الجريدة اليومية الأولى في البحرين


رسائل


تداعيات الحظر النفطي على إيران

تاريخ النشر : الثلاثاء ١٧ يوليو ٢٠١٢



بعد أن تردد على نطاق واسع ان إيران تقوم بتخزين النفط الذي لم تتمكن من بيعه على متن سفن وناقلات نفط يبلغ عددها 65 سفينة، أشاعت معلومات اخرى انها استطاعت ان تبيع حمولة 33 سفينة وان هذه السفن الفارغة عادت إلى الموانئ الايرانية.
تدخل هذه التقارير في إطار ما يتردد عن ان إيران تقوم بمناورات شتى لمحاولة الالتفاف على الحظر الذي يفرضه الاتحاد الاوروبي على تأمين السفن التي تنقل النفط الايراني الخام، وهو الحظر الذي طبقه الاتحاد في الاول من تموز/يوليو والذي ينص على فرض حظر تام على شراء النفط كما منع شركات التأمين وإعادة التأمين الأوروبية التي تسيطر على 90 في المائة من التأمين البحري في العالم، اعطاء تأمين لأي سفينة تنقل نفطا ايرانيا.
والنتيجة ان إيران والجهات غير الاوروبية التي تشتري النفط الايراني وخصوصا في اسيا التي تستورد 70 بالمائة من النفط الايراني الخام، باتت تبحث عن حلول لمواصلة تسليم النفط بأي ثمن، وذلك في الوقت الذي تتوقع فيه الوكالة الدولية للطاقة ان تؤدي العقوبات الجديدة إلى تراجع صادرات النفط الايرانية بنسبة 40 بالمائة.
"اورينت برس" أعدت التقرير التالي:
يبدو ان الحظر الاوروبي المفروض على النفط الايراني بكل اشكاله بدأ يضيق الخناق على الجمهورية الاسلامية ويدفعها إلى اتخاذ تدابير التفافية لتقليص خسائرها قدر الامكان.
فإلى جانب العقوبات الأساسية، فرضت الولايات المتحدة عقوبات ثانوية على إيران تقضي ليس فقط بحظر استيراد النفط بل ايضا بحظر التعامل مع الشركات والمصارف الإيرانية وكل ما له علاقة بالنفط، في مشهد يعيد إلى الاذهان التدابير التي اتخذها العرب ضد الكيان الصهيوني منذ لحظة ولادته. حينها رفض العرب التعامل مع إسرائيل، ولم يكتفوا بذلك بل اعلنوا رفضهم التعامل مع الجهات والشركات التي تتعامل مع اسرائيل.
لهذا قامت واشنطون بفرض حظر تجاري على كل تعاملاتها مع إيران بسبب برنامجها النووي، كما انها فرضت ارادتها على الكثير من الدول وخيرتهم بين التعامل التجاري معها أو مع إيران. وبالتالي فهي تجبر العديد من الدول على الانصياع لها وخصوصا انها تسيطر على خطوط كثيرة من التجارة العالمية مما يجعل دولا كثيرة مرغمة على الانصياع لرغباتها خوفاً من تحمل خسائر تجارية كثيرة.
اليوم، فرضت الدول الاوروبية حظرا على النفط الايراني وعلى تأمين ناقلات النفط التي تنقل النفط الإيراني ما دفع بالجمهورية الإسلامية إلى البحث عن حلول بديلة وان تلتفت إلى حلفاء آسيويين يقومون اليوم بفرض شروطهم المالية عليها.
شروط بديلة
فقد اقرت اليابان قانونا يتيح للحكومة ان تحل محل شركات التأمين الاوروبية لتأمين ضمان حتى قيمة 7,6 مليارات دولار للسفن التي تنقل النفط الايراني. إلا ان جهات اخرى تعتبر من كبار مستوردي النفط الايراني لم تشأ الخوض في هذا المجال مما ارغم إيران على عرض اقتراح بديل.
ووافقت الصين والهند وهما من ابرز مشتري النفط الايراني على عرض تقوم إيران بموجبه بتأمين سفنها بنفسها لنقل النفط، كما لا تستبعد كوريا الجنوبية التي علقت في الاول من تموز/يوليو وارداتها من النفط الايراني ان تحذو حذوهما. لكن مصدرا دبلوماسيا اشار إلى ان هذا الحل يصطدم بعراقيل عدة علاوة على الخلافات التجارية حول اسعار النقل التي اندلعت اخيرا مع الصين.
