الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

الشيخ علي مطر يقول بمسجد أبي بكر الصديق:
الصائم الحقيقي المتميز في أخلاقه الرفيعة مع كل من هم حوله

تاريخ النشر : السبت ٢١ يوليو ٢٠١٢




في خطبته ليوم الجمعة بمسجد أبي بكر الصديق قال فضيلة الشيخ علي مطر أمس:
قال الله تعالى: "يَا أيلاهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".
حق على المسلم أن يستقبل رمضان بالغبطة والفرح والسرور، فما أتى على المسلمين شهر خير لهم من رمضان كما ذكر ذلك نبينا صلى الله عليه وآله وسلم.
فرمضان شهر متميز من بين الشهور، فهو شهر الصيام والقيام والرحمة والخير،وشهر العتق من النار،وشهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار، شهر تصفد فيه الشياطين ويتميز بأنه شهر تنزل فيه القرآن.
قال الله سبحانه: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ...".
"حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ".
"إِنَّا أنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ،وَمَا أدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ،لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ".
وبناء على ما ذكر فإن رمضان شهر تقوى فيه بواعث الخير وتضعف نوازع الشر، وفرصة للمسلم الصائم أن يتغير حاله إلى الأحسن ويرقى إلى الأفضل في جميع الميادين، وفرصة ليتخلص من السلوكات والممارسات المحرمة والخاطئة والمضرة كالإسراف والمعاكسات والنظر إلى الحرام والتدخين وكثرة الأكل، وتضييع الأوقات وغيرها من المحرمات والقبائح.
قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأنْفُسِهِمْ".
× وعلى الصائم أن يكون متميزا في رمضان، وألا يكون حاله في هذا الشهر كبقية شهور العام.
وأعلى درجات التميز هو تميز الصائم الإيماني واليقيني والسمو الروحي وتميزه في التقوى والإخلاص والمراقبة ودرجة الإحسان، ومحاسبة النفس ومجاهدتها،وتميزه في الحياء من الله تعالى.
ولتحقيق أعلى درجات التميز الرمضاني،على الصائم أن يتميز في الطاعة والعبادة، وذلك بإخلاصها وتنويعها وإتقانها والمواظبة بعد الفرائض على السنن والنوافل، ويأتي على رأسها في هذا الشهر قيام الليل الذي هو شرف المؤمن، وقال عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".
والإكثار من تلاوة القرآن وحفظه وتدبره ودراسته والاستماع إليه، وملازمة الذكر والتوبة والاستغفار، والصدقة وأنواع البر والإحسان... فقد كان رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.
× وأن يتميز الصائم بأخلاقه الرفيعة وتعامله الراقي مع من حوله من أهل وجيران وزملاء ومراجعين ومشترين وغيرهم.. واللائق به ألا يرى إلا صابرا، صادقا، أمينا، أمينا،ناصحا،هينا لينا،عطوفا رحيما متواضعا... بعيدا عن سوء الخلق والغيبة، والفتنة بين الناس،والكذب والخيانة والقسوة والكبر والتعالي والعجب والحقد والحسد..لأن الصيام يهذب الخلق،ويزكي النفس، ويرقق القلب،ويطهر الصدر.
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُللا هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ".
× والصائم يجب أن يكون متميزا أيضا في مجال عمله ووظيفته ودراسته، من اتقان، وإنجاز لمتطلبات عمله على أكمل وجه ومن دون تفريط ولا إهمال، متميزا بالجد والنشاط والحيوية.فرمضان ليس شهرا للكسل والخمول.
قال الله تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِأمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ".
وفي الحديث: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه".
× وأن يتميز الصائم في عمله الوطني والسياسي والتطوعي والخيري والدعوي،حبا للوطن وأبناء الوطن ومن أجل رفعة وطنه ومصلحته العليا،وبعيدا عن التحزب والمصالح الفئوية الضيقة.
ومعلوم أن المسلمين هم الأمة الوحيدة التي تصوم شهرا قمريا كاملا في العام، ويجتمعون على صيام رمضان، فهذه إشارة لطيفة إلى ضرورة الاتحاد والاجتماع، فعلينا أن نحرص على وحدة الأمة وتماسكها واستقرارها فذلك مطلب شرعي يجب أن يسعى إلى تحقيقه كل مواطن صالح.
ولنكن على حذر من بذور الفرقة والشر التي ينشرها وينثرها البعض بين الناس، ويرويها ويرعاها أعداء الأمة الذين لا يريدون لبلداننا أن تنعم بالأم