أخبار البحرين
الشيخ عبدالله الحسيني في خطبة الجمعة:
كي يتغير الإنسان إلى الأفضل.. لابد أن يكون لواما لنفسه.. كثير المحاسبة لذاته
تاريخ النشر : السبت ١٤ يوليو ٢٠١٢
كان عنوان خطبة الجمعة التي قدمها فضيلة الشيخ عبدالله الحسيني في جامع العدلية أمس هو «سنة التغيير ورمضان.. ورسائل عن الشعب السوري» وفيما يلي نص الخطبة:
أيها المسلمون المباركون: نحن اليوم مع سنة عظيمة من سنن الله تعالى، أرشدنا إليها في محكم كتابه فقال: (إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)، فالتغير سنة كونية، وإرادة إلهية، فطبيعة الحياة في تقللاب وتبدلال، وتغير وتلولان، تأمَّلْ في الكون، في طبيعته، ومناخه وأحواله، ترَ أن الحال لا يدوم، وكذلك سُنَّة التغيلار في بني الإنسان.
فأنا وأنتم لسنا كما كنا قبلَ خمس سنوات، ونحن اليوم لسنا كما سنكون بعد سنين، إن طالتْ بنا الأيَّام، فالإنسان في دنياه متغيِّر من حالٍ إلى حال، متغيِّرٌ في صحته وقدراته، في تفكيره وعقلِه، في عملِه وعلمه وإيمانِه، فليس في هذا الكون وقوف، الكللا يسعى، إما إلى الأحسن، وإمَّا إلى الأسوأ، كما قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: (كللا الناس يغدو، فبائعٌ نفسَه فمُعتِقها، أو موبِقها(.
سُنَّة التغير عبَّر عنها ابن القيم بقوله: «فالعبد سائر لا واقف، فإما إلى فوق، وإما إلى أسفل، إما إلى أمام، وإما إلى وراء، وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة، ما هو إلا مراحل تُطوى أسرع طي إلى الجنة أو النار، فمسرع ومبطئ، ومتقدم ومتأخر، وليس في الطريق واقف البتة، وإنما يتخالفون في جهة المسير، وفي السرعة والبطء، قال تعالى: (إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ × نَذِيرًا لِلْبَشَرِ × لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ)، ولم يذكر واقفاً، إذ لا منزل بين الجنة والنار، ولا طريق لسالك إلى غير الدارين البتة، فمن لم يتقدم إلى هذه بالأعمال الصالحة فهو متأخر إلى تلك بالأعمال السيئة».
نحن نبحث عن تطوير النفس، وتقدلام الذات، وننفق الأموال والأوقات، للحصول على دورات مكثفة في التغيير، وتربية الذات، وفنِّ التعامل، وهذا شيءٌ جميل يدللا على الوعي، ونُضْج العقل، ولكن هل سألْنا أنفسَنا عن أمر التغيلار المتعلِّق بالتديلان والاستقامة، هل استقامتنا هي استقامتنا قبلَ أشهر أو سنوات؟ هل تديننا وطاعتنا في ازدياد، أم إلى نقصان؟ وهل علاقتنا مع ربنا في تقدلامٍ، أمْ في تأخلار؟ ماذا عن تعظيمنا لشعائر الله؟ ماذا عن وقوفنا عندَ حدود الله؟ أسئلة عديدة يحملُ كللا واحد منَّا إجابتَها.
أيها المسلمون المباركون: إنَّ خطاب التغيير أوَّل ما يُوجَّه إلى الذي أثقلتْه الآثام، وكبَّلتْه الغفلة، وأقعدتْه نفسُه الأمَّارة، فلا يزال للهوى متَّبِعًا، وللذته الطائشة طالبًا، إلى الذي ربَّما أدمن على المحرمات، وهَجَر الباقيات الصالحات، ربما تلصَّص على المحارم، وارتكب ما شاء مِن المآثم، ربَّما عاش بعيدًا عن ربِّه، متعرِّضًا لسخطه، مُيمِّمًا وجهَه نحوَ الهوى والشيطان.
