الجريدة اليومية الأولى في البحرين


أخبار البحرين

حديث القلب
فاتحة سهراتنا الرمضانية.. مع رئيس الوزراء

تاريخ النشر : الاثنين ٢٣ يوليو ٢٠١٢



يعرف صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الأصول ومقتضيات الواجب دائما.. فقبل أن يزور مجلس نجله سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة نائب رئيس الوزراء حرص مع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى على أن يستهل زياراته للمجالس الرمضانية بزيارة مجلس سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.. بوصف سموه الرمز الأكبر للعائلة المالكة الكريمة.
كان الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس التحرير وأنا معه نستعد لزيارة مجلس وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبداللة آل خليفة، لكن الأستاذ أنور علم أن سمو الشيخ علي سوف يستقبل أحبته وخلانه في مجلسه الخاص (اليوم السبت) رغم أن مجلسه العام ينعقد كالعادة مساء كل يوم أحد.. وأن هناك احتمالا كبيرا بأن يزور سمو رئيس الوزراء مجلس سمو نائب رئيس الوزراء.. فأراد الأستاذ أنور أن تكون فاتحة تغطياتنا للمجالس الرمضانية مع سمو رئيس الوزراء.. فقد عرف الجميع أن سمو رئيس الوزراء عندما يتحدث إلى المواطنين وخاصة في مثل هذه الأجواء الدينية والروحانية فإنه يتحدث بقلبه ومن قلبه.
وفعلا سأل سمو رئيس الوزراء الأستاذ أنور عندما شرف مجلس سمو الشيخ علي: لم أتوقع أن تكون هنا الليلة.. كيف عرفت؟ لم أكن أرتب لحضور هذا المجلس الليلة.. فرد الأستاذ أنور: سموكم تعلمون أننا نعرف بواطن الأمور.. ولنا مصادرنا العليا!
وفعلا سمعنا أن سمو رئيس الوزراء اتصل بسمو الشيخ صدفة فأخبره قائلا: إننا نجلس الآن في مجلسي الخاص.. فقال سمو رئيس الوزراء: انتظروني أنا قادم إليكم.. وفعلا قرر سمو الشيخ علي على الفور الانتقال إلى القاعة الكبرى بمجلسه انتظارا لقدوم الوالد.. ولا نعرف كيف سرى خبر توجه سمو رئيس الوزراء إلى مجلس سمو الشيخ علي إلى الكثيرين كلمح البرق.. فرغم صغر المجموعة التي كانت تجلس بمجلس سمو الشيخ علي الخاص، ورغم صغر القاعة التي لم تمتلئ مقاعدها كلها، فوجئنا بمجرد قدوم رئيس الوزراء بامتلاء القاعة الكبرى بمرتادي المجلس.. ولا تفسير غير أن قلوب محبي سمو رئيس الوزراء هي مع سموه وعالقة به على الدوام.
داخل قاعة المجلس
دخل سمو رئيس الوزراء قاعة مجلس سمو الشيخ علي بن خليفة آل خليفة.. فهمّ الجمع نحوه.. وإلى صدر القاعة يصافحون سموه ويبادلون سموه التهاني بهذه المناسبة الجميلة.. مناسبة حلول شهر رمضان المبارك.
تجاذب سمو رئيس الوزراء أطراف الحديث مع مرتادي المجلس.. ومن بين ما تناولته الأحاديث الجانبية اطمئنان سموه على أن أمور المساجد والجوامع في رمضان تسير على ما يرتجى وخاصة صلاة التراويح.. وكان يأتيه الجواب متماثلا تقريبا ومقتضاه: كلنا ندعو لك في صلواتنا بأن يحفظك الله ويوفقك في خدمة من تحب.. والوطن.
ثم وجه سموه حديثه إلى الأستاذ جمال فخرو الذي كان جالسا على مقربة منه: جمال.. يبدو أنك عائد للتو من الخارج؟
جمال: لا نقوى على أن نغيب عن البحرين وخاصة في هذه المناسبة العطرة بالروحانيات.
