ماذا صنعت يا "وفاق"؟
 تاريخ النشر : الخميس ١٩ يوليو ٢٠١٢
بقلم: الشيخ د. عبدالله المقابي
التحول الديمقراطي هو بوابة التقدم المعرفي والتطور الشمولي الخاضع لنظام التنمية البشرية، بالمؤسسات ينهض ليفك عقدة التحكم في مقدراتها وإمكانياتها ويحدّ في ذات الوقت من إخفاقاتها.
تمثلُ المؤسسات العالمية النظامية إلى حدود فهم الديمقراطية بالتطبيق المتماشي مع الحدود الوطنية، مُلزمة نفسها بالتقدم وما يتناسب وتلك الحدود المُعلنة، تاركةً لأجنداتها خيار الالتحاق في مسيرة العطاء أو التخندق ليُعلن طلاقها مع ذكر الأسباب بأن هذا الصراع لا يتماشى وحماية المكتسب الوطني ولن يخدم الأشخاص فضلا عن المجتمع.
محاكاة العالم الديمقراطي وتفصيل فعله مُولد للسلوك العملي، إذ لم نجد مؤسسات المجتمع التي فعّلت الديمقراطية قد اتجهت يوما لحرق أوطانها وزعزعة الأمن، بل لم نجد لأصوات النشاز موقعا يتكلم من محور الحرية.
هكذا عهدنا الدول المتقدمة والمؤسسات العالمية والمناهضة لأساليب التخريب والتغليب، في فكر متزن يعي ما يصنع لمستقبل العالم الذي يتحرك على وفق إرادات الشعوب كافة بمنهج قويم، كل ذلك وبعضهم ليس له دين وأكثرهم ليسوا مسلمين.
فالفهم الديمقراطي وفهم الحرية لدى مؤسسات المجتمعات النامية هما الحفاظ على أمن الوطن ووحدته ووحدة شعبه ووحدة قيادته، نعم هنالك معارضة تنتقد ولكنها تبني لا تُحطم البناء القديم، إنها وقت الغربلة مشتركة في الالتزام بالعهود الحقوقية من أن حقك لا يجيز لك بأي شكل من الأشكال انتهاك حقوق الآخرين، بل حقك مكفول حين تلتزم بواجباتك الوطنية.
تلك المسئولية المُدركة لدى المعارضة الفعالة في خارج بلادها وداخلها، بل ما يزيد من الذهول منها أنها تشترك في رفع سقف قيم الدولة التي تنتمي إليها.
المثير للدهشة أن البحرين أول دولة تواجه مجرمين بهذه الدرجة من الإرهاب، تفشي الفساد بهم بلغ حدا لم تصل إليه عصابات المافيا من اكتساب موقعهم فيما يقومون به من خزي وعار يلحقان بهم.
ما هكذا الظن بشعب تتعاطف أجنحته حين تخف السرعة وتهتف أرواحه حين الضيعة، ما هكذا الظن بشعب لم يلتفت ذي قبل لمثل هذه المحاولات البائسة، واليوم هو مفترق فرقا فرقا.
لم يكن للمؤسسات العالمية الحقوقية المتخصصة من بد من صنع القرار والاشتراك فيه لبناء الأوطان والاتحاد مع من يصنع المزيد من التقدم والإنجاز الوطني.
البحرين وطن المحبة والإخاء والروعة المتألقة التي مازالت بشعب يحمل النية الصافية له ولأهله ولمن يقدم إليهم زائرا، مهللين في استقباله متباكين حين رحيله.
ماذا صنعت يا "وفاق" وإلى متى سيستمر النفاق؟ جولة بعد جولة والوطن لايزال ينزف دما بالعمد والقصد طلبا للنيل من أشراف حُماته وأفاضل مكوناته، هم آل خليفة عزه منذ ٢٣٠ عاما وأكثر.
ألم يكن الدرس كافيا؟ بل تلك الدروس تتواصل والعبر، والمواطن يبحث يوما بعد يوم عن مخرج ومفر.
عجبا لمواطنين يريدون دمار الوطن، وبكل سهولة يتشدقون بالمؤسسات الحقوقية والمنظمات الإنسانية، ولو كانت منظمة حقوقية أو غيرها مارست ما تمارسه الوفاق وأجنداتها لحُلت تلك المؤسسة بلا رجعة.
إن ما يحصل في الواقع البحريني هو اعتداء على الناس، وعلى حرماتها وكرامتها وعزتها، من ثلة إرهابية وفاقية خارجية عن النظم الحقوقية والأُطر الإنسانية.
إن ما يجري في البحرين هو استغلال لطيبة الشعب الحر الأبي الصابر، واستهانة بمقدراته الوطنية، ودمار لمنجزاته ومكتسباته وحرق لمراحل بنائه.
إن ما يجري في البحرين هو كفران بالنعم وطغيان وانحلال وفسق وردة علنية، والساكت عما يدركه من هذه الثلة مشارك في العمل ومحشور معهم.
إن ما يجري في أرض الوطن هو فساد من جمعيات عاهدت الشيطان أن تمضي معه وساندته بالمعصية جهرا وهي تمارس الطاغوتية.
في البحرين وطن المليون نسمة منذ ١٨ شهرا حتى الآن ١٦ألفا و٣٠٠ مسيرة، منها ٩٠ إخطارا بالموافقة، وصرحت وزارة الداخلية مشكورة بالممارسة الديمقراطية لأكثر من ٨٨ مسيرة وتجمعا.
إننا نرفض الانتهاكات الوطنية وتشويه سمعة الوطن، وندعو الشعب كافة إلى بذل الجهد لتمييز القضية البحرينية كونها قضية إرهاب وحرب قد توصلنا إلى الحرب الأهلية والطائفية.
ولانزال نعلن الشجب والاستنكار الدائمين لممارسات أخلت بالأمن ومازالت، مما يستلزم ضرورة محاسبة المسيئين والمتسببين في هذه الأعمال، ما يستدعي أهمية العمل على تطوير علاقة رجال الأمن بالمجتمع وإعادة بناء التعاون معهم.
نحن مع تعزيز مبدأ الشفافية والوضوح مما يجري ولايزال في أرض لا يتجاوز عدد كيلومتراتها ٨٠٠ كيلومتر مربع.
في النهاية نحن نأمل أن يجد الضال طريقه للهداية، وندعو من يتسبب في نشوء المزيد من التأزيم التعقل والالتفات إلى الوطنية وحماية وطنه من الغزو الفكري الضار، وهذا شهر رمضان شهر التوبة والمغفرة يدعوكم للعودة الصادقة.
لا يسعني في نهاية الكلام إلا أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، ومقام سيدي صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، ومقام سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، بحلول شهر رمضان المبارك، ومقام الشعب الكريم بأن يمن الله علينا جميعا بالتوفيق لصيامه وقيامه والفوز بإحسانه.
كل عام وشعب البحرين وقيادته بخير.
.