ومع ذلك كلِّه، فإنه يتمنَّى ويتمنَّى، يتمنَّى ماذا؟ يتمنَّى أن يُغيِّر حالةَ الشقاء التي يعيشها، وشؤم المعصية التي جثمتْ على حياته، كم فكَّر وفكَّر، أن يُغيِّر وضعَه ويتغيَّر، فيلحقُ بركْب الطائعين، ويُذلِّل وجهَه لله مع القانتين الساجدين! كم تمنَّى أن ينامَ قريرَ الجَفْن، وقد أدَّى حقَّ الله تعالى عليه! وكم تاقتْ نفسُه أن يكون حاملاً للقرآن، تاليًا له آناءَ الليل، وأطرافَ النهار ! كم تمنَّى أن يُحافظ على فرائضِ المكتوبات، ويستكثرَ من نوافل العبادات، ويعيشَ الحياة الطيِّبة المرغوبة!
إنَّها أمنياتٌ وأمنيات، إن دلت على شيء فإنما تدل على أنَّ في النفوس بقايا من الخير، وخبايا من الإيمان، ولله الحمد.
ولكن هل فكرنا بجِدٍّ، وقرَّرنا بحزم، أن نعيشَ هذه الأمنياتِ واقعًا ملموسًا، وشاهدًا محسوسًا؟
إنَّها والله سهلةٌ ويسيرة على من يسَّرها الله عليه، نَعمْ نستطيع أن نتغيَّر، فالطائع يزداد طاعةً وإيمانًا، والعاصي يكفلا عن خطيئاته، ويهجُرُ ماضيَه، نعمْ نستطيع أن نتغيَّر، ونتأقلَم بعد ذلك على الطاعة والسلانَّة، نستطيع أن نتغيَّر إلى الأحسن، ونتطوَّر إلى الأفضل، في سلوكنا ومعاملاتنا، وأخلاقنا وطاعاتنا، لكن كيف؟
قبل كل شيء لابد أن نقتنع بأهمِّيَّة التغيلار، وإمكانية التغيير، ثم نعلم أنَّ وسائل الوصول إلى هذا الهدف متعدِّدة، فأول ما نبدأ به في تغيير النفس تصحيحُ النية، فنُغيِّر أوضاعَنا، ونُصحِّح أحوالنا، ابتغاءَ مرضات الله، ورجاءَ نواله وأعطياتِه، وإذا صَحَّح العبدُ نيتَه، وأراد وجهَ ربِّه، أجِر على هذه النية الخَيِّرة، والبداية الصالحة، وهذه النيَّة الطيِّبة لها دَورُها العظيم في إصلاح النفس، وأثرُها الكبير في تكفير الخطايا وإن كَبُرتْ.
ومن المعالم الدالة على إرادة التغيير: أن يكون العبدُ كثيرَ الندم، شديدَ التأسلاف على ما مضى وكان، في أيَّام الغفلة والعصيان، فإذا تذكَّر حالَته الأولى تلجلجتِ الحسرة بين جَنباتِه، وظهر الأسى على مُحيَّاه، وهذه هي التي عبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها فقال: (الندمُ توبةٌ)، هذا الندم يفعلُ فِعلَه في حال العبد، فيَظهرُ أثرُ التغيلار فيه، فتراه رقيقَ القلب، عظيمَ الخشية، سريعَ الدمعة، كثيرَ الاستكثار مِن فعل الحسنة، والحسنة بعدها، فيكون بندمِه هذا كمَن لا ذنبَ له، ويكون بعد ذلك قريبًا من ربِّه، حائزًا محبَّتَه: (إِنَّ اللهَ يُحِبلا التَّوَّابِينَ وَيُحِبلا المُتَطَهِّرِينَ).
هذا التغيلار الذي يحبلاه الله، ويفرح له، قد أعدَّ الله لصاحبِه الأجورَ العظيمة، والحسناتِ الوفيرة، قال تعالى: (إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا).
ومن علامات صدق التغير نحو الأفضل: أن يكون العبد لوَّامًا لنفسه، كثيرَ المحاسبة لذَاتِه.
إذا نظرتْ عينُه الى حرام، عادَ الى نفسه وحاسبَها على زِناها، وإذا سَلَق لسانُه الأعراض، عاتبَ نفسَه على هذه الكبيرة، وإذا قصَّر في الفرائض فيما فات، عاهدَ نفسَه على اغتنامها فيما هو آتٍ، وهكذا تكون المحاسبةُ والمعاتبة للنفس قريبةً من شعورِه، لا تنفكلا عن أحاسيسه.
