الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٣٤ - الثلاثاء ١٧ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٧ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


الربيع العقاري..
منتظر أم مفقود





قبل أزمة عام ٢٠٠٨ وبعدها لا يزال سوق العقار المحلي يستعصي على التحليل. بعد اكتظاظ حركة البناء بالجفير سرت توقعات بأن مؤدى الأسعار لتهاوٍ، وبات الربيع العقاري للمستهلك وشيكاً. ولم يحدث شيء.

وأشعلت منطقة السيف نيران تنافس عقاري بتلك الضاحية فأصبحت محط تنافس للعقارات التجارية، ومع ذلك لم تشهد المنطقة انخفاضاً يستجيب لمتغيرات السوق، بحسب قانون العرض والطلب. وما حدث هو أن الشكوى من ارتفاع الأسعار استمرت، واستمرت معها تكهنات بانهيار السوق.

وذهب باحثون عن العقار الى أسواقه السنوية، والعرضية ليجدوا أن العثور على ضالتهم بعيد التحقق. وتستمر الشكوى من تصاعد أسعار العقار. والحقيقة أن سوق العقار لن ينهار، ولن تباع شقق بسعر التراب. لأن من بنى وعمّر هو بالأساس شركات استثمارية تبيع توخياً للربح وتحجب البيع تفادياً لخسارة آنية وانتظاراً لربح قادم.

وشاهد الأمور أن أكثر النشاط العقاري قائم للسكن الفخم، أو لمستثمرين، ومضاربين يبيعون بقدر ويمتنعون بقدر. وحتى الآن لم يجدوا أنفسهم على شفا حفرة مخيفة.

بدخول الصيرفة الإسلامية على الخط، كان الاستثمار العقاري هو المفضل لديها. فهو نشاط مارسته بلاد الإسلام لقرون من دون انقطاع. ولقد استجاب فقهاء الإسلام لمتطلبات أسواق المدن الإسلامية. ولذلك لم تجد لجان المصارف الفقهية كبير عناء في استنباط أطر قانونية معاصرة، مقارنة بمتطلبات صناعة أو خدمات أو نشاطات اقتصاد المعرفة.

وتضافرت تلك العوامل لتنعكس على السوق. والبحرين أتت متأخرة ومترددة وسلكت طريق استثمار عبّدتها دبي شعارها: العقار أولاً. ولذلك فتوقعات انهيار سوق العقار البحريني تسرف قليلاً. فالمستثمرون العقاريون، لم يوقفوا أنشطتهم على العقار فقط. وكما تعلمت الدولة ضرورات التنويع الاقتصادي وطبقته باكراً منذ السبعينيات، فإن المستثمرين المحافظين يعرفون أهمية عدم وضع جميع البيض بسلة واحدة، ولذلك فاستثمارات العقار هي جزء من أعمالهم وبإمكانهم الانتظار على مواجع دفع كلف صيانة أبنية قائمة بدل انجرار لمخاوف توقع وحدوث الأزمة.

وفضل بعض أصحاب العقار إعطاء تخفيضات خاصة لرجال الأعمال والشركات حين يلمسوا جدية منهم في الشراء. وبعض الملاكين أعطوا شققاً جديدة لقاء تسديد ديون سابقة. ولكنهم بشكل عام رفضوا رفع راية بيضاء وفضلوا انتظار تحسن الأوضاع.

وحقيقة الأمر أن الأشياء ليست بهذا السوء، ويعرف معنيون أن اقتصادات الخليج ليست على وشك دخول نفق مظلم. وهم لا يكترثون كثيراً لتوقعات انتقال آثار الأزمة. فهم يسمعون ذلك لسنوات أربع. ولم تحدث أمور كثيرة، وأن العكس هو ما جرى، فاقتصادات الخليج ازدهرت بارتفاع أسعار النفط أبان الأزمة، ولا يبدو أن هذا العنصر الإيجابي سيحجب في السنة أو السنتين القادمة. والازدهار القادم يحتاج الى عقارات، والعقار مستعد لقبول طلبات الزبائن.

ولقد كتبت العمود قبل أن أقرأ صباح اليوم أن جهاز المساحة والتسجيل العقاري سجل زيادة تداول لنصف العام الحالي بنسبة ٥٩% مقارنة بنصف ٢٠١١.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

    الأعداد السابقة