الجريدة اليومية الأولى في البحرين


كما أرى


أدوية مغشوشة

تاريخ النشر : السبت ١٤ يوليو ٢٠١٢

عبدالله المناعي



أكتب هذا المقال للفت انتباه العاملين في المجال الصحي والعاملين في مجال مراقبة الأدوية لما نشر مؤخرا حول أدوية مغشوشة قد نستورد منها الآن أو في المستقبل أو ؟ نستورد منها نهائيا. ولكن من الأفضل ان ننتبه لهذه التحذيرات قبل أن تقع الفأس في الرأس. ولكنني يجب أن أحذر القراء ان هذه المعلومات يجب أن يتم التأكد من صحتها قبل ان نعتبرها حقائق دامغة.
قبل أعوام وخلال حوار مع احد الاصدقاء من الاطباء البحرينيين قال لي انه شاهد شيئا غريبا بأن طفلا يبلغ من العمر نحو 5 أعوام أحضره والداه الى المستشفى بعد أن اكتشف والداه أنه شرب قنينتين كاملتين من دواء يستخدم لعلاج الكحة. وأضاف هذا الصديق الطبيب ان الغريب في الموضوع انه بعد إجراء التحاليل اللازمة اكتشف الاطباء ان نسبة السموم في جسمه من جراء تناوله قنينتين كاملتين من هذا الدواء لم تبلغ مستويات خطرة بالرغم من أن الطفل تناول هذه الكمية وكان يفترض ان تصل معدلات هذه المواد الخطرة في دمه الى مستويات خطرة جدا مما يدل على عدم فعالية الدواء. وبعد أن رأى الاطباء القنينتين الفارغتين من الدواء اكتشفوا أن الدواء مصنوع في إحدى دول العالم الثالث. لن أقول لكم في أي مستشفى أو أي بلد وقع ذلك لأنه من غير المهم معرفة ذلك.
أما الأهم فهو مقال يربط ما حدث قبل اعوام بمقال نشر في صحيفة «وول ستريت جورنال» للدكتور روجر بيت وهو طبيب وباحث أمريكي. يقول بيت في المقال انه وفريقه أجروا بحثا على 2600 دواء مصادق عليه من قبل منظمة الصحة العالمية لعلاج الملاريا والسل والالتهابات البكتيرية في الدول ذات الدخل الصغير والمتوسط التي تضم غانا ونيجيريا وتركيا والهند والصين ليروا مدى فعاليتها. واكتشفوا أن الادوية الصينية والهندية كان أداؤها سيئا جدا وانه في بعض الاحيان نحو 20 في المائة منها لم يجتز اختبارات الجودة الأساسية. ويقول بيت ان نحو 15 في المائة من الأدوية الصينية التي وافقت عليها منظمة الصحة العالمية لم تحتو على معدلات كافية من العنصر النشط اللازم لعلاج المرض.
ويقول بيت إن الأدوية ذات الجودة المتدنية تحتوي على كمية إما قليلة وإما كثيرة من العنصر النشط وأنهم بعد أن تأكدوا من الكميات بحسب المصنع الذي قام بتصنيعها وجدوا أنها بشكل منتظم تحتوي على كمية قليلة من العنصر النشط. ويؤكد بيت أنه بتعريض الناس لكمية أقل من المعدل المطلوب من العنصر النشط فإن ذلك يزيد من وتيرة مقاومة الدواء ويعرض شعوب كاملة للخطر. ويضيف ان المصنعين الصينيين والهنود بإمكانهم أن يصنعوا أدوية ذات جودة عالية وهذا ما مكنهم من الحصول على موافقة منظمة الصحة العالمية، إلا أن هؤلاء المصنعين وبسبب قلة الرقابة عليهم خفضوا جودة الأدوية بعد حصولهم على تلك الموافقة.
المقال طويل والاتهامات في غاية الخطورة وقد أطلقت منظمة الصحة العالمية تحقيقا في هذا الشأن. إلا أنه يبدو أننا لا نستطيع الاعتماد على منظمة الصحة العالمية في جميع الأحوال وان صحة المواطنين يجب أن تكون من اهتمام كل دولة. أتمنى أن تطلعنا وزارة الصحة على مدى تأثير هذا البحث على البحرين (إن كان له تأثير إطلاقا) وأنا واثق أنها ستستمر في تحسنها الملحوظ في التعاطي مع الجمهور والصحافة. ولكن يجب ألا نقف عند هذا البحث ويجب أن نتعلم منه لنطمئن بصورة دورية على مصادر أدويتنا.