قال الحسن البصريلا: (العبد لا يزالُ بخير ما كان له واعظٌ من نفسه، وكانت المحاسبة همَّتَه).
ومِن علامات صدق التغيير: أن يكونَ العبدُ عاليَ الهِمَّة، صلب الإرادة، قويَّ العزيمة، ساعياً سعياً حثيثاً للتغير في طلب مرضاة ربِّه كما قال موسى عليه السلام: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى). وليس هناك شخص أعلى همة وأصلب إرادة وأقوى عزيمة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي قاد العالم بمنهج الله، فبدأ بالنفس البشرية، وصنع منها الرجال العظماء، ثم انطلق بهم ليحدث أعظم تغيير في العقائد والأفكار والتصور والمشاعر والأخلاق، فنقل الناس من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم، ومن التخلف إلى التقدم، وأنشأ بهم أروع حضارة عرفتها الحياة.
إن المتغير الإيجابي يمتلك نفسًا توَّاقةً نحوَ المعالي، يُنافس في أنواع الخير، ويُزاحم نحو كلِّ معروف، يَضرِب بسَهْم في كلِّ ألوان الطاعات، يرتاح مع الصلاة، ويعشق الصيام، ويَحِنلا للقرآن، ينشرح مع الذِّكْر، ويتلذَّذ بصلة الرَّحَم، ويسعد بزيارةِ المريض، ويأنس بمسح رأس يتيم، ويتحسَّس لسدِّ فاقة كلِّ كسير، ويتعاطف بنصرة قضايا أمته ووطنه، يُسارِع لِجَنَّة عرضُها السموات والأرض، من خلال تلملاس الأعمال التي يدخل من أبوابها.
وهكذا هي أيَّامُه وأحوالُه، هو مِن تقدلامٍ إلى تقدلام، ومن حَسن إلى أحسن، يُحرِّك هِمَّتَه ويوقدها قول خالقه: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ)، ويُعلي عزمَه وعزيمتَه آيةُ ربِّه: (يَا أَيلاهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
أيها المسلمون المباركون: إن الرتابة الدائمة في الحياة والسير على وتيرة واحدة تضفي على الحياة السآمة والملالة، ونتيجة لذلك ترى كثيراً من الناس يسأمون حياتهم ويملونها، لكن ديننا الإسلامي الحنيف أعطى للحياة طعماً مختلفاً ترمي خلف ظهرها كل سآمة وكل ملالة حتى تصبح الحياة طيبة كما قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
فمن أسرار الصلوات الخمس كسر رتابة اليوم، وما صلاة الجمعة في وجه من وجوهها إلا كسراً لرتابة الأسبوع، وما شهر رمضان المبارك الذي نحن مقبلون عليه بعد أيام قلائل إلا كسراً لرتابة السنة، وما ليلة القدر إلا كسراً لرتابة الليالي، وهكذا في كل محطة من هذه المحطات الإيمانية يجدد الإنسان حياته، ويقف أمام معان جديدة تعيده على جادة الصواب، ويبقى شهر رمضان هو المحطة الإيمانية العظمى من هذه المحطات، فهو نفحة إلهية وعطية ربانية، والذي ما شُرع الصيام فيه إلا لأعظم تغيير وأشرف غاية، قال تعالى: (يَا أَيلاهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون المباركون: إن من أعظم فرص التغيير الثمينة هو شهر رمضان المبارك، لما يمتاز به من توافر محفزات تساعد المسلم على التغيير الإيجابي، وترتقي به نحو الأفضل في دينه ودنياه.
وهذه المحفزات إما داخلية تتعلق بالجانب الإيماني داخل الإنسان، وإما خارجية تتعلق بالأجواء الإيمانية التي تحيط بالإنسان.
أما أبرز المحفزات الداخلية في هذا الشهر الكريم:
أولا: استشعار عظمة هذا الشهر المبارك الذي اختصه الله لنفسه، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عز وجل: إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، والذي نفس محمد بيده، لخُلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك).
