الجريدة اليومية الأولى في البحرين


الثقافي

قصة قصيرة

بعنــــــــــوان 00:00:36:58

تاريخ النشر : السبت ١٤ يوليو ٢٠١٢



حدث ذلك عندما كنت أنا ولاسيل في فترة ما بين الطفولة والمراهقة، أدرنا آلة التصوير على وضع التسجيل، أشعلنا حزمة من الألعاب النارية، وهيأنا المسدس قاذف الكريات الملونة، وضعنا في إحدى فوهات المسدسات التي لدينا خليطا من بودرة مادة ثاني اكسيد الكربون، أصبح العرض قطعاً وكأنه نسخة طبقة الأصل من الحلقة الثامنة والثلاثين لمسلسل سميث ويسون، وزعنا الادوار فيما بيننا اخذت اخت لاسيل دور التصوير، وانا الرجل الذي يحمل المسدس، اما لاسيل فقد كانت هي الضحية.
أولاً: أخذنا سدادة علبة الصفيح المعدنية من المطبخ، من فوق الطاولة التي تضع والدتي عليها مفاتيح سيارتها والمفاتيح الاحتياطية عند قدومها كل يوم من العمل، وقمنا بلفها على خصر لاسيل، ثم ربطنا حزمة من الفتيل ببعضها البعض حتى اصبحت متماسكة ، وقمنا بتثبيتها على خصر لاسيل أيضاً ثم وضعنا صلصة الطماطم الحمراء ولطخنا لاسيل بها، تلك كانت فكرتي انا.
قالت لاسيل: «هذا لن ينفع» كيف سأشعل الفتيل على خصري وكل هذه الصلصة على جسدي؟
قلت : «سوف نغطيها بالقميص».
قالت لاسيل: «قميصي»؟
قلت: «نعم»
كانت الرياح قوية، لم تتمكن لاسيل من إشعال النار في الفتيل، كل هذه اللقطات كانت مسجلة على آلة التصوير التي في يد أخت لاسيل، صوت إطلاق النار قادم من خلف تلك النافذة، وآلة التصوير تسجل وصوت الصراخ يملأ المكان، لم يكن العرض كما لو انه خدعة، كان من الممكن أن نضيف تفاصيل أكثر إثارة.
ذهبت أنا ولاسيل الى الممشى، قامت لاسيل بالميلان الى الأسفل حتى ان أختها لم تستطع ان تصورها، تساءلت عن ما تقوم به لاسيل، لم نستطع أن نصور المشهد، لم نخطط لذلك، لقد وقعنا في مشكلة، عليّ أن أرتجل مشهداً أكثر حيوية وإثارة الآن، يجب ان انقذ الموقف، أفكر فيما سأقول وسأفعل حيال ذلك، ماذا لو كان المشهد هو أن اطلق النار مرة واحدة فتسقط لاسيل وأختها على الارض وهنا ينتهي العرض، تموت الاختان، لكن الصوت عال وضجيج المدينة لا يسمح بهذا المشهد، أمي، تعالي الى هنا، استديري نحوي، على ان اقضي عليهم جميعاً، تلك القطط السوداء انها تهاجمني، فارتعشت ثلاث رعشات وكأنني قد اطلقت النار عليها كانت تلك الرعشات ارتداد قوة الطلقات النارية، موقف مرتجل جيد، في ومضة واحدة، تلطخ المكان باللون الاحمر، هنا وهناك، لاسيل تقع أرضاً تنزف بغزارة، وأختها تصور المشهد، هنا يأتي الجزء المفضل، ذهبت أخت لاسيل الى المحل الذي بقرب الممشى، لتأخذ لقطات بعيدة، رأينا كيف ان الناس قد استمتعوا بالمشهد واللقطات الدموية، كانوا يجلسون على طاولات مقهى الدب البرونزي، ومظلاته الملونة الكبيرة، يرتدون ملابس أنيقة، شخصيات كبيرة قد شاهدت التصوير واللقطات.
كنت كلما أدير الة التصوير لأشاهد تلك اللحظات المصورة أتساءل لو أن تلك المقاطع التي اوقفنا فيها آلة التصوير عن التسجيل، كيف كانت لتكون مجريات الأحداث فيها، كنت استمتع بالمشاهدة والإثارة التي تحتويها اللقطات، كنا قد التقطنا بعض الصور التذكارية، تلك الصور المحببة، جودتها عالية، ولكنها أصبحت ملطخة بالبقع السوداء والبنية البارزة على وجوهنا.
المقطع الأخير من اللقطة الحاسمة تستيقظ لاسيل والابتسامة العريضة على وجهها، تفر هاربة الى الشارع الرئيسي، الكل يشاهد ما سيحدث بعد ذلك، تقف في وسط الطريق تائهة تلتفت الى الوراء، تأتي سيارة مسرعة تجاهها وتصدمها، تسقط أرضاً، ميتة، الكل يصفق، انها لحظات ارتجالية فريدة انقذت الموقف وأثارت الجميع، هتفوا تراجيديا ارتجالية رائعة يا لها من لقطات، كنت مخالفاً لفكرة الاستمرار في التصوير ولكن آلة التصوير كانت قد سجلت الأحداث.
كانت أحلى اللقطات على وجه الإطلاق هي لحظتي أنا ولاسيل، وأخت لاسيل هن من أنرن العرض، لقد جعلنه يصبح واقعيا.