رسائل
لماذا تفقد وكالات الأنباء الغربية مصداقيتها؟
تاريخ النشر : الخميس ١٩ يوليو ٢٠١٢
في ظل الأحداث التي يمر بها العالم أجمع، والمجتمعات العربية خصوصا، أصبح لوكالات الأنباء تأثير كبير في الداخل والخارج، واحتلت مركز الصدارة في التعامل مع الأحداث بمتابعتها وتغطية مجرياتها، لتصل إلى المشاهد والمستمع عبر شبكاتها ومراسليها في العالم.
وفي مصر فإن وكالات الأنباء لا تقصر نشاطها على المحيط الداخلي، وإنما يشمل نطاق عملها المحيط الخارجي، لأنها قادرة على الوصول إلى مناطق وجغرافية تعجز وسائل الإعلام الأخرى في الوصول إليهما، بفعل تطور تقنية أجهزة الاتصال وأساليب نقل الخبر وبثه.
وتعرف وكالات الأنباء بأنها مؤسسة تمتلك إمكانات وتكنولوجيا واسعة تمكنها من استقبال الأخبار ونقلها، وتستخدم في ذلك شبكة مراسلين لجمع الأخبار في عدد كبير من دول العالم، وكذلك العديد من المحررين في مركزها الرئيسي حيث يتولون المواد الإخبارية عالمية كانت أم محلية والعمل على إرسالها بأسرع وقت إلى مكاتب الوكالة في الخارج للتوزيع المحلي على الصحف ومحطات الإذاعة وإلى وكالات الأنباء المتعاقدة معها والصحف ومحطات الإذاعة والتليفزيون خارج المناطق المشتركة فيها مباشرة.
وترجع أهمية وكالات الأنباء إلى كونها وسيلة من وسائل الإعلام غير المباشرة التي يتم تلقي الأخبار والمعلومات عنها، وهي الممول الرئيسي لجميع الوسائل الإعلامية بالمادة الإخبارية على اختلاف أنواعها وأشكالها وتقوم بنقل الأنباء سريعا وذلك لتفوقها التكنولوجي وامتلاكها كوادر بشرية مدربة يجيدون لغات عديدة.
تعاون استخباراتي
وتنقسم وكالات الأنباء إلى: وكالات وطنية ووكالات إقليمية ووكالات عالمية. ومن أبرز وكالات الأنباء في العالم وكالة "رويترز" التي تعد من أكبر الوكالات العالمية في مجال الأخبار والمعلومات، وتزود بالمواد الصحفية أكثر من مائة وعشرين دولة، ولديها أكثر من أربعة آلاف مشترك، ومائة وثلاثة وستين مكتبا، وتبث ما يقرب من خمسة ملايين كلمة، في حين تمتلك وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية فروعا في لندن وباريس وبرلين، وأقساما للتسويق في العالم كله، وقسما آخر للبورصة، وتقدم خدماتها إلى أكثر من خمسة عشر ألف جريدة ولمحطات الإذاعة والتليفزيون في أكثر من مائة وخمس عشرة دولة، ولديها أكثر من مائة وعشرة مكاتب، ويعمل لديها عدد من الموظفين يبلغ خمسة آلاف، ومعدل حجم الأخبار المغطاة يعادل عشرين مليون كلمة.
ومن هنا يبدو جليا دور وأهمية هذه الوكالات إعلاميا كونها من أكبر الوكالات العالمية ولما تتمتع به من وضع احتكاري في مجال جمع وتسويق الأنباء والمعلومات، وبذلك فإن الدول الغربية وأمريكا وأوروبا الغربية تحتكر هذه الوكالات القوية بوضع المسيطر على العالم في مجال الإنتاج الثقافي بشكل عام، وفي مجال الأنباء والمعلومات بشكل خاص تدفق الأنباء باتجاه واحد، وتحاول هذه الوكالات جاهدة تحديد حجم ونوعية اهتمامات وسائل الإعلام العربية نتيجة طغيان النموذج الغربي لمضمون الأخبار الخارجة على وسائل الإعلام العربية، والتعتيم الإخباري المتعمد، وتحريف أخبار العالم الثالث ولاسيما التركيز في أنباء العالم الأول.
وعلى هذا يعلق د. سليمان صالح أستاذ الصحافة والإعلام الدولي بجامعة القاهرة: ان هناك علاقة قوية بين وكالات الأنباء الدولية والمخابرات الأمريكية، يتمثل ذلك في صورة الدعم الذي تتلقاه الوكالات من أجل إعطاء الصحف الحملات الإعلانية لبعض الشركات؛ بهدف دعمها وليس بهدف الإعلان وأضاف: "وكالات الأنباء العالمية بعلاقتها بالمخابرات الأمريكية توفِّر لبعض الصحف نوعا من السبق مثل إجراء حوار مع شخصية صعب الوصول إليها، كما حدث مثلا في الحوارات التي سبقت اغتيال بن لادن مع عددٍ من مساعديه وحراسه، وقد نشرت هذه الحوارات بالتوالي في عددٍ من الصحف المصرية والعربية والغربية".وكالات الأنباء العربية
يبدو واضحا أن الميزانيات المخصصة لوكالات الأنباء العربية ضعيفة جدا، لذا نرى المكاتب المحلية لهذه الوكالات هزيلة العدد، وضعيفة على مستوى الكادر البشري، كما أن معظمها يعاني عدم توافر المراسلات الكافية لإيصال نشراتها إلى مناطق أخرى خارج حدودها، وهذا الوضع أدى إلى سيطرة وكالات الأنباء العالمية على سير تدفق الأخبار محليا وعالميا، ويعزى السبب إلى ضعف الوكالات العربية ما يجعلها تعتمد على الوكالات العالمية، ولذا فإن الحل يتمثل في إنشاء وكالات أنباء عربية قومية ودولية بغية إنهاء السيطرة الدولية للوكالات الكبرى.
