دراسات
باحث إسرائيلي يرسم سيناريوهات مستقبل العلاقات الأمريكية - المصرية
تاريخ النشر : الأربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢
عقب فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين د. محمد مرسي بمنصب رئيس مصر أثير العديد من التساؤلات حول مدى التدخل الأمريكي والغربي بالضغط على المجلس العسكري لإعلان فوزه على منافسه الفريق أحمد شفيق ورغم نفي عناصر قيادية داخل جماعة الإخوان لمثل هذه الضغوط فانه كانت هناك مؤشرات سابقة تؤكد إبرام تحالف سري من نوع خاص على أساسه يتم تمكين ممثل الإخوان من منصب رئيس الجمهورية، في مقابل تعهدات مؤكدة بالحفاظ على استمرار اتفاقية السلام مع إسرائيل.
وطرح مثل هذا الأمر من جانب مصادر مصرية قد يشوبه الريبة والشك، ويثير الحديث مجددا عن نظرية المؤامرة والتربص بكل ما هو إسلامي، لكن عندما يصدر الكشف عن تلك العلاقة من أحد أهم المراكز البحثية في إسرائيل، من الضروري الوقوف كثيرا أمام هذا الأمر، حيث أعد أوريه شابيط الأكاديمي الإسرائيلي المتخصص بشئون الجماعات والحركات الإسلامية دراسة خاصة نشرتها دورية «تخلت» الإسرائيلية البحثية المتخصصة بالدراسات السياسية والاستراتيجية الصادرة عن مركز شاليم اليميني الإسرائيلي حول المستقبل السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر من الناحية الديمقراطية على خلفية التطورات السياسية المتلاحقة التي تشهدها مصر وما يمكن لإسرائيل أن تفعله حيال تلك التطورات.
وأشار الخبير الإسرائيلي في مستهل دراسته، التي حملت عنوان «الديمقراطية نسخة الإخوان المسلمين» إلى أن تعاظم قوة الإسلاميين وانتهاجهم للغة الديمقراطية وضعا أصحاب القرار في الولايات المتحدة الأمريكية في مأزق خطر، مؤكدا أن هناك شبه إجماع بين أروقة الحكم في واشنطن وأجهزة المخابرات الأمريكية على أن صعود الإخوان المسلمين للسلطة في الدول العربية عموما وفي مصر على وجه الخصوص هو سيناريو مرغوب فيه ومن الممكن التعامل معه، وزعم أن الخلاف الوحيد بين المسئولين الأمريكيين في هذا الصدد كان حول مسألة هل من المناسب التعامل مع جماعة الإخوان أو أنه من الضروري مقاطعتها؟ لكن يبدو أن الأمر تم حسمه داخل البيت الأبيض.
وفي يونيو 2011 وعقب إعلان السلطات المصرية أن الإخوان المسلمين حركة شرعية أفادت وقتها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن واشنطن ستجري حوارا مع الحركة، مثلما تفعل مع الأحزاب التي لا تنتهج العنف في دول أخرى.
وتابع أوريه شابيط حديثه قائلا: من الممكن إيجاد نقطة التقاء بين الإدارة الأمريكية التي تأمل في إيجاد شخص يمكن التحاور معه في المعسكر الإسلامي الراديكالي وبين الإسلاميين الذين يدركون أنه من الخطأ حرق جميع الجسور في العلاقات مع الغرب، هذه النقطة يمكن أن تثمر عن اتفاقيات متبادلة.
ورصد الخبير الإسرائيلي في دراسته السلاح الأقوى الذي يمتلكه الإخوان المسلمون الذي من خلاله وصل مرشحهم إلى منصب رئيس جمهورية مصر العربية، وهو نجاحهم في الدمج بين الحداثة والشريعة الإسلامية، ورأى أن ذلك يمثل قوة جذب كبيرة، وخاصة بين أوساط الطلاب وأصحاب المهن المستقلة الذين دائما كانوا منقسمين بين عالمين.
وقد أظهر استطلاع الرأي الذي أجراه معهد «بيو» الأمريكي عقب إسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك أن واحدا وسبعين بالمائة من المصريين يرون أن النظام الديمقراطي هو الأفضل لتطبيقه في مصر، بينما اثنان وستون بالمائة منهم يرون أنه لابد من تطبيق القوانين طبقا لما ينص عليه القرآن الكريم.
فيما يحمل خمسة وسبعون بالمائة ممن شملهم الاستطلاع مواقف إيجابية جدا حيال الإخوان المسلمين، فثلاثة أرباع الشعب المصري المهتم سواء بإقامة نظام ديمقراطي أو نظام يحكمه القرآن، هم الجمهور الذي كان مستهدفا من جانب الإخوان المسلمين سواء خلال الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية في مصر، مشيرا إلى أن الإخوان المسلمين الذين يتحدثون مثل الديمقراطيين والليبراليين بل يتصرفون مثلهم، هم في الواقع ليسوا ديمقراطيين أو ليبراليين، لكن التركيبة الإسلامية تتيح لهم استعارة مفاهيم وقيم من المعجم السياسي لليبراليين، لكن التزامهم الأساسي للقوانين والأحكام الدينية فقط.
وفي ختام دراسته أعرب أوريه شابيط عن أسفه وحزنه الشديد من النجاح الذي حققه الإخوان المسلمون في معظم الدول العربية وعلى رأسها مصر بأغلبية ساحقة في معظم الانتخابات الحرة التي جرت مؤخرا، مرجعا ذلك إلى قيام الأحزاب الإسلامية بعرض نظرياتها وبرامجها بشكل واضح وبسيط، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والتخبط الفكري في المنطقة العربية وهو ما أكسبها مزيدا من التأييد والانجذاب الشعبيين.
وفي محاولة لتقليب العالم على جماعة الإخوان - وهو مازال مستمرا وخاصة بعد فوز د. مرسي برئاسة مصر - أوصى الخبير الإسرائيلي الغرب بضرورة التأهب لأعلى درجة في ضوء الخطر المحدق الذي تمثله حركات الإسلام السياسي للمجتمعات العربية، لكنه سيكون في مأزق خطر قائلا: إذا قام بشن الحرب عليها، فسيعضد ذلك من مزاعم الإخوان المسلمين بشأن وجود مؤامرات غربية لتفتيت الهوية الدينية للعالم الإسلامي بهدف السيطرة عليه، وإذا وقف مكتوف الأيدي فسيكتب بنفسه وفاة القوى الليبرالية المصرية، فهذه النقطة الخطرة في الديمقراطية العربية التي يصبح فيها الغرب في حيرة بين دور المحرر والمحتل، الحل والمشكلة، ورغم تعقد الوضع فانه يتعين على أصحاب القرار في الغرب عدم تجاهل الحقيقة المفاجئة التي ظهرت العام الماضي وهي اقتحام المجتمعات العربية قوى متشوقة إلى الديمقراطية الحقيقية وتدرك أن أسلوب نظام الحكم الغربي يجسد حقيقة صورة الازدهار البشري والاستقرار السياسي.
خدمة «وكالة
الصحافة العربية»