الجريدة اليومية الأولى في البحرين


راصد


سعيد وزكريا

تاريخ النشر : الجمعة ١٣ يوليو ٢٠١٢

جمال زويد



هما نموذجان في مسك مناصب ومسؤوليات إدارة الدولة وخدمة مواطنيهم والمحافظة على مكتسبات وثروات ومقدرات دولهم. أما الأول فهو الصحابي الجليل سعيد بن عامر رضي الله عنه، هاجر إلى المدينة المنورة ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلّم وشهد معه عددا من الغزوات، ثم حينما تولى الفاروق عمر بن الخطاب الخلافة دخل عليه سعيد بن عامر، ناصحاً بما يجب على العلماء للحكام، وأميناً بكلمة الحق اللازمة من مستشاري الحكام وبطانتهم، فقال: يا عمر، أوصيك بأن تخشى الله في الناس، ولا تخشى الناس في الله، وألا يخالف قولك فعلك، فإن خير القول ما صدقه الفعل. يا عمر، أقم وجهك لمن ولاك الله أمره من بعيد المسلمين وقريبهم، وأحب لهم ما تحبّ لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك، وخض الغمرات إلى الحق ولا تخف في الله لومة لائم «عند ذلك دعا عمر بن الخطاب سعيداً إلى مؤازرته وقال: يا سعيد إنا مولّوك على أهل «حمص» فقال: يا عمر نشدتك الله ألاتفتنني. فغضب عمر وقال: ويْحكم وضُعتُم هذا الأمر في عنقي ثم تخلّيتم عنّي!! والله لا أدعك، ثم ولاّه على «حمص».
ثم تمضي الأيام فيأتي إلى المدينة المنورة وفد الى أمير المؤمنين الفاروق بعض من يثق بهم من أهل «حمص»، فقال لهم: اكتبوا لي أسماء فقرائكم حتى أسدّ حاجتهم «فرفعوا كتابا فإذا فيه: فلان وفلان وسعيد بن عامر، فقال لهم عمر: ومن سعيد بن عامر؟! فقالوا: أميرنا. قال: أميركم فقير؟! قالوا: نعم، ووالله إنه ليمرّ عليه الأيام الطوال ولا يوقد في بيته نار. فبكى عمر حتى بللت دموعه لحيته.
أما الثاني فهو زكريا عزمي - بحسب موسوعة ويكيبيديا - رئيس ديوان رئيس الجمهورية المصري سابقا حسني مبارك وعضو الحزب الوطني الديمقراطي والأمين العام المساعد لشئون التنظيم والعضوية والمالية والإدارية في الحزب، وعضو مجلس الشعب المصري. تخرج في الكلية الحربية سنة 1960، وبدأ حياته ضابطا في سلاح المدرعات، وفي عام 1965 انتقل إلى الحرس الجمهوري، وفي نفس الوقت حصل على ليسانس حقوق من جامعة القاهرة. كما حصل على دبلوم في العلوم الجنائية من كلية الحقوق عام 1970، ودبلوم في القانون الدولي عام 1972، ودكتوراه في القانون الدولي حول موضوع «حماية المدنيين في النزاع المسلح».
في شهر مايو الماضي 2012م أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكماً بسجن زكريا عزمي سبع سنوات وتغريمه مبلغ (38) مليون جنيه لإدانته بالفساد واستغلال النفوذ والكسب غير المشروع بحسب التقارير التي رفعتها ضدّه بعد سقوط الرئيس مبارك هيئة الفحص والتحقيق والرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة التي ذُكر فيها أن رئيس ديوان الرئيس المصري المخلوع قد استولى على آلاف (الأفدنة) الزراعية والصحراوية في مناطق مختلفة، إلى جانب امتلاكه قصوراً وفيلات وشققاً فاخرة وشاليهات بكل من القاهرة والإسماعيلية والإسكندرية وشرم الشيخ، قدّرتها تلك التقارير بنحو (10) مليارات جنيه، وامتلاكه أرصدة ضخمة في بنوك مصرية وأجنبية بالداخل والخارج. وذلك بالإضافة إلى مجموعة من الملايين عبارة عن رشاوى لغرض تسهيلات وتعيينات واستثناءات وإعفاءات وتربّح غير مشروع وما إلى ذلك من جرائم تنبئ بمقدار الفساد والنهب من خيرات الشعوب وثرواتهم على أيدي مجموعة من اللصوص يتم توليتهم مسؤوليات ومناصب يضخّمون أموالهم وممتلكاتهم من خلالها دونما حسيب أو رقيب حتى إذا ما حانت ساعة الحقيقة يتبين فداحة أو فاجعة كسب وثروة تُعدّ في خانة المليارات بينما أفراد تلك الشعوب تئن تحت وطأة الحاجة والفقر ويلهثون ويُذلّون على مايُلقى إليهم من فتات!! ولا يبقى لنا إلاّ أن نقول: شتّان بين سعيد وزكريا.
سانحة:
على حكّامنا ووزرائنا ومسؤولينا أن يتذكروا ويضعوا نصب أعينهم دائماً قوله تعالى في سورة القصص «إن خير من استأجرت القوي الأمين».