الجريدة اليومية الأولى في البحرين


الرياضة

لندن.. العاصمة التي لا ترفض أحداً

تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٤ يوليو ٢٠١٢



لندن - د ب أ: عندما يصل الأمر إلى «تسويق» لندن، فإن عوامل التفوق لا يوجد أكثر منها. فالعاصمة البريطانية، وفقا لمجلس لندن الأعلى، هي ببساطة: «أفضل مدينة كبيرة في العالم». إنها موهبة خاصة في الترويج للذات، والتي تقف أحيانا على شفا المبالغة التي تقترب من السخرية من الذات. وهو ما يتم إرجاعه دوما إلى الكاتب صمويل جونسون، وهو أحد كتاب القرن الثامن عشر الذي قال: «عندما يسأم المرء لندن، فإنه يكون سأم الحياة كلها».
ولكن ما يمكن للعاصمة البريطانية أن تزعمه بكل ثقة هو أنها لديها مقيم واحد على الأقل من كل من الدول الـ203 التي تشارك في دورة الألعاب الأولمبية «لندن 2012» نهاية هذا الشهر. ومع وصول تعدادها السكاني إلى ثمانية ملايين نسمة، يعيش في لندن مجموعة متنوعة من الثقافات والشعوب حيث يتحدث الناس بـ300 لغة مختلفة داخل حدود العاصمة البريطانية. وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر خمس جنسيات أجنبية انتشاراً في لندن هي البولندية والهندية والأيرلندية والفرنسية والنيجيرية.
ويقول الكاتب المعاصر بيتر أكرويد في كتابه الشهير عن تاريخ لندن تعليقاً على المدينة: «أن لندن لا ترفض أحداً». ومع قدرتها على اجتذاب المال، تظل لندن ملاذاً للكثيرين. وصرح بيرباريم راما، وهو مهندس معماري متدرب من كوسوفو، لصحيفة «تايمز» قائلاً: إنك على مرتبة متساوية مع الجميع عندما تكون في لندن.. لا أستطيع أن أقول للبريطانيين إنني بريطاني، لكنني أقول لهم إنني لندني وفخور بذلك. وخلال أولمبياد لندن، سيظهر راما اعتزازه ببلاده عندما ينضم إلى مواطنيه الآخرين من كوسوفو لتشجيع ميليندا كيلمنتي بطلة الجودو في كوسوفو التي تنافس تحت العلم الأولمبي المحايد.
وتقول سوزان فالينسيا، مصففة الشعر الكولومبية التي جاءت مؤخراً إلى العاصمة البريطانية ضمن العديد من الأمريكيين اللاتينيين الآخرين من بينهم الكثيرون الذين يعانون آثار الأزمة الاقتصادية في إسبانيا، في حماس كبير: «إن لندن مدينة مذهلة». وتضيف: «كولومبيا في دمي ولكن هناك لا يوجد أي احترام. أما هنا فهم يقبلونك كما أنت».
ولكن تاميد حسين، وهو شاب (17 عاماً)، لا يتفق معها في هذا الرأي. فقد تم سرقة هاتفه المحمول، تحت تهديد السكين، في حافلة بضاحية نيوهام التي يسكن فيها والتي تبعد مسافة قصيرة من إستاد أولمبياد لندن 2012 ومسافة ثمانية كيلومترات من الأضواء البراقة لقلب المدينة. وفي نيوهام، وغيرها من المقاطعات اللندنية الواقعة على أطراف المدينة، بذلت الشرطة قصارى جهدها للسيطرة على نشاط عصابات الشباب الذين كان شعورهم بالملل والاستياء والعزلة هو المسئول الأساسي وراء أعمال الشغب التي أشعلتها الجرائم لتجتاح لندن في أغسطس من العام الماضي. ومازالت محاكمات جرائم النهب والحرق العمد والسرقة التي اجتاحت أجزاء كبيرة من لندن لمدة خمسة أيام مستمرة، فيما صدرت أحكام رادعة بحق بعض المتهمين.
ووعد المدعى العام في لندن بإجراء «محاكمات عاجلة» في حال ظهور أي اضطرابات خلال الأولمبياد. وقال أحد المعلقين على جهود السلطات الإنجليزية لتجنب مواجهة أي أعمال عنف جديدة: «السؤال هو، هل ستتمكن لندن من المحافظة على وضعها الأمني مع مراقبة العالم لها». بينما قال كريس أليسون مساعد مفوض شرطة العاصمة والمسئول عن شرطة الأولمبياد: «إننا نتأكد من حيازتنا للمصادر الكافية للقضاء على أي شيء في المهد». وفي أعتراف صريح بدرجة مفاجئة، أوضح وزير التعليم المحافظ مايكل جوف مؤخراً أن بعض: «أكثر المشاكل عمقا» في المجتمع البريطاني يرجع سببها إلى: «عدم التكافؤ الشديد» في نظام التعليم في البلاد.
وقال جوف: «من يولدون فقراء من الأرجح أن يظلوا فقراء، أما من يرثون أي أفضلية فمن المرجح أن ينقلوا هذه الأفضلية لمن بعدهم في إنجلترا أكثر من أي دولة أخرى» داعياً لتطبيق تغيير شامل.
ورغم أنها مدينة تعج بالمتناقضات الاجتماعية، تظل لندن مرتعا للاختيارات بالنسبة إلى الأغنياء. ففي العاصمة البريطانية تصل نسبة الأجانب الذين يشترون الممتلكات الكبيرة إلى 85% مقارنة بـ50% في نيويورك. وتأتي غالبية المشترين الأجانب لممتلكات تزيد قيمتها على العشرة ملايين جنيه إسترليني (15,6 مليون دولار) من روسيا وآسيا والشرق الأوسط ثم من اليونان وإيطاليا وأخيراً من فرنسا. ويتردد إن المليارديرات ينجذبون لخصوصية لندن وأسلوب الحياة المريح وحرية التصرف وتقول صحيفة «تايمز»: «بشكل عام لا يأتي أجانب لندن الأثرياء إلى هنا من أجل الطقس أو الطوابير أو أعمال الشغب أو تنس الطاولة الأولمبي. إنهم لا يأتون لمشاهدة العرض، بل على الأحرى لتجنب مشاهدته».