الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣١ - السبت ١٤ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٤ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


ما يريده الوطن وأهله.. وما تريده السياسة وأجنداتها





حين تشتد الخلافات داخل المجتمعات فإن كل ما يتطلبه تخريب وتدمير الأوطان من الداخل هو بقاء ذوي الضمير الحي صامتين. ولعل أهم ما نحتاجه اليوم، هو الاستماع الى ما يقوله الضمير الحي لنا جميعاً. فالضمير الحي لا يمكن أن يقبل بكل هذا الاحباط الذي نعيشه وكل هذا التعميق للاختلافات السياسية وتحويلها الى خلافات مجتمعية واهلية؛ بل شخصية أحياناً كنتاج طبيعي لكل هذا التصنيف والتقسيم والاصطفاف غير العقلاني.. والضمير الوطني لا يمكن ان يقبل بتعطيل البناء من أجل الهدم، وتعطيل التنمية في الوطن كله من أجل اكتساب فوز سياسي لا يضمن شيئاً لأحد، ولا يعني مطلقاً حصول المواطن الذي عانى طويلاً من عدم توفر سكن كريم، على هذا السكن، أو حصول الشاب الذي عانى كثيراً من البحث عن وظيفة، على هذه الوظيفة..

فالمعادلة الطبيعية التي لا يمكن المجادلة في صدقيتها ومنطقيتها، أنّ قدرة الدولة على تأمين السكن للمواطنين سوف تتراجع في ظل الأزمة والتخريب والاحتقان السياسي، وكذلك قدرتها على تأمين وظائف للعاطلين.. والمعادلة الطبيعية تقول أيضاً، ان تراجع الاستثمار وانخفاض الحركة الاقتصادية في بلد ما، سوف تترتب عليهما سلسلة طويلة من النتائج السلبية على المجتمع وعلى التنمية وعلى الحياة اليومية للافراد والأسرة، وسوف يؤدي ذلك حتماً إلى زيادة الفقر والبطالة والفساد وكل انواع الشرور المتوقعة وغير المتوقعة..

فهل فكر الذين تسببوا في تعطيل التنمية، أن ما كانوا يطالبون في الحصول عليه، صار أبعد كثيراً عنهم منه قبل سنة؟ وهل فكر الذين خلقوا كل هذا التشرذم والكراهية في المجتمع، أن أمنياتهم وتطلعاتهم لحياة كريمة لابنائهم، أصبحت اليوم أصعب كثيراً مما كانت عليه قبل عام؟! وهل فكر الذين نقلوا بافعالهم وممارساتهم غير المسئولة جذور الكراهية إلى المدارس والمستشفيات وكل الميادين الانسانية، أن ذلك سوف ينعكس على جودة تعليم وتنشئة ابنائهم وفلذات اكبادهم، وعلى جودة حياتهم ومستوى صحتهم وامكانيات علاجهم من الامراض وعلى مقدرات الدولة والمجتمع في تأمين كل ذلك ؟

لقد وصلت حدود التبعات الانسانية والاجتماعية لحالة التأزيم السياسي، إلى علاقة الجيران ببعضهم بعضا، وعلاقة الطالب بالمدرس والمدرسة، وعلاقة المريض بالطبيب والممرض المسئولَين عن حياته.. وهي مجالات مقدسة ومحصنة حسب كل الشرائع السماوية والوضعية وحسب كل المواثيق الانسانية.. ولكنها وللأسف الشديد، ليست محصنة كما يبدو تجاه بذور الكراهية عندما تتحول الى اشجار ليس لها ظلال وليس لها لون اخضر جميل، ولكنها تحمل الكثير من ثمار الحقد والاحتقان والضغينة.

يقول لقمان الحكيم: «لقد حملت الرصاص والحجر والحديد وكل شيء ثقيل فلم أحمل شيئا هو أثقل من كراهية الجار لجاره، وذقت المرار والعلقم فلم أذق شيئا هو أمر من الفقر وعدم الأمان.».. ومن العبارات اللاذعة للرئيس الأمريكي توماس جفرسون في نقد الديمقراطية غير الرشيدة وغير المسئولة، قوله: «تصبح الديمقراطية مجرد حُكم غوغاء حين تهدف فقط لتمكين واحد وخمسين في المائة من الشعب من استلاب حقوق التسعة وأربعين في المائة الآخرين».. وكان النائب الامريكي الراحل جون مورثا كثيراً ما يواجه الرئيس بوش بهذه العبارة حين كان الرئيس يتبجح بما يسمة بـ (الديمقراطية العراقية)!

والحال أننا لا نريد ديمقراطية تدخلنا في ظلام الكراهية وظلماتها، ولا نريد دعوات سياسية، لا نتاج لها سوى تعطيل التنمية وتدمير المكتسبات الوطنية والاقتصادية، وتصنيف أبناء الوطن الواحد وفق اجندات خاطئة بجوهرها وروحها، رغم أنها في حقيقتها تفتقد الجوهر وتعاني فقدان الروح الحقيقية والسليمة.. وترى لو أجرينا استفتاءً وطنياً لكل أهل البحرين وسألناهم سؤالاً واحداً، هو: هل تريد تعديل المادة الدستورية رقم كذا، أم تريد بيتا يؤويك وعملاً كريماً مناسباً يجنبك الفقر والحاجة.؟ ماذا ستكون النتائج؟ مجرد سؤال بسيط.. والإجابة عندكم.

في الشأن الوطني:

كل عام وانتم بخير..

ها هو شهر رمضان الكريم على الأبواب.. يقترب من قلوبنا ومن حياتنا اليومية وشئوننا العامة بكل ما فيه من نفحات خير وروحانية شفافة وما فيه من مجالس ولقاءات كريمة بين الأهل في الأسرة البحرينية الواحدة.. وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له).. فتعالوا من فضلكم نقول: (خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يجعل من وطنه أفضل ومن لم يجعل من مجتمعه أفضل..).. وكل عام وانتم بخير.







































.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة