كما أرى
سوريا وضعف إيران .. من يضحك أخيرا؟
تاريخ النشر : السبت ٢١ يوليو ٢٠١٢
عبدالله المناعي
سيظهر سقوط النظام السوري مدى ضعف إيران كدولة وكقوة في المنطقة، فالنظام الايراني ومنظومته القتالية المبنية على نشر قوات ذات عتاد متواضع بتدريب عال (أي باختصار قوات مدربة على حرب العصابات) ستبدأ بالانهيار ابتداء من سوريا. ويجب الا يعتقد أحد أن إيران ستدافع عن سوريا والنظام السوري دفاعا شرسا لأن أسهل ما تستطيع فعله هو التخلي عن السوريين جميعا ونظامهم معهم دفاعا عن مصالحها القومية. إلا أن سقوط النظام السوري – الذي بات من المحتم أن يحدث – سيكون ضربة موجعة لإيران ستحاول تعويضها من خلال محاور أخرى مثل الجنوب اللبناني ومليشياتها في دول مثل البحرين والمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية والعراق.
وبالرغم من الانجازات التي استطاعت المليشيات الايرانية في دول الخليج تحقيقها خلال العامين الماضيين من بث عدم الاستقرار واغتنام الفرص في تعميق المشاكل الداخلية، فان إنجازاتها هذه (وخصوصا كونها متواضعة مقارنة بالمخاوف التي كانت تراودنا حول حجم خطرها) باتت لا تعني شيئا، بل أصبحت تضر بالاستراتيجية الايرانية التوسعية. إذ ان سقوط سوريا بعد أن كشفت إيران الكثير عن تحركاتها في الخليج واستراتيجيتها وظهور بعض القادة الميدانيين المحليين إلى السطح بعد أن كانوا يعملون في الخفاء وذلك ليتمكنوا من تنشيط حراكهم الميداني يضعف القوة الإيرانية الإجمالية وذلك لأنه يحرق احدى أهم نقاط الضغط التي كانت إيران تمتلكها (وهي الخلايا الموجودة في دول الخليج التي صرح عنها عدد من المسئولين الايرانيين).
لدى إيران اليوم موقعان رئيسيان هما لبنان والعراق وبالرغم من سيطرة حزب الله على لبنان فانني لا أعتقد أن ذلك سيدوم طويلا مع سقوط نظام الأسد وترصد العديد من القوى الداخلية اللبنانية له. أما العراق فسيظل في يد إيران وخصوصا مع ابتعاد الدول العربية عنه. وكما قلت سابقا من غير المحتمل أن تدخل إيران حربا لا من أجل النظام السوري ولا من أجل حزب الله ففي الأخير إيران دولة أيديولوجية عرقية وليست دولة انتحارية. ومع احتراق أهم أوراق ضغطها في الخليج التي كانت أسهل أوراق الضغط تحركا وأقلها تسببا بالخسائر بالنسبة إليها أصبح النظام الايراني عمليا متفرجا على الوضع حتى يعيد حساباته السياسية والعسكرية، ذلك بالرغم من احتمال أن تكون هناك بعض الاستراتيجيات الجديدة والعمليات النوعية التي بامكان الخلايا في الخليج استخدامها واجراؤها لأن جميع هذه الاستراتيجيات والعمليات ستكون بلا فائدة حقيقية.
ربما لو كانت الثورة السورية قد بدأت قبل تحرك هذه المليشيات في الخليج لكان الوضع مختلفا بالنسبة إلى الاستراتيجية الايرانية إلا أنه في هذه الحالة ينطبق المثل: «من يضحك أخيرا...».