الجريدة اليومية الأولى في البحرين


شرق و غرب

هل بدأت نهاية بشار الأسد؟

تاريخ النشر : الاثنين ٢٣ يوليو ٢٠١٢




أجرت مجلة كورييه انترناشيونال الحوار التالي مع الباحث الاستراتيجي والأكاديمي في الجامعة الفرنسية ليون 2 فابريس بالانش، الذي يدير أيضا مجموعة البحوث والدراسات حول البحر الأبيض المتوسط والشرق والأوسط وقد تطرق إلى تحليل تطورات الأزمة السورية وما إذا كانت نهاية الرئيس السوري بشار الأسد قد اقتربت أكثر من أي وقت مضى:
ُ ما تقييمك لتطورات الأزمة السورية الخانقة في أعقاب تفجير مبنى الأمن القومي الذي أدى إلى مقتل وزير الدفاع داود راجحة وعدة أعمدة أخرى يرتكز عليها نظام دمشق على غرار عاصف شوكت ؟ صهر الرئيس بشار الأسد؟
- بحسب الرواية الرسمية فإن الأمر يتعلق بعملية انتحارية استهدفت مبنى يخضع لإجراءات أمنية مشددة في ضاحية العودة في دمشق. أما جورج مالبرونو، الصحفي في جريدة لوفيجارو، فقد أكد أن الأمر لا يتعلق بعملية انتحارية وأن أحد الحراس الأمنيين هو الذي زرع القنبلة في ذلك الموقع الحساس. إذا ما تأكد هذا الأمر فإن مثل هذه العملية هي من النمط الجهادي. قد تكون أجهزة المخابرات الأجنبية ؟ على غرار السي آي إيه والموساد الإسرائيلي ؟ هي التي نجحت في تجنيد هذا الحارس الأمني من أجل تنفيذ هذه العملية النوعية.
أعتقد أن الأزمة السورية بلغت مرحلة حاسمة حيث إن الدائرة الضيقة لنظام الحكم في دمشق اهتزت مع مقتل هذه الشخصيات السورية الرفيعة.
أعتقد أن كبار الشخصيات السياسية والضباط العسكريين لن يشعروا بعد اليوم بأي أمن كما أنه سيكون من الصعب على نظام دمشق تعويض رجال من أمثال رئيس جهاز الأمن القومي هشام اختيار. إن النظام البعثي الحاكم في دمشق سيزيد من عزلته الداخلية واعتماده على النواة المتشددة من الأقلية العلوية بعد أن استهدف في رأسه.
لا ننسى أيضا مدى أهمية انشقاق الجنرال مناف طلاس الذي كان يعتبر الرجل الثاني في الحرس الرئاسي والذي عكس بذلك مدى سخط وإحباط الجنرالات السنة حيث إنه لم يحصل مثل نظرائه على أي ترقية، ذلك أن المناصب المهمة تكاد تكون حكرا على العلويين من دون سواهم.
ُ كيف ستكون بحسب رأيك التداعيات التي قد تنجم عن هذه العملية؟ هل يمكن أن نتوقع حملة أمنية قمعية وأكثر دموية من جانب «جزار دمشق»؟
- أعتقد أن شهر رمضان لهذه السنة سيكون دمويا جدا في سوريا على ضوء التطورات الخطيرة في الأزمة السورية. يمكن أن نجد زيادة كبيرة في وتيرة العنف. ستحدث هجمات وحملات أمنية واسعة حيث إن عمليات نظام دمشق تستهدف أساسا مواقع المسلحين. لا شك أن نظام دمشق الجريح سيكون أكثر خطورة. لا شك أيضا أن الأطراف الموالية لعاصف شوكت ستنطلق منذ الآن للانتقام لمقتله من القوى والتجمعات السكانية السنية. أعتقد أن سوريا ستشهد خلال الفترة القادمة مجزرة جديدة شبيهة بمجزرة «الحولة» على سبيل المثال. لقد تعرض عاصف شوكت ومجموعة كبيرة من كبار ضباط الجيش السوري من قبل لمحاولة لاغتيالهم، الأمر الذي تسبب في حملة أمنية قمعية واسعة أزهق فيها العديد من أرواح السكان السنة المدنيين الأبرياء. هناك أخبار مفادها أن سلطات دمشق سحبت بعض وحدات الجيش النظامي السوري من منطقة الجولان من أجل نشرها في العاصمة في ظل اتساع رقعة المواجهة ووصولها إلى أحياء العاصمة السورية.
لا شك أن هذه العملية ستهز من ثقة نظام دمشق وتعزز معنويات معارضيه وتشجع على مزيد من الانشقاقات بين كبار الضباط وممثلي النظام البعثي الحاكم. لقد بدأ نظام بشار الأسد يسحب قواته من بقية المدن والمناطق السورية من أجل الدفاع عن العاصمة دمشق.
لقد كان بشار الأسد على مدى الأشهر السبعة عشر الماضية يخوض حربا دامية ضد دمشق، متحصنا مع عائلته وكبار أركان نظام حكمه في دمشق، مقتنعا بأنه يمكنه أن يقاوم ويصمد في وجه العاصفة غير أن العملية الأخيرة تعتبر إيذانا بانتقال المعركة الحاسمة إلى دمشق.
يصعب القول ما إذا كانت هذه العملية الانتحارية ؟ إذا ما تأكد ذلك ؟ تمثل نقطة تحول في الأزمة السورية غير أن ذلك لا ينكر أن المعارضة السورية بدأت تحقق مكاسب كبيرة ونوعية على حساب نظام دمشق. رغم ذلك لم يظهر ما يدل على أن بشار الأسد بات مستعدا للتخلي عن السلطة في وقت قريب، فقد أثبت حتى الآن أنه أكثر دموية من والده حافظ الأسد الذي أباد جزءا كبيرا من سكان مدينة حماة في فترة الثمانينيات من القرن الماضي.


كورييه إنترناشيونال