وقد سعى بعض الدول النامية إلى تأسيس اتحاد لوكالات أنباء عدم الانحياز؛ من أجل إعادة التوازن في انسياب المعلومات والأخبار بين دول العالم، لذا نرى أن الضرورة تقضي بتوفير شروط العمل لوكالات الأنباء التي تعمل في الدول التي تسير نحو النمو، لتقترب من الوكالات الكبرى تكنولوجيا وفنيا وإعلاميا من خلال توفير أجهزة الاتصالات وأجهزة نقل المعلومات الصورية، ولاسيما توفير عدد من المشتركين في أوروبا وأمريكا ودول أخرى لتتسلم المعلومات من خلال عقد اتفاقيات تعاون معها، والعمل على إعداد كوادر متخصصة قادرة على تمييز المعلومات، وتدريب العاملين، وتطوير قدراتهم من قبل اليونسكو.
أقدم وكالة عربية
يأتي على رأس الوكالات العربية، "وكالة أنباء الشرق الأوسط" وهي وكالة الأنباء الرسمية المصرية، ومن أقدم وكالات الأنباء العربية، وتقدم خدماتها على مدار الساعة، وتبث ما يقرب من ربع مليون كلمة باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، وتبث لجميع أنحاء العالم، وتتعاون مع خمس وعشرين وكالة أنباء عربية وإقليمية ودولية، وهي عضو في وكالة الأنباء الإسلامية والافريقية، ومجمع وكالات أنباء دول عدم الانحياز، واتحاد وكالات الأنباء العربية، ورابطة وكالات أنباء البحر المتوسط.
أنشئت وكالة أنباء الشرق الأوسط عام 1955 وكانت تابعة لوزارة الإعلام من قبل، إلا أنها تتبع الآن مجلس الشورى، وتقدم العديد من الخدمات الإخبارية والإعلامية، وتبث العديد من النشرات على مدار الساعة لجميع أنحاء العالم، ذلك أن معظم هذه القنوات لا تقدم أداء مهنيا جيدا أو رسالة إعلامية قابلة للمنافسة.
من جانبه يقول عبدالله حسن رئيس التحرير السابق لوكالة أنباء الشرق الأوسط: وكالات الأنباء العربية تتحمل مسؤولية كبيرة في نقل صورة حقيقية لما يحدث في العالم العربي، على الرغم من مجموعة التحديات التي تواجهها، والتي تتمثل في النقل المباشر للأحداث بسبب انتشار الفضائيات، الأمر الذي يصعب من مهمتها في نقل الأخبار الجديدة إلى مشتركيها، لذا من الأهمية بمكان إكساب الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء المهارات المطلوبة لتوصيل المعلومة بسرعة ودقة متناهية.
وتقول د. إيناس أبويوسف أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة: لوكالات الأنباء العربية دور عظيم في خدمة قضايا المنطقة، ولاسيما أثناء الأزمات والأحداث والحروب، لأنها تكون دائما مصدر المعلومات المصورة، ولها دور بارز في صياغة التوجهات وتحريك رد الفعل المضاد، وذلك بفضل الكوادر والعقليات الإعلامية والمراسلين، وتؤكد ضرورة الاستفادة من التقنيات الحديثة في مجال نقل الأخبار والمعلومات عبر الأقمار الصناعية والشبكة الدولية للمعلومات، بالإضافة إلى محاولة التغلب على الصعوبات المالية أيا كانت لتحسين مهارات العنصر البشري الموجود لديها.
ويؤكد د. محمود خليل أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة أنه لابد من وضع خطة اعلامية جديدة لوكالات الأنباء العربية والإعلام العربي بصفة عامة، وذلك لرصد الواقع الإعلامي على جميع المستويات لتحقيق أهداف الأداء الإعلامي العربي، وخاصة أن هناك فروقا أساسية في طريقة الأداء، والسبب تسييس العمل الإعلامي في دول العالم العربي والإسلامي، والتصاق هذه القنوات بأنظمة الحكم، لذا فهي لا تقدم خدمة إخبارية ذات قيمة، بل نجدها قد تفتح ملفات في وقت ما من دون أن تكون هناك ضرورة لفتحها، في الوقت الذي تسكت فيه عن فتح ملفات أخرى ذات أهمية.
وكالة الصحافة العربية