الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٢ - الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٦ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء

التصريحات الصدامية في خطاب المعارضة





ابتلانا الله في البحرين بنوعية من المعارضة أقل ما يمكن وصفها به أنها معارضة انقلابية طائفية لا عقلانية والذي لا يصدقنا عليه أن يستمع إلى خطابات علي سلمان وإلى التصريحات التي ترددها أبواق الوفاق وأبواق تتبع الوفاق.

ويمكن أن نرصد بعض مظاهر هذا التخلف في الفكر والقيم والمنظور السياسي، فإذا ما انطلقنا مما يقوله رموز هذه المعارضة وما يرفعونه من دعوات وخطابات فاشية اقصائية يمكن أن نصل إلى ثلاث حقائق مؤلمة:

الأولى: تتمثل في الروح الانقلابية وهي الروح التي تختلف مع الروح الإصلاحية أو حتى الديمقراطية، وقد اتضحت هذه الروح في صورتين اثنتين: الأولى: هي المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها البحرين في فبراير ومارس ٢٠١١ وهي امتداد للمحاولات الانقلابية السابقة في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي مع فرق واحد وحيد هو أن الانقلابات السابقة كانت مموهة وسرية بحكم أن الدولة آنذاك كان يحكمها قانون أمن الدولة، وكانت هذه الجماعات الخبيثة تعمل تحت الأرض، أما المحاولة الانقلابية الجديدة فإنها كانت علنية ومعلنة بشبكات فوق الأرض وتحت الأرض وفي الداخل وفي الخارج مع علنية التواطؤ الخارجي من إيران وحزب الله في لبنان وحزب الدعوة في العراق.

الصورة الثانية لهذه النزعة الانقلابية هي مواصلة هذه المعارضة محاولتها الانقلابية بعد فشل المحاولة العملية على الأرض بطريقة سياسية وإعلامية من خلال المنهجية المتبعة حاليا ومن خلال التحريض اليومي والتجييش والابتزاز للدولة وللمجتمع، والذين استمعوا إلى خطاب علي سلمان يدركون ذلك تمام الإدراك أن الرجل يريد السلطتين التشريعية والتنفيذية بيده وبيد جماعته، ويريد تطهير البلاد من كل القوى والعناصر والمكونات التي لا تروق له، فقد قالها صراحة: انه لن يتنازل عن طلب السلطتين التشريعية والتنفيذية لجماعته حتى إن أدى ذلك إلى الاقتتال الطائفي وحرب مفتوحة، فبالنسبة إليه هذا الهدف دونه الموت وهذا معناه في النهاية مواصلة محاولة الانقلاب ولكن بصورة أخرى ولسنا في حاجة هنا إلى استعراض مشتقات الوفاق وأتباعها وخطاباتهم وبياناتهم لأنهم في النهاية مجرد أتباع ولم تعد لديهم أي هوية أو شخصية سياسية خارج إطار ما تفرضه الوفاق بمنظورها الطائفي التابع لإيران ولن يخفف من ذلك ادعاء الديمقراطية والمدنية وعبارات المجاملة الفارغة من أي محتوى.

الثانية: العقلية الطائفية التي يعلم القاصي والداني في البحرين وفي خارج البحرين ان الذي رسمها ونشرها بين المواطنين هو هذا الفكر الذي تقوده الوفاق ومن ورائها الزعامات والرموز الدينية السياسية، وهذه النزعة الطائفية التي تتكلم عن نحن وهم، نحن وأنتم، شيعة وسنة، طائفة وطائفة، بحرينيين أصيلين وبحرينيين غير أصيلين ومرتزقة ومجنسين، إلى آخر تلك اللغة من القاموس الذي صنفته الوفاق وأتباعها ونشرته عبر الفضاءين الإلكتروني والإعلامي وأصبح جزءا من ثقافة الأطفال في المدارس وثقافة الرجال، بما أدى إلى كارثة وطنية من خلال إحياء النعرات الطائفية والعنصرية وإثارة المخاوف بين مكونات الشعب البحريني بمكوناته كافة، وما أدى إليه ذلك من ردود أفعال أسهمت في بث التوتر الاجتماعي بالرغم من الأحاديث التي تحاول الوفاق ترويجها حول المحبة والوحدة والأخوة.

الثالثة: النزعة الاقصائية التدميرية وهي نتيجة للنزعتين الأولى والثانية حيث يحتقر خطاب هذه المعارضة بقية مكونات الشعب إما بوصفها أقلية وإما بوصفها موالية للسلطة أو بوصفها بأنها مرتزقة أو من المجنسين، وهذا هو الذي عطل ومازال يعطل جهود المصالحة الوطنية والحوار الوطني الجاد بين مكونات الشعب طالما أن المعارضة وعلى رأسها الوفاق لا تعترف بهذه المكونات، وطالما أنها قررت هكذا أن الأغلبية حسب مفهوم علي سلمان يجب أن تستولي على السلطتين التشريعية والتنفيذية كاملتين وتصبح البقية من المجتمع مجرد أقليات أشبه بأهل الذمة في النظام الإسلامي القديم، هذه الديمقراطية التي تبشر بها المعارضة وتبشر بها الوفاق تحديدا هي ديمقراطية الفتوى الدينية وديمقراطية اسحقوه، وديمقراطية نحن وهم، وديمقراطية الحرب التي لا تبقي ولا تذر، وديمقراطية التهديد بالحرب الطائفية، وديمقراطية مخازن المولوتوف، وديمقراطية البيعة للخارج في السر والعلانية، بما يعني في النهاية استحالة الخروج من عنق الزجاجة إلى فضاء الحل السياسي طالما أن هذا النوع من الفكر متشبث بهذه النزعات الثلاث التي لا يمكن أن تقدم للمواطنين بدائل حقيقية للتعايش والمحبة والمحافظة على الوحدة الوطنية.















.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة