قضايا و آراء
إدارة المشاعر قبل إدارة العقول
تاريخ النشر : الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٢
نحن اليوم أمام تحدٍ علميٍّ جديد لم يدخل أي مصنعٍ تكنولوجي ولم يخرج من أي خبازٍ أو مقهى لتدخين الشيشة في الوطن العربي الكبير.
في بلادنا المترامية الأطراف الغنية بالنفط ومشتقاته الذي جعل حكومات الغرب تختلف على من يُسيِّر مصالحها بالسرية التامة وتُبرم اتفاقيات دقيقة فيما بينها مع الشركات والمؤسسات وأحياناً الأفراد أو استخدام لفظ (القاعدة) كتبرير سياسي للتدخلات، نجد أنفسنا أشبهُ بالبقرة الحلوب التي لا ترفض أي إصبع يمكن أن تحاورها بالهمس وفي نهاية المطاف يتم إعلان اكتشاف مصب النيل العظيم الذي سيكون هو الأعظم في الفكر البشري خلال العصر الحديث.
إن بلادنا العربية لا تمتلك النفط ومشتقاته وحده، بل تمتلك، حسب التقارير الاقتصادية المتنوعة، التي توزع بين الفينة والأخرى في المؤتمرات الكلامية والبيانات الإعلامية الغزيرة بالمعلومات العلمية الراقية، الثروات الحيوانية التي لو كان (للثور) لسان أو (للبقرة) شفاه أو (للكبش) أو (التيس) سلطة على النقاش والحوار وإدارته بطريقتهم الحيوانية لطلبوا من الأمم المتحدة، أن تنظم لهم حوارات مع أكبر سلطات الغرب المُتسلطين علينا بإيحاء من الداخل المتفتت، والمتشرذم من الخارج ومن كل مكان، ولفازوا في الحوار الحيواني لأن ثروتنا الحيوانية يمكن أن تختار من يمثلها في الحوارات والمناقشة.
العالم الغربي ارتقت فيه الحيوانات إلى درجة انه لا يمكنك أن تطرد كلباً يريد أن يلحس يديك (وأنت مسلم) وعليك أن تخضع له بكل قوة وتلاطفه وإن اعترضت أو امتعضت فالمخالفة جاهزة وعليك أن تدفع غرامة (إهانة كلب) هذا هو القانون في الغرب وعليك أن تتصل بالممثلة السابقة الفرنسية الشهيرة بريجيت باردو فهي أول من طالب بحقوق الحيوانات في الدول الغربية وأسست جمعية لحمايتها.
إننا في الوطن العربي، حتى نصل إلى المفاهيم التي تجعلنا قادرين على إدارة أنفسنا كأفراد، أن نكون قادرين على إدارة مشاعرنا، ففي الغرب وصلوا إلى مرحلة (احترام) مشاعر الكلب والحمار (رغم ندرة وجود الحمار هناك وتوافره عندنا) وعلينا أن نسأل كيف ندير مشاعرنا والإنسان العربي مُضطهد المشاعر في الحضانة والمدرسة والجامعة والوزارة وفي المنزل ويُعامل في وطنه الكبير بالمواطن الهارب من ثقافته والداخل في ثقافة القاعدة وهي في نظر المروجين لها في الغرب والناشرين لها في أوطاننا وأنظمتنا الحديثة (الإنسان الذي يريد أن يتفطر في الجنة بعد أن يؤدي جريمة قتل الأطفال في الحضانة أو المدارس أو أي مكان يتجمعون فيه) على أن يرتدي (الحزام الناسف).
إن كنا لا نمتلك القدرة على إدارة مشاعر البشر كيف يمكننا أن ندير عقولهم؟
في الغرب أولوا هذه الإدارة (المشاعر) الاهتمام الرئيس، لأن الفرد هناك هو من يملك قرار إدارة عقله، ولأنه المالك لأغلى ثروة عنده، يُدرك أن النظام الذي يعيش تحت ظله هو من اختاره بمحض إرادته، وبالتالي فالنظام يساعده على تنفيذ هذه الادارة دون نقص أو استثناءات.
الأنظمة السياسية في العالم التي وصلت إلى درجة احترام مشاعر الإنسان، هي التي لا تجد فيها الثغرات لأن المنظومة (الإلهية) لا يمكن لأي قوة في الوجود أن تخترقها، والغرب يدرك ذلك لكنه لا يعلنه أو يعترف بالثقافة الإسلامية لأن مجرد الاعتراف يعني انهيار (الشركات والمؤسسات والأثرياء الأفراد) فالغرب هو منظومة رأسمالية بما فيها الطبقات العاملة التي يرفض أن يسميها كادحة لأنها (المالكة) الصناعية والتجارية والاستثمارية وهي التي منحت أوروبا قاعدة النهوض وحتى يومنا هذا وعلينا أن ندرك أن (الأب) ونفهم جيداً كعرب، أن الإنسان (الوالد) هو الحاكم (بأمره) في المنزل، الذي هو نواة المجتمع، وبإمكانه أن يؤسس طبقة معادية للمجتمع لأن وسائل الإنتاج التي يمتلكها سياسيا، تفوق ما تمتلكه الدولة إن كانت لا تحترم المشاعر الأسرية التي تبدأ من الأب مروراً بالأم وحسب الترتيب السياثقافي العربي وفقاً للتعاليم الدينية.
مما تقدم نرى، ان السلطات السياسية الحاكمة في الوطن العربي هي الأخرى تبدأ مقوماتها الوجدانية وبنيتها التحتية من الأب (المنتخب) من قبل الأفراد والجماعات (الجمعيات) أو (الأحزاب) أو أي نظام يتم الاتفاق الجماعي عليه، ولابد أن يكون احترام المشاعر يؤدي إلى احترام ما تم الاتفاق عليه جماعياً فالعقل في النهاية هو من يقوم بدور القائد لجسد الإنسان الذي هو (النفط والأرض والماء والأخضر واليابس والثروة الحيوانية)