ويعتبر اسطول الشركة الوطنية الايرانية الذي يتألف من اربعين ناقلة نفط تقريبا تتراوح بين 100 الف و300 الف طن، غير كاف لينقل بمفرده اكثر من مليوني برميل "300 الف طن تقريبا" إلى وجهات بعيدة، وهي الكمية التي تصدرها إيران الدولة الثانية في انتاج النفط في اوبك يوميا، بحسب خبير اوروبي. وأشارت الاوساط المتخصصة إلى ان عددا كبيرا من هذه السفن استخدم في حزيران/يونيو لتخزين النفط الخام قبالة السواحل الإيرانية، الذي عجزت السلطات عن بيعه بسبب العقوبات. وأعلنت إيران خطة عاجلة لزيادة قدراتها على التخزين في البر التي بلغت حدها الاقصى في الوقت الحالي، من خلال اللجوء خصوصا إلى شركات خاصة. كما وقعت طلبية لاستيراد 12 ناقلة نفط ضخمة من الصين ومن المفترض ان تتسلم الاولى من هذه المجموعة في كانون الأول/ديسمبر القادم.
وهناك من اعتبر ان "هذه الاجراءات لا تحل المشكلة على المدى القصير"، مضيفا ان الحظر الاوروبي على اعادة تأمين ناقلات النفط "له التأثير نفسه حاليا" على صادرات إيران وعلى النفط نفسه.
التأمين البحري
من جهة أخرى، أشار دبلوماسي غربي في طهران إلى ان شركات ايرانية تقوم بتأمين ناقلات النفط الايرانية لكن رأسمالها ليس كبيرا ولا تبدو الدولة انها التزمت رسميا تقديم دعم في حال حصول كارثة يمكن ان تقارب مليار دولار، مما يثير شكوكا حول ملاءمة هذه الشركات في تغطية أي حادث يصيب ناقلات النفط وطاقمها. وتابع الدبلوماسي: "كما ان هذه الشركات يمكن ان تواجه صعوبات في التعويض عن اضرار في الخارج بسبب الحظر المصرفي المضروب على القطاع المصرفي في إيران".
وللالتفاف على هذه العقوبات، حاولت شركة النفط الوطنية الايرانية في الاسابيع الاخيرة تغيير اسماء ناقلات النفط او الشركات المالية التي تدير هذه الناقلات أو بلد التسجيل كمحاولة للتمويه، بحسب أوساط متخصصة.
وكان نائب أمريكي قد اتهم الأسبوع الماضي دولة تنزانيا بإعادة تسجيل ست ناقلات نفط إيرانية لديها مما أدى إلى فتح تحقيق من قبل السلطات في تنزانيا التي أعلنت استعدادها لإلغاء الإجراء خوفاً من العقوبات الأمريكية والأوروبية.
وكانت الجمهورية الإسلامية قد أعلنت في شهر أيار/مايو المنصرم ان 20 في المائة من صادرات النفط التي تحتكرها شركة النفط الوطنية يمكن ان يعهد بها إلى جهات تصدير خاصة وهو سبيل لبيع النفط الايراني من دون ضجة من خلال عمليات صغيرة وبواسطة تجار نفط صغار من شأنها الالتفاف حول العقوبات الغربية.
الناقلة نبتون
على صعيد آخر، اشارت معلومات موثقة إلى ان ناقلة نفط تحمل اسم "نبتون" كانت تحوم هذا الأسبوع من دون وجهة محددة في مياه الخليج العربي، غير أن اسمها الحقيقي "إيران آستنة" وهي جزء من أسطول يضم 65 ناقلة نفط إيرانية تستخدم كمخازن عائمة للنفط الإيراني، تم تمويه كل منها لتسهيل العثور على مشترين. ونقلت عن صياد محلي قوله إن الناقلة "نبتون" تتحرك في الخليج منذ شهر، وكانت ناقلتان أكبر حجما ترسوان هناك في السابق.
وأشارت المعلومات إلى أن إيران التي تواجه عقوبات يصعب عليها العثور على شارين لنفطها، تتردد في تخفيض الإنتاج كي لا تلحق الضرر بآبارها، غير أنها لا تملك أمكنة كافية لتخزين النفط الخام على البر، لذلك لجأت حاليا إلى البحر لتخزين الفائض فيما تعمل بجهد لبناء مخازن على البر. ومرة جديدة اكدت المعلومات ان النفط الإيراني الذي لا يتم بيعه يخزن على متن ما يقدر أنه نحو ثلثي أسطول ناقلات النفط الإيرانية، التي تحوم بشكل دائري في مياه الخليج فيما تبحث إيران عن مشترين له.
ويقول خبراء إن إيران تخزن نحو 40 مليون برميل، أي إنتاج نحو أسبوعين على متن ناقلات النفط، بالإضافة إلى 10 ملايين برميل مخزنة على البر. ولا تحمل السفينة "نبتون" التي بنيت عام 2000 في كوريا الجنوبية، وتعتبر بين الأصغر في الأسطول الإيراني أي علم وتم تغيير مرفئها الأساسي من بوشهر إلى فاليتا في مالطا ثم إلى توفالو.
وكانت تقارير سابقة قد أفادت أن إيران بدأت بإطفاء أجهزة التعقب بالأقمار الاصطناعية على متن ناقلات النفط الخاصة بها في عرض البحر التي تبحث عن مشترين بالمرافئ المفتوحة بغية عرقلة عمليات رصدها وتعقبها من قبل أساطيل البحرية الغربية.