الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات

سيرة الإنسان في سور القرآن

تاريخ النشر : السبت ٢١ يوليو ٢٠١٢




قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون (56) ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون (57) إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين (58)" الذاريات.
هذه الايات العظيمات الجليلات تبين الغاية من خلق الثقلين:الجن والإنس، وحديثنا اليوم عن الانسان، بصورة عن مكونات هذا الإنس وهو الانسان.
سوف نتحدث عن سيرة الانسان وعن مصيره في سور القرآن الكريم.
وما دامت الغاية من خلق الانسان هي العبادة في شتى صورها وتعدد أنواعها، فلابد أن يكون القرآن العظيم له شأن مع هذا الانسان باعتباره المنهاج الذي يرسم للإنسان حركته في هذه الحياة ليصل الى الغاية التي خلق من أجلها، وهي عبادة الله تعالى وتوحيده في قوله وفعله وأخلاقه ومعاملاته بل حتى في صمته.
فمن هو الانسان في القرآن؟ وما حظه من اهتمام خالقه سبحانه وتعالى به؟
وهل الانسان في القرآن انسان واحد طائع مثلا، أو عاصٍ، أو بين هذا وذاك؟
وهل تنوع الانسان جاء من تنوع خلقه، أم أن هذا التنوع بسبب تعامله مع أوامر الله تعالى ونواهيه؟
أسئلة نضعها بين يديك عزيزي القارئ، ونحاول ما وسعتنا المحاولة أن نعثر لها على اجوبة شافية في كتاب الله تعالى، وان نتتبع سيرة الانسان في طاعته ومعصيته، في رضاه وسخطه، في ايمانه وكفره، في صدقه وكذبه، في رحمته وقسوته، في تواضعه وتكبره، في قدرته وعجزه، في غناه وفقره.
هذه الأحوال التي يمر بها الانسان ويتعرض لضغوطها هل تؤثر في سلوكه؟ هل تقربه من مولاه عز وجل أم تبعده عنه؟
وهل بيد الانسان تغيير احواله لتوافق مراد الله تعالى، أم هو مسير فيها تفعل به ما تشاء من دون ارادة منه، أو معارضة؟
من هو الانسان المؤمن في القرآن؟
ومن هو الانسان الكافر أو المنافق أو المشرك في القرآن؟
من هو الانسان الطائع أو العاصي في القرآن؟
من هو الانسان المتواضع أو المتكبر في القرآن؟
من هو الانسان بخصوصه وعمومه في القرآن؟
أسئلة تتطاول لتفرض نفسها علينا ونحن في شهر كريم تتنزل فيه الرحمات، وتتكاثر فيه العطايا، فيرق قلب المؤمن، وتصفو نفسه وتترقى شفافيته حتى يدرك من اسرار القرآن ما كان عاجزا عن ادراكه في غير شهر رمضان المبارك.
انه شهر ليس كباقي الشهور إنه شهر التقاء السماء بالأرض في احتفال مهيب توّجه الحق تبارك وتعالى بنزول القرآن العظيم فيه، وجعل من لياليه ليلة هي عند الله تعالى تفضل ألف شهر في غيره من الشهور.
وفي هذا الشهر توثقت عرى الايمان، وانتصرت جيوشه المباركة على قوى البغي والعدوان، فكانت غزوة بدر أول معركة بين الايمان والكفر، وبين جنود الرحمن وجنود الشرك والعصيان، وكان النصر حليف القلة المؤمنة، وكانت الهزيمة من نصيب الكثرة الكافرة.
نعم، في رمضان الانسان ليس هو الانسان، والزمان ليس هو الزمان، والمشاعر والأحاسيس ليست هي أعينها المشاعر والأحاسيس في غير رمضان.
لهذا آثرنا ان نتحدث عن سيرة الانسان في سور القرآن ونحن على ثقة بأن الله تعالى المعطي المنان سوف يهبنا من الفهم السديد ما يكلل مسعانا بالنجاح والتوفيق، ويكشف لنا من أسرار هذا الانسان من خلال سور القرآن ما تطمئن إليه قلوبنا، وترتاح إليه نفوسنا ونساهم ولو بقدر بسيط في رفد نهر الثقافة الاسلامية المتدفق.