سموه يقول: يبدو أن هذا هو طبع أهل الخليج كلهم.. لشهر رمضان مذاق خاص ومنزلة كبيرة في قلوبهم ونفوسهم.. وأبرز ما فيه التقاء الأهل والأحبة على الخير دائما.
ثم قال سموه: الحمد لله.. نحن نعيش بلدا متحابا متماسكا.. كلنا أسرة واحدة.. وكل ما على هذه الأرض يتمنى العيش فيها وتفضيلها على أي بلد آخر في الدنيا.
ثم وجه سموه حديثه إلى الأستاذ أنور عبدالرحمن قائلا: والحمد لله.. من الأشياء الجميلة في هذا البلد والتي نعتز بها كثيرا وجود كوكبة من كتّاب المقالات والأعمدة.. الذين أظهروا ولاءا نادرا لوطنهم، ويملي عليهم حبهم له ماذا يكتبون وماذا يقولون.. الحمد لله.. وهذا يعتز به الإنسان كثيرا فلا أرى سوى ان كل شيء جميل ومحبب إلى النفس على صفحات صحفنا.. من مقالات.. ومانشتات.. ومعالجات.. وآلام الناس ومشاكلهم وتطلعاتهم.. وإخلاص في القول والطرح.. لذا أدعو الله دائما أن يوفقني في خدمة هذا الوطن وفي خدمتكم.
جمال فخرو: لا نرى قصورا من جانبكم أبدا في خدمة الناس والوطن.. وفعلا دعواتنا الدائمة لك هي بأن يعينك الله.
سمو الشيخ علي: شرفتموننا بمجيئكم إلينا.. ونسأل الله أن يديم هذه العادة.. فبمجرد أن علم من كانوا يجلسون معي بمقدمكم الكريم هللت وجوههم بالفرحة من أجل لقاء سموكم.
سمو رئيس الوزراء: وأنا بدوري أبارك لهم الشهر الكريم.. وأرحب بهم.. وأشكرهم على مشاعرهم الطيبة.. ويسعدني كثيرا أن أجد في مجلسكم مجموعة من رجال الصحافة المخلصين وكتّاب الأعمدة المتميزين.. ولا أخفي سرا أنني معجب كثيرا بروعة الطرح في أعمدة كتّاب «أخبار الخليج» والوطن والبلاد وغيرها.. إنهم يقدمون إلى قرائهم عصارة إخلاصهم لوطنهم.. ولن أنسى أبدا مواقفهم الوطنية.. إنهم يشكلون أهم خطوط الدفاع عن كرامة الوطن ومستقبله.. فكلماتهم تكاد تكون أشد قوة من طلقات المدافع والصواريخ.. بصراحة نحن محظوظون بهم جميعا.
وواصل سموه حديثه قائلا: الحمد لله لقد عرف كتابنا من تلقاء أنفسهم بأنه لن يعدل أمورنا ؟ بعد الله ؟ سوانا.. وأنه لابد أن نعتمد على أنفسنا.. فلم يتركوا أمورنا تعالج بالبركة أو بمحض الصدفة.. إنهم جميعا يملكون النظرة البعيدة والعميقة.. بصراحة يشدنا كثيرا طرح الأستاذ أنور عبدالرحمن في «أخبار الخليج» وزملائه.. وجميعهم في الأيام والوطن والبلاد.. حتى قوة الطرح والمشاعر لدى شعرائنا.. إنها نابعة من قلوبهم وفيض مشاعرهم المخلصة.
وقال سموه: كم كنت سعيدا وأنا أرى الفرحة تملأ وجوه المواطنين الذين أحاطوا بي عند افتتاحي حديقة الرفاع الكبرى.. الناس كانوا سعداء باكتمال هذه الحديقة التي تعد بمثابة رئة مهمة يتنفسون بها.. كم كانوا مبتهجين برؤية الخضرة تسود المنطقة.. وقد حرصت العائلات على أن تكون لهم طلة فرحة على الحديقة من نوافذ منازلهم.. ساعتها تمنيت لو أعانني الله لتسود الحدائق بهذا المستوى في كل مكان.. وفي كل قرية ومدينة.. فرحة الناس تفرحني.. وسعادتهم تسعدني.
