الجريدة اليومية الأولى في البحرين


قضايا و آراء

الإعلام الطائفي والاتحاد الخليجي

تاريخ النشر : السبت ٢١ يوليو ٢٠١٢



أذكر أيام الحديث عن الاتحاد الخليجي الذي تؤيده الأغلبية الساحقة من أبناء الخليج العربي أن احدى القنوات الطائفية التابعة لإيران والناطقة باللغة العربية أنها عرضت لقطات لتجمع الوحدة الوطنية الذي أقيم أمام جامع أحمد الفاتح المؤيد للاتحاد والذي شارك فيه آلاف من أبناء البحرين من مختلف الطوائف والفئات الاجتماعية، بل حتى اخوتنا من أبناء دول المجلس جاءوا خصيصا لإيصال صوتهم إلى القادة الخليجيين بأنهم مع الاتحاد، وصف العرض المشاركين في التجمع بأنهم "عملاء" و"خونة".
الحقيقة انني اردت أن أنطلق من هذا المثال الصارخ عن رداءة وحقارة الإعلام التابع لإيران وتدني مستوى الخطاب المستخدم وفجاجته وسذاجته لأنه يعتقد أنه يتعامل مع سذج أو جهلة من أبناء الخليج العربي أدركوا طريقهم إلى الوحدة منذ اعلان قيام مجلس التعاون وليس من اليوم.
هذا الإعلام الفج والسخيف يطرح سؤالا مهما هو من هم العملاء ومن هم الخونة؟
هل العملاء الذين عبروا عن انسجامهم مع هويتهم العربية الخليجية أم الذين عبروا عن معاداتهم لهويتهم الخليجية وعبروا عن انسجامهم مع السياسات الإيرانية العدوانية؟
من هم الخونة؟ هل الذين نزلوا إلى الشارع تعبيرا عن وحدة المصير العربي الخليجي في دولة الوحدة والكرامة والعزة والقوة في مواجهة الدولة التبعية إلى إيران مثلما حدث للعراق العربي الذي تم الحاقه بعجلة الهيمنة الإيرانية الطائفية؟
من هم العملاء والخونة الحقيقيون؟ للأسف الشديد الجواب أن هذا الإعلام المدفوع الأجر من إيران والناطق باللغة العربية ويقوم على إدارته الطائفيون الموتورون والمصابون بمرض الكراهية لكل ما هو عربي خليجي هو الإعلام الذي سبب وتسبب في التوتر في هذه المنطقة وأدى في نهاية المطاف إلى افتعال صراعات طائفية لم تكن موجودة بين العرب السنة والعرب الشيعة، وقد عشنا قرونا على هذه الأرض متحابين متزاوجين متصاهرين متجاورين وقد درسنا معا وعملنا معا وسافرنا معا وناضلنا معا في دروب العمل والإنتاج وفي المجالات الثقافية والعلمية والتنموية والرياضية كافة يدا بيد، شعبا واحدا نشعر بأننا أبناء بلد واحد وإقليم عربي خليجي واحد نتكلم لغة واحدة وننتمي إلى ثقافة واحدة وإلى مرجعية روحية واحدة، ناضلنا أيام الاستعمار ضد الاحتلال ورفضنا محو الهوية أو إهدار الكرامة العربية ووقفنا ومازلنا مع قضايانا العربية في كل مكان من الجزائر إلى احتلال فلسطين إلى العدوان الإسرائيلي للأراضي العربية والاحتلال الأمريكي للعراق، لم نكن ننظر في لحظة من اللحظات إلى هذا سني أو شيعي بل لم نكن نسأل عن ذلك بأي شكل من الأشكال والدليل على ذلك هذا الحجم الواسع من التزاوج المشترك وهذا التعايش السكاني المشهود في القرى والمدن يشاركون في أفراحنا وأتراحنا ونشاركهم في أفراحهم وأتراحهم ولذلك لأننا كنا ومازلنا نؤمن بأننا شعب واحد ومصيرنا واحد وخليجنا واحد، بل ان طموحنا كان يتجاوز الخليج إلى الوطن العربي الكبير، فمن الذي تسبب في هذه الهزة غير المسبوقة؟
إن مصيبتنا وكارثتنا الحقيقيتين في نظام الملالي في إيران هذا النظام الدكتاتوري الطائفي الذي بث بيننا أفكارا جديدة لم تكن موجودة أو معهودة يعمل على نشر الكراهية الطائفية، فعل ذلك في العراق وفي لبنان وفي سوريا وفي البحرين وفي كل مكان من خلال تصريحاتهم وبياناتهم ومواقعهم وقنواتهم الفضائية التي تعد بالعشرات.
إن الواقع الذي ينسجم مع واقعنا في هذه المنطقة أن تكون إيران مشغولة بمجالها وأن ننشغل بمجالنا وأن تكون العلاقة بيننا وبينها علاقة قوية وأن تكف أطماعها عنا وأن تكف إيذاءها لنا وأن تكف قنواتها المأجورة المدفوعة الأجر عنا.
الوضع الحقيقي أن نكون يدا واحدة عربا سنة وشيعة لا دخل لإيران بيننا إلا من حيث كونها جارة مسلمة إذا مدت يد التعاون تعاونا معها وإذا مدت يد العدوان لن نبادلها العدوان وإنما نلجأ إلى تحصين أوطاننا ضد هذا المد العنصري الطائفي الذي يتبرأ منه اخوتنا في إيران فهو مرتبط بهذا النظام الذي بنى شرعيته ومصيره على العداوات والتمييز الطائفي، أما نحن فإننا كما كنا دائما مع جوارنا مع شعوب إيران بمختلف أصولها اخوانا منذ فجر الإسلام في السراء والضراء ولذلك فإن الموقف الحقيقي الذي يجب أن نقفه كخليجيين في مواجهة هذه العداوة الإيرانية غير المسبوقة هو الإسراع نحو الاتحاد ولا شيء غير الاتحاد، لا أن نصف الشرفاء الحقيقيين ظلما وبهتانا بالعملاء والخونة، أما العميل والخائن الحقيقي فهو الإعلام الطائفي المشبوه.