المال و الاقتصاد
القارة السمراء تغزو أسواق سندات اليورو
تاريخ النشر : الثلاثاء ١٧ يوليو ٢٠١٢
تواجه حكومات الدول الإفريقية التي تعتزم بيع سندات يورو خلال العامين المقبلين مخاطر ارتفاع تكاليف الديون بسبب أزمة الديون السيادية التي تعانى منها العديد من دول منطقة اليورو، والتي تهدد بانعدام استقرار الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي تحظى فيه بنوك الشرق الأوسط وإفريقيا بنمو سنوي نسبته 6.6% ليصل حجم أصولها الى أكثر من 5 تريليونات دولار خلال العام المقبل.
قالت وكالة بلومبرج إن بعض الدول الإفريقية مثل رواندا وتنزانيا، وأوغندا، التي ستطرح إنتاجها من البترول للمرة الأولى هذا العام تعتزم بيع سندات يورور بأكثر من 800 مليون دولار من الآن وحتى عام 2014 لتصبح أولى الدول في شرق إفريقيا التي تجمع أموالاً في أسواق الديون الأوروبية.
ويؤكد دونالد كابيروكا رئيس بنك التنمية الإفريقي أن العديد من دول إفريقيا ظهرت فيها هذا العام اكتشافات جديدة من البترول والغاز الطبيعي والمعادن مثل زامبيا التي أصبحت أكبر منتج للنحاس في إفريقيا والتي تعتزم بيع أول سندات لها في الأسواق العالمية خلال النصف الثاني من العام الحالي.
وإذا كانت أزمة ديون منطقة اليورو قد خفضت فعلاً النمو الاقتصادي والتجاري في إفريقيا لدرجة أن حكومات القارة السمراء لا تجد التدابير المالية اللازمة لتشجيع الطلب الاستهلاكي، فإن المؤسسات المالية والبنوك في الشرق الأوسط وبعض دول إفريقيا تحظى بأصول مالية ضخمة بلغت 4.5 تريليونات دولار العام الماضي، ومن المتوقع أن ترتفع أيضاً هذا العام لتصل إلى حوالي 4.8 تريليونات دولار.
ويرجع نمو أصول البنوك والمؤسسات المالية خلال العام المالي في الشرق الأوسط إلى ارتفاع حجم المدخرات والنمو الاقتصادي القوي في البلاد الغنية بالثروات البترولية مثل السعودية وقطر، لدرجة أن قيمة السندات في كل منها ارتفعت بحوالي 13.3% وإن كانت قيمة الأسهم تراجعت بحوالي 2.6% بسبب ضغط أداء الأسواق المالية في المنطقة.
لكن العديد من الدول الإفريقية مثل جنوب إفريقيا ورواندا وحتى نيجيريا خفضت فعلاً توقعات نموها الاقتصادي بسبب الركود المحتمل في أوروبا التي تعد أكبر شريك تجارى للقارة السمراء علاوة على أن دول الربيع العربي في إفريقيا تعرضت لركود اقتصادي بسبب الثورات التي أدت إلى انكماش الاستثمارات الأجنبية وإيرادات السياحة، مما جعلها تواجه عجزاً شديداً في الميزانية.
ورغم أن توقعات نمو قارة إفريقيا تشير إلى حوالي 5% كما يقول رافي باتيا، محلل الديون السيادية بوكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني، وهو معدل نمو مرتفع بالنسبة الى الدول المتقدمة، لكنه يرى أن هذا الرقم ليس كافياً لتحقيق تأثير ملموس، ومتواصل على مستويات الفقر المرتفعة بين سكان الدول الإفريقية.
ولذلك تلجأ دول إفريقيا، ولاسيما الموجودة في الشرق، والتي تحظى بثروات طبيعية إلى الاقتراض لتوفير التمويل اللازم لمشروعات البنية التحتية فيها، مثل محطات الطاقة وبناء الطرق ومحطات المياه والصرف الصحي، لدفع عجلة النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل للعاطلين في هذه الدول، حتى الدول التي تكسب معظم عملتها الأجنبية من السياحة وتصدير البن مثل رواندا تعتزم بيع سندات يورو بحوالي 300 مليون دولار العام المقبل، كما يقول جون روانجو مبوا، وزير ماليتها.
أما أوغندا التي اكتشفت مؤخراً حقول بترول بها احتياطي يقدر بنحو 2.5 مليار برميل من النفط الخام تنوى أيضاً بيع أول سندات دولارية في تاريخها من الآن وحتى عام 2014 أو عام 2015 كما ذكرت كيث موها كانيزي، نائب وزير خزانتها في تصريح نشره مؤخراً لوكالة بلومبرج.
ومع ذلك قد تؤجل الحكومات الإفريقية بيع سنداتها حتى يتمكن ساسة أوروبا من حل مشكلة الديون السيادية في منطقة اليورو بسبب ظروف الأسواق المالية العالمية التي تعتريها حالياً تقلبات شديدة.
ويؤكد ستيوات كالفيرهاوس، الخبير الاقتصادي في بنك أكوتيكس الاستثماري في لندن أن كينيا صاحبة أكبر اقتصاد في شرق إفريقيا، ستبيع سندات دولارية بحوالي 500 مليون دولار على الأقل في غضون سنة من الآن، لكن تتمكن من سداد ديونها وتمويل مشروعات البنية التحتية التي تنوى تنفيذها في الفترة المقبلة، كما جاء في تقرير وزير ماليتها روبنسون جيثاي الذي أرسله في نهاية الشهر الماضي الى بنك إكونيكس.
ويبدو أن تكاليف الاقتراض التي تراجعت هذا العام حتى بداية الشهر الحالي في الدول الإفريقية سوف ترتفع خلال الأشهر المقبلة بسبب أزمة أوروبا المالية التي ستؤدي إلى خفض الطلب ورفع الأسعار كما تؤكد كارمين التنكريس محللة الائتمان في وكالة فيتش للتقييم الائتماني.
وتراجعت عوائد سندات اليورو التي أصدرتها غانا بقيمة 750 مليون دولار والمستحقة السداد في عام 2017 بحوالي 55 نقطة أساس خلال النصف الأول من هذا العام لتصل إلى 6.076%.
وباعت نيجيريا أكبر منتجة للبترول في إفريقيا سندات دولارية بحوالي 500 مليون دولار بعوائد 6.75% في يناير من العام الماضي.
لكن هذا العوائد تراجعت 32 نقطة أساس هذا العام لتصل إلى 5.881% رغم أن هذه السندات يستحق سدادها عام 2021.
وتسعى حكومة تنزانيا التي عينت بنك سيتى جروب مستشارا ماليا لها إلى رفع تقييمها الائتماني لتتمكن من بيع أول سندات يورو لها خلال العام المقبل، كما يقول بينو ندولو، محافظ بنكها المركزي الذي نصحه سيتي جروب بإصدار سندات بحوالي 500 مليون يورو على الأقل.