الكثير قادم
وجاء حديث سموه من القلب متدفقا ليلامس قلوب جميع من حوله فيقول: أعدكم بأن هناك ما هو أكثر قادم إليكم بإذن الله.. في الصحة.. والتعليم.. وفي كل المجالات.. ذلك لأنني أؤمن أن من يستريح لابد أن ينتج أكثر.. ويعطي الوطن من جهده ما هو أكثر.. فمن يكون مهموما بعلاج أبنائه أو تعليمهم.. وبما يأكلون أو يشربون.. فهذا المهموم لا يستطيع أن يعمل أو ينتج أو يخدم غيره.
وقال: الحمد لله.. كل شيء متوافر في بلدنا بعكس الكثير من البلدان الأخرى.. حتى في أقوى الدول لقد لاحظتم ما حصل أخيرا بسبب الضغوط النفسية وضغوط الحياة المعيشية فقد وصلت الأمور إلى حد القتل الجماعي للأبرياء.. حتى في أمريكا!
ويقول سمو الأمير خليفة: الحمد لله.. حقوق الإنسان محفوظة في هذا البلد.. فقد أمرنا ديننا الحنيف أن نحافظ على حقوق الإنسان.. وفعلا مهما حدث نحن نعيش أسرة واحدة.. فليس في بلدنا منطقة للسود وأخرى للبيض.. ليست لدينا بيوت للبيض لا يدخلها السود أو العكس صحيح.. هذا موجود في أمريكا.. وبريطانيا.. وفرنسا.. وأكبر الدول.. ولكن ليس موجودا عندنا.
وقال سموه: شوفوا ما حصل في الدول العربية الشقيقة.. هذه الدول التي يتخبط فيها وينهار كل شيء نحو الأسوأ.. الأمل ضعيف في أن تعود كما كانت.. وآخر هذه الدول هي سوريا.. إن دمار سوريا دمار للوطن العربي.. إن إدارة الأوطان ليست لكل من هب ودب.. هناك أسس لأنظمة وإدارة الدولة.. ورأينا كيف أن أنظمة الضرائب والرسوم تقصم ظهور كثير من الدول.. لذلك فإن دول الخليج في نعمة كبرى توجب على كل شعوبها أن يحافظوا عليها.. معظم الشعوب في كثير من دول العالم يتمنون الاستقرار الذي يوفره قادة دول الخليج لشعوبهم.. كل الخدمات متوافرة.. مستوى الدخل نحمد الله عليه كثيرا.. ونسأله أن يصونه من الاعتداء عليه أو التأثير السلبي ضده.. كل ما يتمناه المواطن من علاج وتعليم وخدمات.. وسلع حياتية.. كل شيء متوافر.. فكيف لنا أن نمحو النعمة التي وهبها لنا الله وقادة دول الخليج بأيدينا بالخنوع للتحريض ضدنا؟!.. لماذا نعتدي على بعضنا البعض؟!.. فأي عضو يصاب بعاهة لا يعود ثانية!
وواصل سموه: أعداؤنا هم من يحاولون - في استماتة - إحداث الفوضى في مجتمعاتنا.. وهم من يحاولون تكريس هذه الفوضى لأنها ببساطة تعني عدم استقرارنا.. وتعني أيضا ضعفنا وهواننا على أنفسنا.. فلا ينفع وطننا غيرنا.
وقال: ولكن للأسف البعض لا يتعظون بما يحدث في بلدان أخرى.. لقد أصبحت المسافة بعيدة جدا بين هؤلاء وبين الاستقرار في وطنهم.. ولكنهم للأسف الشديد لا يستوعبون لأنهم لا يقرأون ولا يتابعون.
أنور عبدالرحمن: فعلا كما تفضلت سموك.. لقد نشرت مجلة نيوز ويك الأمريكية الشهيرة مؤخرا تقريرا يقول: إن 60% من الشعب الأمريكي تتراوح مدخولاتهم أو رواتبهم ما بين 2000 و8000 دولار.. وأن ثروة أمريكا كلها مركزة في أيدي ما نسبتهم 1,25% من الشعب الأمريكي.. بينما الثروة في الخليج مركزة في أيدي 25% من شعوب دول الخليج العربية!
سمو الرئيس: ومن سافر وقرأ فقد عرف ما هو أكثر.. وعرف كيف أننا نعيش نعمة كبيرة.. وهذه النعمة أنا لا أقول وحدي إنه يجب علينا الحفاظ عليها.. الله سبحانه وتعالى يدعونا إلى الحفاظ عليها حتى تدوم.. فالشعوب الأخرى التي تبددت نعمهم بسبب الفوضى وعدم الاستقرار.. فقد تم التباعد بينهم وبين ما كان تحت أيديهم من نعم عشرات إن لم يكن مئات السنين.. والنعم تعني كل شيء.. ثروات.. وقادة.. وبنى تحتية.. وقيما وعادات أصيلة وراسخة.. ومحبة بين الناس لا تقدر بثمن.. الخ.
وقال: أي بلد عربي يتمنى الآن أو يحلم بأن يعيش مثلما تعيش دول الخليج.
من أجل ذلك، يقول سمو رئيس الوزراء، لا أرى غير أن بلاد الخليج في نعمة نسأل الله ألا تزول.. وألا نزيلها بأيدينا.. وما عندنا نحن محدود.. يجب أن يكون حفاظنا عليه أشد.. وقدرنا هو أن نوعي الناس ونقول لهم إن مصلحتهم في وحدتهم وحفاظهم على ثروة بلادهم.. علينا وعليكم جميعا أن تذكروا فإن الذكرى تنفع المؤمنين!
حديث جانبي مع الشيخ
عبداللطيف المحمود
ثم يدور حديث جانبي بين سمو رئيس الوزراء وبين فضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف المحمود، حيث يؤكد الدكتور المحمود أن يواكب التوعية الدفع بالتي هي أحسن، حتى يكون الذي بيننا وبينه أي عداوة كأنه ولي حميم.
وتطرق إلى الصبر.. وحدود الصبر.. وهذه الحدود تختلف وتتراوح بين الدول.. وبين أبناء الوطن الواحد.. الخ.. وكان كل شيء مدعوم بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
وقد شكر سمو رئيس الوزراء الشيخ المحمود على إيضاحه قائلا: نحن شعب حبانا الله بكثير من السمات والصفات.. شعبنا شعب طيب.. لا يجوز أن يعرف المولوتوف ولا الأسياخ الحديدية.. ولا قطع الطرق على أهله وناسه.. إن هذا كله دخيل على شعب البحرين.. ومن يقرأ التاريخ يعرف الكثير عن أصالة وتميز وتفرد هذا الشعب.. وباتحاد هذا الشعب ووحدته فإنه يستطيع تحقيق المعجزات.
وقال: الناس بشر.. والبشر خطاءون.. لكن التوبة مطلوبة.. والعودة إلى جادة الصواب مطلب وطني صميم.. فعلينا أن نوعي بعضنا البعض.. وأنا شخصيا أحب أن أسمع.. وما ينقصني أعوضه بحرصي على قراءة الصحف قراءة جيدة.. وأفكر مليا في كل ما أقرأه وأستوعبه.
وقال: علينا أن نزن الأمور بميزانها.. وألا نبالغ في القول والطرح.. كما بالغنا في موضوع دخول شحنة الأبقار التي قيل إنها مريضة ومصابة إلى الدرجة التي جعلتنا نستعين بخبراء دوليين.. ويجب أن نعترف بأن الطريقة التي تجلب الإعياء للأبقار أو الأغنام هي طريقة النقل عند الاستيراد.. حيث تحشر 20 ألف رأس غنم في شحنة واحدة على ظهر باخرة واحدة.. فهذا لابد أن يسيء إليها.
وقال سموه: إذا توحدنا واجتمعنا على الخير بعد عنا الشر.. وإذا تفرقنا وتمزقنا جاءنا الشر سريعا.. وهذا البلد الجميل الذي نعيشه يستحق منا أن نتوحد.. وألا نترك مجالا لأحد بأن يفرقنا.. وعندما نتوحد لابد أن يكون حاضرنا ومستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة جميل بإذن الله.