الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٢ - الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٥ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


رسام عراقي يستوحي أعماله من الكتب المحترقة





بينما كانت بغداد تحترق، ذهب الرسام العراقي قاسم السبتي إلى احد اقرب الاماكن إلى قلبه وهو اكاديمية الفنون الجميلة ليجد ان النيران قد امسكت بالالاف من كتبها وسجلاتها.

لقد كان ذلك في إبريل ٢٠٠٣ عندما وصل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق وبدأ في مارس إلى بغداد.

وسرد السبتي الذي شاهد الحريق من شرفة منزله في وسط بغداد كيف احترق ستة الاف كتاب عن الفنون وكيف حاول انقاذ بضعة قليلة من هذه الكتب قبل ان تلتهمها النيران.

وقال انه حاول انقاذ كتاب يتضمن مناظر طبيعية روسية كان يحبه. واضاف انه كان يتابع دائما اعمال الفنانين الروس لمعرفة كيفية رسم المناظر الطبيعية لتدريسها لطلابه.

وتابع انه شاهد هذا الكتاب وهذا الحريق الهائل مما دفعه ليضع يديه داخل النيران لانقاذ الكتاب الا ان اللهب طال اصابعه وسقطت نصوص الكتاب في النيران ولم يتبق في يديه سوى الغلاف.

وكان فقد الكتب ضربة هائلة للاكاديمية التي عانت لتجميع مقتنياتها خلال السنوات الاخيرة قبل الغزو جراء العقوبات والتمويل الهزيل. لكن بالنسبة الى السبتي تحولت الكتب التالفة إلى مصدر إلهام فني استمر معه نحو عشر سنوات.

وقال انه عندما شاهد غلاف الكتاب رأى شيئا فنيا، مشيرا إلى الآثار التي خلفتها النيران والمياه على الغلاف المصنوع من الورق المقوى.

واستخدم السبتي قطعا من الكتب لصنع لوحات فنية تتضمن صورا مجمعة استخدم فيها مزيجا من اغلفة الكتب والورق والالوان.

ويحث الرسام البالغ من العمر ٥٨عاما، الناس على زيارة معرضه الصغير في بغداد ليتلمسوا اعماله الفنية بأيديهم وليشاهدوا عن قرب القطع التي استخدمها في اعماله مثل ختم امين مكتبة وكتابات عربية بارزة في الهوامش. وبدأ موخرا في طباعة صور مكبرة من الكتب على القماش.

ومنذ ٢٠٠٣ اقام السبتي معارض فنية في باريس ونيويورك وطوكيو وكيوتو. وقال إن الفنانين في بلاده يعانون اكثر مما سبق ليكسبوا قوت يومهم اذا ظلوا في العراق طوال الوقت.

واضاف خلال المقابلة التي اجريت في معرضه الذي يضم رسوما ومنحوتات لفنانين عراقيين اخرين ايضا ان عددا قليلا جدا من الفنانين بقوا في العراق.

وقال السبتي ان الانقطاع المتكرر في الكهرباء يعني ان فن الخزف التقليدي العراقي اندثر واشار إلى قطع صغيرة قليلة في المعرض صنعها احد المدرسين في الاكاديمية.

وتابع ان السنوات العشر الاخيرة مضت من دون صنع اعمال فنية من الخزف. وقال إن عدد فناني الخزف المتبقين الآن في العراق ربما لا يتجاوز الخمسة في جميع انحاء البلاد في حين ان عددهم قبل ذلك ربما كان يصل إلى .٥٠٠

واضاف انه لا يوجد في بغداد سوى معرضين خاصين، بينما كان يوجد بها اكثر من ٢٠ معرضا قبل .٢٠٠٣

وفر مسؤولون وابناء اسر الطبقة الوسطى وزائرون اجانب مما يعني ان عدد الاشخاص الذين قد يشجعون او يشترون الاعمال الفنية أصبح قليلا.

وعلى الرغم من تراجع اعمال العنف في العراق والتي وصلت الى ذروتها خلال الهجمات الطائفية التي قتل خلالها عشرات الالاف في عامي ٢٠٠٦ و٢٠٠٧ الا ان سلسلة التفجيرات التي شهدتها البلاد مؤخرا ألقت الضوء على التحديات الامنية الكبيرة التي لا تزال تواجه العراق.

وخلال الشهر الماضي قتل ما لا يقل عن ٢٣٧ شخصا واصيب ٦٠٣ اشخاص آخرين في هجمات اغلبها بقنابل مما جعل شهر يونيو هو الاكثر دموية منذ انسحاب القوات الامريكية في نهاية العام الماضي.

لكن لا يزال هناك بارقة امل للسبتي واقرانه. وتعهدت الحكومة الاسبوع الماضي له بتمويل ٢٤ معرضا مقامة داخل معرضه لإظهار المواهب الفنية في البلاد. وقال إن هذه هي المرة الاولى التي يعرض عليه تلقي تمويل من الحكومة.

واضاف انه كان لا يهتم في السابق بمساعدة الحكومة، نظرا لوجود الكثير من الزائرين المهتمين بالفن اما الآن فالفنانون بحاجة فعلا إلى المساعدة. وتابع انه سيعترف بهذه المساعدة حين يحصل على الاموال.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة