الجريدة اليومية الأولى في البحرين


المال و الاقتصاد

سمير ناس يؤكد لـ "أخبار الخليج"
انفجرت القنبلة وسوق العقار يعيش "سوق مناخ" جديد

تاريخ النشر : الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٢



حذر رجل الأعمال سمير ناس، من أن يفقد السوق العقاري في البحرين سمعته أمام المستثمرين والمطورين والملاك، في ظل افتقار السوق للتشريعات والضوابط والقوانين التي تحفظ حقوق هذه الأطراف الثلاثة، وقال "لقد انفجرت (القنبلة الموقوتة) التي حذرنا منها قبل خمس سنوات من الآن، وبدأ الضحايا يتساقطون بالجملة، ولا أمل في أن يكون هناك منقذون أو مسعفون لهم".
وأوضح ناس، أن سوق العقار البحريني يعيش حاليا ظرفا أكثر حدة من الظروف التي عاش فيها المستثمرون في (سوق المناخ) قبل أكثر من عقدين من الزمان، وقال إن "هناك مئات المتضررين من صغار المستثمرين والملاك الذين تورطوا في عمليات استثمار أو شراء وحدات في المشاريع السكنية التابعة للقطاع الخاص، وأصبحوا عالقين وسط قضايا ليس هناك ثمة بارقة أمل للخروج منها نهائيا".
وتوقع سمير ناس أن تشهد أسواق العقار في البحرين خلال الفترة القادمة أزمة تاريخية غير مسبوقة، بعد أن صححت أسعار الأراضي نفسها، وهوت بقيم الأبنية إلى مستويات سعرية، ولم تعد الأسعار المعروضة تناسب القيمة الحقيقية للوحدة أو البناية في الوقت الراهن".
يذكر أن الأسعار ارتفعت في منطقة السيف من 20 دينارا إلى 250 دينارا للقدم المربع في غضون أقل من 10 سنوات، كما ارتفعت بنسب مماثلة في منطقة الجفير، إلا أن الأسعار صححت نفسها في الجفير تاركة عشرات المئات من الوحدات السكنية والمكاتب فارغة، فيما تتجه الأسعار في السيف إلى التراجع بحدة، مع ارتفاع كبير في الوحدات الجاهزة المعروضة، والمشاريع الجديدة قيد الإنشاء أو المتعثرة.
وأضاف ناس أن أسعار الأبنية الحقيقية بعد تصحيح أسعار الأراضي في هاتين المنطقتين، لم تعد تغطي جزءا يسيرا من الالتزامات المالية القائمة على الملاك تجاه البنوك والمؤسسات الدائنة، في وقت تشهد فيه الأسواق عرضا أكبر بكثير من الطلب، سواء على مستوى الوحدات السكنية أو المكاتب وخاصة في منطقتي السيف والجفير.
وقال إن "هناك مشكلات وقضايا بالجملة بين المستثمرين والمطورين والملاك في عدد من المشاريع والمدن السكنية قيد الإنشاء في الوقت الراهن، ولا نتوقع أن تجد هذه القضايا طريقها الى حلول نهائية، وخاصة في ظل حالة استمرار ارتفاع عدد القضايا العقارية المقدمة إلى السلطات القضائية التي لا تملك سرعة البت الكافية فيها، لسببين؛ الأول تكدس القضايا وكثرتها، والثاني عدم وجود قوانين متطورة ضابطة لسوق العقار في البحرين".
عن بداية المشكلة وتفاقمها، يقول ناس "المسئول الأول في الأزمة التي يعيشها سوق العقار في الوقت الراهن، هي البنوك والشركات الاستثمارية التي ضخت أموالا طائلة في الصناعة العقارية في البحرين، وخلقت طلبا كبيرا زائفا على الوحدات السكنية للأفراد والمكاتب، من دون دراسة جدوى اقتصادية حقيقية، وخلقت فقاعة سعرية كبيرة جدا، ثم ورطت نفسها وورطت الملاك والجهات المقدمة للتمويل، فانتزعت بذلك كامل الثقة من قطاع الاستثمار العقاري في البحرين".
وفي هذه الفوضى التي عمت السوق بكامله، بات كل مستثمر يشرع لنفسه قانونا خاصا للتملك، وهي جميعها قوانين لا تنسجم مطلقا مع القوانين المعمول بها في الأسواق المتطورة، ولعل أكثرها سوق العقار الاسترالي، اختلط الحابل بالنابل في البحرين، ونصب المستثمرون أنفسهم مصادر للتشريعات والقوانين، ودب الخلاف وإفساد القوانين الصادرة عن الجهات التشريعية على ضعفها وترهلها ونقصانها، ففقدت الأسواق ثقتها اليوم لدى جميع الأطراف المستفيدة من القطاع العقاري.
ولتوضح شيء من الفارق بين القوانين المأخوذ بها في حالة تملك المستفيد وحدة سكنية في بناية على سبيل المثال، في كل من البحرين وأستراليا، فإنه في ما تتباين وتختلف شروط تسليم المفتاح للمالك من شركة استثمارية لأخرى في ما يتعلق بالمقدم الذي يجب على المالك تسديده للشركة والنسب التي عليه أن يلتزم بسدادها، وهي نسب كبيرة جدا تتراوح بين 20% و30% في كل مرحلة زمنية يتفق بشأنها، فإن من حق المالك الاسترالي تسلّم المفتاح بعد تسديد 10% من قيمة الوحدة السكنية، ولا تترتب عليه أي التزامات بدفع نسب إضافية إلا بعد تجريبه للمسكن عمليا وموافقته على جميع مكونات الوحدة وجودتها.
من ناحية أخرى، لا يحق الشركة المالكة للبناية، بعد بيع 50% من وحداتها أن يدعي الملكية، بل يتولى مجلس ملاك معين إدارة شئون البناية وفقا لقوانين صادرة عن الدولة وليس من الشركة المالكة كما هو معمول بها في البحرين، ومجلس الملاك يطبق قوانين دقيقة جدا لدرجة أنه لا يحق لمالك الوحدة ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ التصرف في وحدته السكنية بيعا وشراء ما لم يكن ملتزما بسداد رسوم إدارة البناية، وإحضار شهادة بذلك من مجلس الملاك.
وإزاء هذه الفوارق المضحكة ـ يقول ناس ـ "لا نتوقع أن تجد مئات القضايا والخلافات المعروضة أمام المحاكم في البحرين من ملاك ومطورين ومستثمرين لا نتوقع أن تجد حلولا قريبة، وعليه فإن ذلك سوف ينال من هيبة سوق العقار في البحرين وثقة المستثمرين المحليين والإقليميين والعالميين فيها، وهو أمر خطير جدا في وقت تسعى فيه الدولة لتوفير الأرضية اللازمة لاستقطاب الاستثمارات الخارجية إلى الداخل".