الجريدة اليومية الأولى في البحرين


راصد


ضاعت فلوسك يا صابر!!

تاريخ النشر : الاثنين ١٦ يوليو ٢٠١٢

جمال زويد



هو اسم أحد الممثلين الرئيسيين في الفيلم العربي القديم المشهور المسمى (الأبطال)، وأطلق هذا الاسم على الممثل المعروف فريد شوقي الذي شاركه في دور البطولة أيضاً الممثل أحمد رمزي. قصة الفيلم تدور حول قيام مجموعة من اللصوص بالسطو المسلح على منزل أحد الأثرياء وسرقة خزانة حديدية كان يحتفظ بكامل ثروته فيها. أراد هؤلاء اللصوص إخفاء جريمتهم فقتلوا الزوج وزوجته وابنته وأشعلوا النار في المنزل لكن فاتهم طفل العائلة (أحمد) الذي كان مختبئاً تحت السرير وشاهد الجريمة بكل تفاصيلها وشخوص مرتكبيها. تم تلفيق الجريمة لصاحبنا (صابر) وتقرر سجنه (15) عاماً ليخرج بعدها ويقرر وفق أحداث دراماتيكية ملاحقة الجناة الحقيقيين ليأخذ منهم مبلغاً من المال يدبر به حياته ويواجه صعوباتها. غير أن الطفل أحمد الذي كبُر كان ينتظر خروج (صابر) على أحرّ من الجمر لأنه دليله الوحيد للانتقام من قتلة والده ووالدته وأخته. فكان (صابر) كلّما التقى بأحد أولئك المجرمين يتمكّن منه (أحمد) في اليوم التالي ليقتله. وهكذا حتى صار هذا مصير آخرهم.. فما كان من (صابر) حينذاك إلاّ أن قال عبارته المشهورة (ضاعت فلوسك يا صابر) التي مضت كما المثل الشائع والمستخدم عند كل عملية هدر أو ضياع أو تبذير و(يمكن سرقة ونهب) لأموال وثروات يُفترض أن محلّها الحفظ والصوْن والرعاية بدلاً من (البعثرة) والمجازفة فيها بينما صاحبها (صابر) في أمسّ الحاجة والعوز إليها، بل قد يكون من فرط حاجته ان يلجأ إلى المناشدات وإطلاق الرجاءات التي قد تصل إلى حدّ التسوّل و(الطرارة) بينما فلوسه ومستحقاته في مهبّ الريح!!
في أواخر الأسبوع الماضي قرأنا بكل حزن وأسى خبر ضياع أو فقدان ما يقارب الـ (60) مليون دينار قامت لجنة الاستثمار بالهيئة العامة للتأمين الاجتماعي بتمريرها على صورة قرض لأحد البنوك الذي تربطه بالهيئة صفقات سابقة خاسرة، وأن مصير هذا القرض الآن في طي المجهول لأنه قد يُصار إلى اعتباره من الديون المشطوبة نظراً إلى أن البنك مهدد بالإفلاس. ومن دون دخول في التفاصيل المؤلمة أكثر لكيفية تمرير هذا القرض من غير حصوله على الموافقات اللازمة ومآله؛ فإن مبلغاً قدره (60) مليون دينار كفيل بأن يصرخ (صابر) في كل مكان ويقول "ضاعت فلوسك يا صابر".
المتقاعد (صابر) قد يكون مواطناً أفنى أفضل سني حياته في خدمة بلده ليكتشف في تالي عمره أن ما يتحصّل عليه من مكافأة التقاعد لا تسمن ولا تغني من جوع، وأنه بدلاً من أن يكون مرتاحاً سعيداً واسع الرزق في آخر عمره يكون العكس تماماً، وأن أي محاولة أو مطالبة لزيادة مكافأته حتى ديناراً واحداً يأتيه الرفض من خلال الجواب الصارم بصيغة الخوف على أموال المتقاعدين والمؤمنين وما يسمونه بالعجز الاكتواري في حين أن الـ (60) مليون دينار الضائعة لم تمرّ على هذه الصيغ والتخوفات والعجوزات! المتقاعد (صابر) قد يكون أرملة أو أيتاما تتوق أسماعهم لتلقي أية أخبار عن زيادات يتمنونها ويتأملونها لتحسين سويّة معيشتهم قبل أن يُصدموا بأنهم محرومين منها حفظاً لتلك الأموال وديمومتها ومنعاً - ربما - من تبذيرها.. مسكين يا صابر.
سانحة:
"ينْب مُهبْ ينبِك، على الشّوك يرّه" هذا مثل شعبي يُطلق على الشخص حينما يبّذر ويُسرف في صرف أموال أو يُهمل أو يقلّ حرصه في المحافظة عليها طالما أنها لا تخصّه أو أن يكون قد حصل عليها من دون أن يتعب فيها بالضبط مثل الإنسان حينما لا يشعر بآلام وأوجاع الآخرين ما دامت الإصابة ليست في جسده.