الجريدة اليومية الأولى في البحرين


مقالات

هذا هو الإسلام
الإنسان المؤمن

تاريخ النشر : الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢




الإيمان فطرة يولد بها الإنسان ثم تطرأ عليه الطوارئ فإما يبقى على إيمانه ويقينه وإما يتزلزل هذا اليقين، ويضعف ذاك الإيمان وقد ينقلب إلى النقيض، فيكون كافرا بعد أن كان مؤمنا، وملحدا بعد أن كان على يقين ثابت وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم الأبوين من أن يهملا في رعاية ولدهما، فيكونا سببا في تهويده أو تمجيسه أو تنصيره يقول صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» البخاري.
فإبقاء المولود على فطرته المؤمنة تلك مهمة جليلة يجب على الأبوين أن يقوما بها، وأن يحرصا الحرص كله على ألا يفرطا فيها لأنهما سوف يسألان عنها يوم القيامة بل المطلوب منهما أن يزيدا في منسوب هذا الإيمان في قلب ولدهما، وأن يحافظا عليه من الأكدار والملوثات حتى يكون من بعد وفاتهما ولدا صالحا يدعو لهما في كل صلاة يصليها، وفي كل قربة يتقرب بها إلى الله تعالى في فريضة أو نافلة.
ولهذا فقد وجهنا الإسلام منذ البداية إلى أن يدعو الرجل حين يأتي زوجه بهذا الدعاء: اللهم جنبنا الشيطان وجنبه ما رزقتنا، فإن كتب الله تعالى لهما مولودا ثمرة ذلك اللقاء حصنه من الشيطان الرجيم، ثم أمرنا الإسلام كذلك بأن نؤذن في الأذن اليمنى للمولود، ونقيم الصلاة في الأذن اليسرى ليكون أول ما تسمع أذناه هو التكبير لله تعالى وشهادة التوحيد ثم بعد ذلك تتوالى ألوان الرعاية والحماية من الوالدين لأبنائهما لأن الأبناء هم المشروع الأعظم في حياة الأبوين، ونجاحه أو فشله مرهون بمدى حرص الوالدين على التربية الإسلامية الصحيحة.
فإذا قام الوالدان بما ينبغي عليهما تجاه أبنائهما نشأ الأبناء في حضن الإيمان، وتدرجا في الثبات عليه حتى تكون صفة ملازمة لهم وأساسا متينا وثابتا لحياتهم.
ولقد كان هذا ديدن الأنبياء الكرام مع أهليهم وأبنائهم يقول تعالى منوها بما كان يقوم به نبي الله إسماعيل عليه الصلاة والسلام فقال تعالى: «واذكر في الكتاب إسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا (54) وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا (55)» مريم.
والإيمان كما قال العلماء يزيد وينقص، يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي، ويستطيع الإنسان أن يقيس إيمانه ويعمل على زيادته وحمايته من النقصان، ولقد وضع رسول الله صلى اله عليه وسلم ميزانا أدق من ميزان الذهب والفضة حين قال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم» رواه الإمام أحمد.
فارقب سلوكك مع الناس وحاذر أن تمسهم بسوء أو تتعرض إليهم بأذى، فمن كمال إيمان المسلم أن يتعدى إيمانه إلى غيره حين يستكمله في نفسه، فيأمنه الناس على أنفسهم وأموالهم وكما اطمئن بذكر الله تعالى ومراقبته سبحانه في السر والعلن، وهذا هو ديدن المؤمن، فعليه أن يحقق للناس مثل هذا الاطمئنان، فلا يروعهم في أنفسهم ولا في أموالهم.
بهذا يستطيع المؤمن قياس درجة إيمانه بحسن أخلاقه مع الناس وبإمكانه أن يحقق كل يوم زيادة في منسوب هذا الإيمان حين يراقب تصرفاته مع الناس ويقدم لهم من أخلاقه أفضلها، ومن كلامه أحسنه، فيذكره الناس بالخير ويثنون عليه ويدعون له ولوالديه الذي هو ثمرة من ثمارهما، وغرس من غرسهما ويكون بذلك ولدا صالحا يدعو لهما ويدعو الناس لهما بسببه.

.moc.sserpdrow.halafniblaa.www
halafniblaa@