الجريدة اليومية الأولى في البحرين


سالفة رياضية


أصل الحكاية

تاريخ النشر : السبت ١٤ يوليو ٢٠١٢



متى وأين ولماذا وكيف اهتدى الناس إلى ممارسة الرياضة بشتى صنوفها وأشكالها المتعددة والمترامية الأطراف وبحجم الجهد الذي يبذل فيها ونسبة المياه التي تفرزها الأجساد المجهدة؟ استفسارات عامة وأسئلة كثيرة طرحت ولااتزال تطرح وقد وجدت لها العديد من الإجابات الشافية ولكن أصل الحكاية في جميع الأحوال هو البحث عن السعادة والمتعة الحقيقية التي ينشدها من يمارس الرياضة وكذلك الحال عند من يتابعها عبر وسائل النقل المتنوعة أو ميدانيا عندما يتجشم عناء الرحيل إلى موقع الحدث وحده أو مصطحبا عائلته، وهنا تأكيد صريح لصحة ذلك متى ما مورست في دائرة الخلق الرفيع والمبادئ المتفق عليها والروح الرياضية المسلم بها أولا ومن ثم إظهار المهارات الفنية المبهرة والإمكانيات البدنية العالية التي يتميز بها شخص عن شخص آخر ولاعب عن متفرج.
إذاً ممارسة الرياضة بكل ما نجده داخل محيطها العام من إقامة لبرامج وأنشطة وفعاليات رياضية ودوريات محلية في مختلف الألعاب والمسابقات العامة والخاصة والبطولات والدورات الأولمبية إقليمية أو دولية تجتمع فيها نجوم ونجمات الرياضة في بلد واحد ومع كل ما يحيط بها من زحف مهيب للجماهير التي تصطف كتفا بكتف وأحيانا تتكدس فوق بعضها البعض لساعات طويلة غير آبهة للتقلبات الجوية إن كانت حارة أو باردة هي في الأًصل رسالة إنسانية لإسعاد الناس ولجمع الأجساد والقلوب معا تماما كما هو الحال في الرسالات الإنسانية الأخرى الفنية والصحية والتعليمية والاجتماعية وغيرها.
والأمثلة القريبة والدالة على ذلك كثيرة ومنها على سبيل الذكر وليس الحصر ما تابعناه مؤخرا في بطولة ويمبلدون ثالث البطولات الأربع الكبرى في التنس ورأينا إقبال الجمهور الغفير رجالا ونساء وأطفالا داخل وخارج محيط الملعب، مستمتعين ومصفقين للمحات الفنية العالية للاعبين البارعين ومنهم فيدرر الفائز باللقب وأقوى منافسيه موراي والصربي نوفاك ديوكوفيتش بطل العام للموسم الماضي وقبل كل شيء استمتع الجمهور بمستوى الأخلاق النبيلة والصداقة والمحبة والتسامح عند اللاعبين على الرغم من فوزهم وخسارتهم واختلاف بلدانهم ولغاتهم، وكذلك الحال نجده في دوري السلة الأمريكية «إن بي أي» وما يسمى بدوري العمالقة وفي ألعاب القوى وغيرها وفي يورو 2012 حيث استمتع الجمهور العربي عبر الشاشات الفضية قبل الجمهور الأوروبي القريب قلبا وقالبا من هذا الحدث الرياضي المتميز، والحل ذاته ينطبق على الدوريات الأوروبية وفي مقدمتها الأسباني الذي يتميز عن غيره بوجود أفضل لاعب في العالم الساحر وسارق العقول والقلوب ميسي المذهل في أدائه والباعث للسعادة للناس وهي يقدم ما لا يقدمه الآخرون مع فريقه برشلونه وأيضا كرستيانو رونالدو الذي يزاحمه مع فريقه ريال مدريد وهما يتنافسان في هز الشباك وأشياء كثيرة داخل الملعب ويقدمان كل ما لديهما من فنيات كروية من أجل إمتاع الناس والجمهور الذي يملأ المدرجات.
وأصل الحكاية تنطبق كذلك على رياضتنا التي هي جزء من الرياضة العالمية ووجدت من أجل إسعاد وإمتاع الناس، ومن الطبيعي أن نجد الجمهور يستعد ويرسم ويخطط لقضاء أوقات ممتعة في متابعة أحداث رياضة محلية ويزحفون بحثا عن الفرجة الممتعة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل أجواء الفرجة والرسالة الرياضية متوافرة ومكتملة؟ والجواب بكل صراحة «لا» حيث غياب النجوم البارزين والمؤثرين والقريبين من القلوب وتلبد الأجواء وغياب الصالات والملاعب والنموذجية القادرة على استيعاب أكبر عدد في أريحية وطمأنينة، والأهم من كل شيء عدم اكتراث معظم الرياضيين من إداريين وفنيين ولاعبين باحترام الأنظمة والالتزام بالقوانين المعمول بها وتحول المباريات في أحيان كثيرة إلى ساحات عراك ومناوشات وتصفية حسابات وآخرها ما حدث في يوم الأحد الماضي من خروج عن المألوف خلال المباراة الثانية بين المحرق والأهلي في دوري زين البحرين لكرة السلة ومن شأن مثل هذه الأمور أن تعكر صفو الرياضة وتفسد الذوق العام لهذه الرسالة الإنسانية وتحول البوصلة إلى مسارات أخرى لا علاقة لها بالرياضة ولا يمكن أن يقبل عليها الناس لقناعتهم التامة بأنهم سيندمون على تخصيص جزء من وقتهم في مكان لن يجدوا فيه السعادة والمتعة التي ينشدونها.
سألني الناس
هل ستحضر مع عائلتك لمتابعة مباراة ختام الدوري؟
أجبتهم:
أنا في حيرة من أمري، مازلت أبحث بجدية عن مكان أسعدهم فيه، خائف أن ينتهي بي الأمر كالعادة في أحد المقاهي، أتلذذ واستمتع بوقتي وأنا انفث دخان الشيشة وأراه يتطاير في الهواء.