ثانياً: التعمق في فهم حِكم الصوم، فإن الله عز وجل لم يفرض الصوم لأجل الجوع والعطش، وإنما أراد من المسلم تحقيق التقوى، وهي الحكمة العظمى للصوم، التي تدفعه إلى طاعة ربه، وتمنعه عن معصيته، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلاَّ السَّهَرُ).
ثالثاً: استحضار الثواب الجزيل الذي أعده الله للصائمين والقائمين، والتعرض لنفحات الله في هذه الأيام المباركة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)، وقال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)، وقال: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان، صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة).
رابعا: اختصاص أفضل ليالي العام في شهر رمضان، وأفضلها ليلة القدر، قال الله تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، فالعبادة فيها أفضل من عبادة ألف شهر.
خامساً: تأمل أحوال الصالحين في شهر رمضان، مع القرآن الكريم والقيام والإنفاق والصدقة وغيرها من الطاعات.
وأما المحفزات الخارجية:
أولاً: اجتماع جميع المسلمين على صيام هذا الشهر والعبادة فيه، وهو ما يحفز المسلم ويشجعه على الاستمرار في العبادة، ويدفعه نحو تغيير سلوكه وعادته نحو الأفضل.
ثانياً تغير السلوك من حيث الطعام والشراب والملذات، من خلال ضبط النفس والتحكم في الشهوات.
ثالثاً: تلازم أداء العبادات واستمرارها ما بين سحور وصيام وصلاة وقراءة قرآن وفطور وقيام وتهجد طوال الشهر من دون انقطاع، فيعيش المسلم بين أجواء إيمانية مختلفة تشجع على الاستمرار في الطاعة.
رابعا: السلوك الإيجابي الجماعي من خلال التزام المسلمين بالصوم وحفظ الألسنة والجوارح، مما يشيع روح الوحدة والإلفة والمحبة والتعاون والتعاضد والإحساس بالآخرين.
أيها المسلمون المباركون: لنجدد نياتنا، ونفتح صفحة جديدة في حياتنا، فهذا أوان التغيير بين أيدينا، وهذه نفحات ربنا قد أقبلت علينا، أما الذي لا يريد أن يتغير في رمضان، فإليه هذا التحذير النبوي الشديد، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (رغم أنفُ رجلٍ دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له) أي: لصِق أنفه بالتراب وهو كناية عن حصول الذل والمهانة.
أيها المسلمون المباركون: لا يحق لمسلم بل لإنسان أن يسكت أمام الجرائم والمجازر البشعة التي يرتكبها النظام الأسدي وأعوانه ضد الشعب السوري البطل الذي يقود معركة تغيير حقيقية نيابة عن الأمة، وآخرها مجزرة التريمسة التي راح ضحيتها المئات من الأبرياء
وأحب أن أبعث رسائل سريعة:
من مثلكم يا أهل الشام، ونحن أمام أمة عظيمة تصنع التاريخ بدمائها وتعيد الأمجاد بأرواحها وترسم العزة ببطولاتها.
من مثلكم يا أهل الشام ونحن تسيل دموعنا في سبيل نصرتكم، أما أنتم فتسيل دماؤكم في سبيل نصرة الأمة بأسرها. من مثلكم يا أهل الشام، فالمجازر والمآسي لا تزيدكم إلا ثباتاً، بل تهتفون بكل عزة: يا الله ما لنا غيرك يا الله، والله لن تُخذلوا.
من مثلكم يا أهل الشام، برغم آلامكم فأنتم ترجون من الله الشهادة والمثوبة والنصر والتأييد، أما هم فمع آلامهم لا يرجون شيئاً من ذلك، (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا).
من مثلكم يا أهل الشام، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله تكفل لي بالشام وأهله).
من مثلكم يا أهل الشام، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم). تهانينا العطرة لشهداء الثورة السورية: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)، وتعازينا الحارة في كثير من أصحاب القرار: (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ)، وآمالنا كبيرة في مصير الطغاة والباطنية والملاحدة: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
متى يرتقي أصحاب القرار من مجرد الإنكار القلبي الذي هو أضعف الإيمان إلى الإنكار باليد نصرة للشعب السوري؟.
إلى المتضامنين مع الشعب السوري، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من امرئ مسلم ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته).