مقالات
ماذا بعد أول انتخابات في ليبيا منذ 60 عاما؟
تاريخ النشر : السبت ١٤ يوليو ٢٠١٢
طرابلس من: أورينت برس
في 7 يوليو، توجه الليبيون إلى صناديق الاقتراع في أول انتخابات برلمانية من نوعها منذ 60 عاما، لاختيار 200 عضو في المؤتمر الوطني العام. وسيحل هذا المؤتمر مكان المجلس الوطني الانتقالي الذي مارس الحكم منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في الخريف الماضي. وبالطبع، ستكون مهام اختيار لجنة لصياغة الدستور الجديد، والحكومة الجديدة، وتعزيز الوحدة الوطنية لبلورة حكومة ذات ديمومة ديمقراطيا، خطوات حاسمة خلال الأشهر التاريخية الأولى لوجود المؤتمر الوطني العام في السلطة.
وفيما رأى العديد من المراقبين ان المرشحين الاسلاميين يملكون فرصا اكبر بين المرشحين البالغ عددهم اكثر من 3700 وهو ما يشير إلى ان ليبيا ربما تكون ثالث دولة فيما تعرف بدول الربيع العربي بعد مصر وتونس التي تضع الاحزاب الاسلامية موطئ قدم لها في السلطة بعد الانتفاضات التي اجتاحت المنطقة العربية العام الماضي، أظهرت نتائج الانتخابات الاولى تقدم التحالف الوطني على بقية المرشحين.
«اورينت برس» أعدت التقرير التالي عن الانتخابات الليبية الاخيرة:
أسدلت حشود غفيرة من الليبيين الستار على حكم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عندما قاموا بالتصويت في اول انتخابات وطنية حرة تشهدها البلاد منذ اكثر من 60 عاما. بموجب هذه الانتخابات، سيختار الناخبون جمعية وطنية تتألف من 200 عضو وستتولى مهمة انتخاب رئيس للوزراء ومجلس للوزراء قبل تمهيد الطريق لإجراء انتخابات برلمانية كاملة العام المقبل في ظل دستور جديد.
وفيما يأمل الإسلاميون في ليبيا تحقيق فوز مماثل للفوز الذي حققه جيرانهم التونسيون والمصريون، أظهرت نتائج أولية للفرز في طرابلس وبنغازي تقدم التحالف الوطني برئاسة محمود جبريل.
روابط سياسية
في حين أن الكثير من الليبيين اختاروا مرشحيهم على أساس الروابط القبلية والشخصية التي مازالت أساس التعاملات السياسية فإن الخطاب الإسلامي تصدر الساحة السياسية في الفترة الاخيرة. وعلى عكس ما حدث في تونس ومصر حيث كانت حركة النهضة وجماعة الاخوان المسلمين الأوفر حظا فإن الانتخابات الليبية ستسفر عن برلمان مؤلف من 200 مقعد يضم مجموعة غير مترابطة من الساسة يمثلون مصالح محلية مختلفة.
لكن من المرجح أن يكون الكثير من هؤلاء الساسة إما محافظين اجتماعيا وإما إسلاميين من التوجهات المختلفة، وقد تعين على كل المجموعات حتى الليبرالي منها اللجوء إلى خطاب إسلامي في محاولة لكسب رضا الناخبين الذين يحبون هويتهم الإسلامية لكنهم يجدون صعوبة في فك شفرات السياسة الحزبية والديمقراطية. فقد أصبحت العلمانية كلمة غير مرغوب فيها.
ومن المتوقع فوز اربع مجموعات بارزة بعدد كبير من المقاعد في الجمعية الوطنية التي ستساعد على صياغة دستور جديد لليبيا الجديدة، والجماعة الأكثر تنظيما هي حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين بقيادة السجين السياسي السابق محمد صوان. كما أن تحالف القوى الوطنية برئاسة محمود جبريل له شعبية خاصة بين الليبيين الأكثر علمانية والتجار الذين اعجبوا بأدائه عندما كان رئيسا للوزراء في المجلس الوطني الانتقالي وبسبب سياساته الاقتصادية.
ويصعب تحديد كيف سيكون أداء هذه الأحزاب أو من ستكون له الأغلبية في الجمعية الوطنية، لكنهم جميعا يعتمدون على العلاقات الشخصية والسمعة لا على الأفكار للفوز بمقاعد. كما ان عدم دراية الليبيين بالسياسة الحزبية تجعل الأحزاب الكبيرة تأخذ حذرها وتطرح مرشحين مستقلين معروفين يحظون بالاحترام في مجتمعاتهم حتى يتقربوا إلى الناخبين.
منافسة الاحزاب
اذًا، تشتد المنافسة على هذه المقاعد بين أربعة أحزاب سياسية رئيسية تشكل الثقل الأقوى في رأي المتابعين وهي «الجبهة الوطنية»، «تحالف القوى الوطنية»، «الوطن»، «العدالة والبناء». أحزاب «وليدة» اللحظة، لا يعرف عنها الليبيون إلا القليل، لكن يستثنى منهم حزب الجبهة الوطنية، الذي يعتبر امتدادا للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، التي تأسست في بداية الثمانينيات من القرن السابق، على أيدي مجموعة من الدبلوماسيين ممن انشقوا عن نظام معمر القذافي عام 1981، وأعلنوا معارضتهم له، وظلوا في المهجر طوال العقود الماضية.
إلا أن هذا الحزب لايزال يحتفظ برجاله حتى الآن، وأبرزهم الدكتور محمد المقريف، سفير ليبيا في الهند سابقا، وإبراهيم صهد عسكري، سفير ليبيا في الأرجنتين سابقا. ويعتمد الحزب بالدرجة الأولى على رصيده في النضال ضد «النظام الجائر» كما يؤكد، وعلى أنه التنظيم الوحيد، الذي لم يهادن القذافي كما أثبتت الأيام.
أما تحالف القوى الوطنية، فهو كيان حديث أعلن في بداية العام الجاري، أسسه الدكتور محمود جبريل، الذي تولى مهمة رئاسة وزراء أول حكومة انتقالية. ويرى جبريل أن «من أولويات تأسيس الدولة في ليبيا، هو فصل الدين عن السياسة». واستقال جبريل فور إعلان تحرير ليبيا، وتفرغ لتأسيس حزبه الذي يضم عددا من الأحزاب والمنظمات والتيارات والجمعيات والشخصيات التي تؤمن بفكره نفسه. يعتمد الحزب على أفكار وسطية تميل إلى الانفتاح، ويؤكد القائمون عليه أنهم «ملتزمون بوحدة تراب الوطن، منفتحون على التراث الإنساني والحضارات البشرية، حريصون على صياغة دستور جديد على أساس من التوافق الوطني ليكون منسجما مع الهوية الثقافية للشعب الليبي ومحققا لآماله وتطلعاته»، ويتخذ الحزب من زهرة الصبار رمزا له. وبحسب النتائج الاولية فهو يحقق نتائج جيدة جدا.
الأحزاب الإسلامية
من جانبه، يعتبر حزب «العدالة والبناء» جديدا هو الآخر، لكنه مبني على سيطرة جماعة الإخوان المسلمين». 40 في المائة من مؤسسي الحزب هم من الأعضاء البارزين في حركة الإخوان المسلمين، التي أكد منسقها بشير الكبتي، مرارا وتكرارا، أنهم لن يشاركوا في الانتخابات كجماعة.
في المقابل، تحدث عن دعم الجماعة لأي حزب صاحب مرجعية إسلامية. حزب «العدالة والبناء»، أسسته مجموعة من السياسيين ورجال الأعمال والمعارضين السابقين وأعضاء في المجلس الوطني والحكومة الانتقالية، ويؤكد مؤسسوه أن حزبهم هو حزب وطني بمرجعية إسلامية، الانضمام إليه متاح لكل ليبي يؤمن بمنطقهم، ويهدف إلى تحقيق طموحات الشعب الليبي إلى الحرية والعدالة والعيش الكريم، متخذا من الحصان رمزا له، ومن جملة «لتعم العدالة ويعلو البناء» شعاره.
والحال ليس مختلفا كثيرا بالنسبة إلى حزب «الوطن»، إذ يعتمد على المرجعية الإسلامية في إدارة شؤون الدولة. أبرز مؤسسيه هو القيادي السابق في الجماعة الإسلامية المقاتلة، عبدالحكيم بلحاج، إلى جانب مجموعة من الإعلاميين الشباب وبعض شباب الإخوان المسلمين، الذين رأوا أنه قد آن الأوان لتأسيس حزب لا يعتمد على ايديولوجية معينة سوى الشراكة في الوطن.
حكم جديد
يذكر ان عدد الناخبين المسجلين بلغ مليونين و865 ألفا و937 ناخبا وناخبة، بحسب المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا. ويخوض 2639 مرشحا الانتخابات في القوائم الفردية ويتنافسون على 120 مقعدا، في حين يتنافس على باقي المقاعد وهي 80 مقعدا أكثر من 500 مرشح من 374 كيانا سياسيا من خلال القوائم الحزبية.
ويقسم قانون الانتخابات ليبيا إلى ثلاث عشرة دائرة انتخابية ويحظر على أعضاء الحكومة الانتقالية الحالية وأعضاء المجلس الانتقالي الليبي، وعددهم 85 شخصا، الترشح لانتخابات المؤتمر الوطني العام، كما يمنع من الترشح المسؤولون السابقون في نظام القذافي.
ويعين المؤتمر رئيسا له في أول انعقاد له، ثم خلال 30 يوما يقوم المؤتمر بتعيين رئيس الوزراء، واختيار هيئة لصياغة الدستور تقوم بتقديم مشروع الدستور في مدة لا تتجاوز 120 يوما.
يطرح مشروع الدستور للاستفتاء عليه بنعم أو لا خلال 30 يوما من تاريخ اعتماده من الهيئة التأسيسية الخاصة بصياغة الدستور. وإذا وافق الشعب الليبي عليه بأغلبية ثلثي المقترعين تصدق الهيئة على اعتباره دستورا للبلاد، ويحال إلى المؤتمر الوطني العام لإصداره، وإذا لم تتم الموافقة عليه تقوم الهيئة بإعادة صياغته وطرحه مرة أخرى للاستفتاء خلال 30 يوما من تاريخ إعلان نتائج الاستفتاء الأول.
وتتولى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إجراء الانتخابات العامة رئاسية وتشريعية خلال 180 يوما من تاريخ صدور القوانين المنظمة، ويعلن المؤتمر النتائج خلال 30 يوما.