الرأي الثالث
قراءة في خبر "ملايين" الأمريكان
تاريخ النشر : الأحد ١٥ يوليو ٢٠١٢
محميد المحميد
}} أول السطر:
جاءت مملكة البحرين في المركز الثاني خليجيا والثامن عالميا في مؤشر المشاركة الإلكترونية، وذلك طبقا لتقرير الأمم المتحدة للحكومات الإلكترونية 2012م، كل الشكر والتقدير للجهود الوطنية للأخوة في هيئة الحكومة الالكترونية.. وعساكم على القوة.
}} قراءة في خبر:
الخبر الذي نشر بالأمس على موقع "العربية نت"، ونفته السلطات المحلية بعد ساعات بخصوص الـ "11 مليون دولار أمريكي"، قيل إنه لدعم المعارضة الطائفية ثم قيل بعد ذلك إنه رواتب للجنود الأمريكان في القاعدة الأمريكية، يحمل وراءه حكاية وعدة رسائل سياسية وإعلامية، وأتصور أن الخبر لا يتوقف عند النشر والنفي، ولكن يحمل في طياته أمورا أكبر بكثير، مع تأكيد أن ما سأذكره مجرد قراءة إعلامية وتحليل سياسي للخبر فقط لا غير.
منذ أن أقيمت القاعدة الأمريكية في البحرين منذ عام 1946م حتى يومنا هذا لم نسمع أو نقرأ عن دخول مبلغ بالملايين هكذا بحوزة شخص، دون مرورها عبر الطرق الرسمية والحقيبة الدبلوماسية للسفارة، فلماذا الآن وفي هذا التوقيت وبهذه الطريقة تدخل الملايين من الدولارات الأمريكية وتوقفها السلطات البحرينية ثم يتم نشر خبر النفي.
لاحظ أن الخبر لم ينفي توقيف الشخص الأمريكي غير المقيم، الذي حمل المبلغ وسؤاله عنها والأوراق التي تقدم بها بهذا الخصوص، ولكنه قام بتفسير سبب دخول المبلغ، أي أن الحكاية كانت صحيحة، وهناك رسالة معينة يراد لها أن توصل للأمريكان ولكل الجهات التي تدخل المبالغ في البحرين، وتتخذ مواقف داعمة للمعارضة الطائفية وتمارس اللعب السياسي على الحبلين وتتدخل في الشأن الداخلي.
ربما تجدر بنا الإشارة هنا إلى أن القاعدة الأميركية تضخ 150 مليون دولار (نحو 57 مليون دينار) سنويا في الاقتصاد البحريني. ويشكل هذا الرقم نحو واحد ونصف في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين الأمر الذي يكشف الأهمية النسبية للبحرية الأميركية في الاقتصاد البحريني، وتتوزع نفقات البحرية الأميركية على الأمور الآتية: 62 مليون دولار للسكن والمعيشة، و28 مليون دولار للمرافق، و21 مليون دولار للخدمات التجارية، و11 مليون دولار للإقامة في الفنادق والمنتجعات، و11 مليون دولار أخرى للموارد البشرية، و10 ملايين دولار كلفة تشغيلية، و4 ملايين دولار للمنتجات والخدمات التي تباع في القاعدة إضافة إلى 3 ملايين دولار للصرف على الأنشطة الترويحية والاستجمام، ناهيك عما يصرفه الجنود الأمريكان في البحرين في الأسواق والمجمعات والمطاعم والفنادق ما يعني أن القيمة الحقيقية تتجاوز 150 مليون دولار. وهذا حسبما جاء في محاضرة ألقاها الأدميرال كيفن كوسغريف في شهر مارس 2008م وذلك ضمن فعاليات جمعية رجال الأعمال البحرينية، وبالتأكيد فإن المبلغ اليوم تضاعف كثيرا.
نعود الى خبر الملايين الأمريكية ونقول بأن الحكاية تحمل كذلك رسالة واضحة بأن ضخ الأموال الأمريكية للاقتصاد البحريني لم يعد مهما بالنسبة للدولة، لأن الأمن والاستقرار أهم بكثير من أي أموال، وهناك بدائل كثيرة يمكن الاعتماد عليها بدلا من ملايين الأمريكان التي تحمل في معظمها الشر والسوء للوطن والمواطنين، تماما كما تحدثت السلطات المصرية عن رفضها للمعونة الأمريكية السنوية واستخدامها في الابتزاز السياسي.
خبر الملايين الأمريكية يشير الى أن السلطات في البحرين مستاءة كثيرا من الموقف الأمريكي في الشأن الداخلي، وهناك مواقف ورسائل عديدة قيلت أثناء وبعد زيارة (بوسنر) مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للبلاد الشهر الماضي، والموقف النيابي والشعبي المطالب بطرد السفير الأمريكي وعدم استقباله في المجالس الرمضانية، ولذلك فإن نشر هذه الحكاية (الخبر ثم النفي) يأتي في سياق الموقف البحريني من الجهات الأمريكية.. دع عنك التصريحات الرسمية التي تؤكد عمق العلاقات التاريخية، ولكن أنظر لما هو في الواقع والميدان.
حكاية الملايين الأمريكية (الخبر والنفي) بعثت برسالة سياسية وإعلامية، سيفهمها الأمريكيون جيدا، وبالتأكيد ستعاملون بعد ذلك على ضوئها، أو هكذا أتصور.. ويفترض.
}} آخر السطر:
يبدو أن المعارضة الطائفية تريد أن تزيد في عدد طلبات المسيرات غير المرخصة من أجل أن تظهر للعالم أن المسيرات غير المرخصة في البحرين أكثر من المسيرات المرخصة، وكي تقول بأن السلطات البحرينية تحارب حرية الرأي والتعبير.. إنها لغة الأرقام والتلاعب فيها وفق الأجندة الطائفية.