الإيرانية في اختلاق الكذب والترويج له في سلسلة من التصريحات التي تنسبها إلى الرئيس المصري الجديد؛ ففي التصريح الأول نسبت وكالة أنباء فارس إلى مرسي قوله: انه سيسعى إلى تقوية العلاقات مع إيران من أجل إقامة توازن استراتيجي، وفي رد مخزٍ لإيران وأبواقها خرجت الرئاسة المصرية تكذب هذا التصريح قائلة: ان الرئيس لم يدلِ بتصريحات لأي وسيلة إعلامية، بل وقالت: إن هذه التصريحات أوهام وافتراءات لا أساس لها من الصحة، كما أكد خبراء قاموا بفحص التسجيل أنه ليس لمرسي.
ويوم الثلاثاء 3/7 ذكرت الوكالة الإيرانية نفسها أن الرئيس محمد مرسي سيقوم بزيارة إيران في شهر أغسطس المقبل، وإذا بالدكتور ياسر علي، المتحدث المؤقت باسم رئاسة الجمهورية يؤكد: «إن ما بثته وكالة «فارس» الإيرانية عن زيارة الرئيس محمد مرسي لإيران غير صحيح، وإن الرئيس لم يتلق أي دعوات لزيارة إيران».
إن هذا الأمر يؤكد للعالم الكذب والافتراء والسقوط المهني المخزي الذي أدمنه الإعلام الإيراني، فهو يتفنن من قبل وعلى الدوام في اصطناع الأخبار والادعاءات الملفقة صباح مساء ضد البحرين ودول الخليج.
وها هو الآن يلفق تصريحات كاذبة وينسبها إلى الرئيس مرسي، والهدف من ذلك في نظري الإيحاء للشعب الإيراني بخروج نظامه من عزلته التي يعيش فيها في محيطيه الإقليمي والدولي وخاصة بعد احتدام الثورة السورية واحتمال سقوط الأسد قريبا بإذن الله، كما يسعى إلى إثارة البلبلة والفتنة بين دول الخليج ومصر.
وهنا يتضح أن تخوفات البعض من تقارب قد يحصل بين مصر وإيران في المرحلة المقبلة يصب في خدمة ما تسعى إليه إيران من شق الصف العربي.. وخاصة أننا بحاجة ماسة في هذه المرحلة إلى تعزيز العمل العربي المشترك لما من شأنه درء الأخطار التي تهدد الأمن القومي العربي في ظل التهديدات الإيرانية المستمرة.
مع أن هذه التخوفات لا مبرر لها فكل المؤشرات والدلائل تشير إلى أن الرئيس مرسي لا يريد التقارب مع إيران؛ ففي خطاب التنصيب أكد وقوفه مع الشعب السوري، وانه لابد لنزيف الدم هناك أن يتوقف، كما أكد أنه سيقف ضد كل من يهدد الأمن القومي العربي ، وكان قد رفض استقبال السفير الإيراني من قبل احتجاجا على دعمهم للنظام السوري، وفي حملته الانتخابية أكد أن تقوية العلاقات مع دول الخليج من أولوياته، وها هو يقول: ان أول دولة سيقوم بزيارتها هي السعودية، كما قامت جريدة حزب الحرية والعدالة الذي يتبع له مرسي بشن هجوم قوي على إيران، متهمة إياها بالعمل على إقامة مشروع صفوي توسعي في المنطقة، وانه يجب العمل على إيقافه.
إن العلاقات التاريخية المصيرية والروابط العقدية والقومية التي تربط مصر بدول الخليج لا يمكن التفريط والتضحية بها لصالح المشروع الإيراني البغيض، وعليه فإنه ينبغي للأطراف المعنية ألا تسمح لأحد بتعكير هذه العلاقات والروابط الاستراتيجية التي تجعل العرب أكثر قوة باجتماع القوة البشرية مع القوة الاقتصادية، فلنكن إذًا اكثر تفاؤلا بتقوية هذه العلاقات لما فيه صالح الأمة جمعاء.