الرياضة
أخبار الخليج الرياضي يستعرض مسيرة بطل الخليج:
دخول التاريخ من أوسع الأبواب بعد إنجاز الدوري الخليجي 27 المحرق خسر الدوري بخسارته ذهابا وإيابا مع الرفاع البطل
تاريخ النشر : الخميس ٢٦ يوليو ٢٠١٢
استعراض مسيرة نادي المحرق في سطور قليلة يعد من الأمور البالغة الصعوبة إذ أن اختزال العمل الجبار لمجلس الإدارة والجهاز الفني والإداري واللاعبين قد لا يسلط الضوء على مسيرة الإنجاز بشكل مفصّل ويعطيها حقها ويبيّن للقارئ العزيز مدى الثقل التاريخي العميق لهذا الكيان المليء بالمكتسبات التي تحققت على مر الأجيال والعصور.
أخبار الخليج الرياضي يسلّط الضوء عن مجموعة من مكتسبات وأحداث الموسم الكروي الفائت والذي حقق فيه المحرق بطولتين كبريين إحداهما جاءت للمرة الأولى في تاريخه وهي بطولة الأندية الخليجية الأبطال في نسختها رقم 27 والتي فاز فيها ممثل الكرة البحرينية على حساب نادي الوصل الإماراتي الذي يقوده دييغو أرماندو مارادونا الأسطورة الأرجنتينية الشهيرة.
وسنحاول تسليط الأضواء على أهم العوامل التي جعلت المحرق يتبوأ هذه المكانة الرفيعة ويحصد اللقب الذي طال انتظاره طوال المشاركات الماضية وتركيز جهود الإدارة على صناعة جيل كروي قادر على الإطاحة بالمنافسين ورسم تطلعات وآمال الجماهير إلى واقع ملموس.
دخول التاريخ
من الباب الواسع
لا غرو أن المحرق دخل التاريخ من الباب الواسع بعد تحقيقه للقب البطولة الخليجية رقم 27 على حساب الوصل الإماراتي ومدربه مارادونا بعد أن كان الفريق الأحمر خاسرا لقاء الذهاب على أرضه وبين جمهوره 1\3، واستحالة التعويض في نظر العديدين ممن شككوا في قدراته شيخ الأندية على تجاوز المطب الصعب والنتيجة الثقيلة بالفوز خارج الديار على المستضيف نادي الوصل في دبي، وبالفعل شاءت الأقدار والظروف التي ساعدت الفريق على التقدم من البداية مع النقص العددي الذي صاحب الوصل وهو ما سهّل الأمور لأن تكون في النهاية من صالح ممثل الكرة البحرينية الذي عانق اللقب الأول عبر التاريخ بالنسبة لأنديتنا الوطنية.
وسبق إنجاز المحرق هذا تحقيقه في العام 2008 بطولة كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم على يد المدرب سلمان أحمد شريدة والجميل أن بطولة الخليج هي الأخرى جاءت على يد مدرب وطني هو عيسى السعدون سبق له الفوز مع المحرق بأربع بطولات في ظرف سنتين فقط.
ولن نسهب في الحديث عن بطولات النادي خاصة وأن المحرق صاحب 31 بطولة دوري هو الفريق الأقوى والأفضل على مر التاريخ في الكرة البحرينية منذ انطلاقة أول دوري كروي في العام 1957\1958، وقد ساهمت العديد من الأجيال في كتابة فصول وملاحم البطولات المحرقاوية بحروف من ذهب.
خسارة الدوري
من خسارة الرفاع
الموسم الماضي شهد حدثا فريدا من نوعه في جدول المباريات وهو أن يلتقي المحرق والرفاع في أولى مواجهاتهما وفي الجولة الافتتاحية وكان للرفاع كلمة السر فيها بعد أن حقق نتيجة الفوز بهدفين نظيفين، ولم تكن وقتئذ المباراة باحت بكل أسرارها لوجود ظروف واعتبارات تحد من عطاء الكثير من اللاعبين في مثل هذه المواجهات لاسيما وإن كانت في البدايات.
واصل الرفاع تصدره للترتيب العام لدوري الدرجة الأولى لكرة القدم بعد نهاية القسم الأول وكان الحديث عن مواجهة الإياب مرة أخرى والتي نجح فيها الرفاعيون في ترجمة الأداء البطولي طوال الفترة الأولى، وبالفعل جدد السماوي فوزه على المحرق بهدفين مقابل هدف واحد، وهو ما جعل الفارق النقطي يتسع مرة أخرى بينهما، حتى أن التجربة الثانية التي لعبت كانت تحت قيادة مدرب الفريق الوطني عيسى السعدون الذي تدارك الوضع في الجولات المقبلة وصحح من مستوى الفريق وتخلى عن بعض الأسماء التي لم تكن في وضعها الطبيعي وأجلسها حبيسة دكة البدلاء حتى تم الاستغناء عنها أمثال الأردني سيلمان السلمان ودييغو دا سيلفا هداف الدوري قبل الماضي مع الأهلي، وكانت عثرة الرفاع بالخسارة من المنامة في أولى مواجهاته بالموسم أن تطيح به بعد أن تقلص الفارق من 10 نقاط كاملة إلى نقطتين.
ومع اشتداد المنافسة عاد الرفاع لاستعادة مستواه وتمكن من خطف الدوري سريعا لأنه ببساطة تامة حصد 6 نقاط من مواجهتي الذهاب والإياب مع ملاحقه المباشر ولذلك فإن خسارة المحرق للدوري كانت بسبب خسارته من الرفاع.
ولن ننسى أن بطولة كأس الملك تخللت مباريات القسم الثاني من الدوري والتي أفاق فيها المحرق واستطاع تقليص الفارق النقطي بينه وبين الرفاع في الدوري، حتى أنه نجح في اقتناص أغلى الكؤوس على حساب السماوي وهو ما أعطاه دفعة معنوية بمواصلة الزحف والأداء التصاعدي حتى الجولات المقبلة، وهذا الانطباع أتاح لأناس كثيرين مدى قدرة الرفاع على اجتياز وتجنب حالة فقدان النقاط والعودة القوية التي كانت بمثابة أكبر التحديات في الموسم الماضي.
سياسة القعود
واستقرار المجموعة
ما كان يحسب لإدارة نادي المحرق في المقام الأول سياستها العامة في قيادة الفرق الرياضية وخصوصا فريق الكرة الأول فقد عمد مجلس الإدارة إلى وضع سياسة العقود والرواتب الشهرية والمكافآت الدورية في سلّم الأولويات لما لها من انعكاسات نفسية ومعنوية على أداء المجموعة ككل، وكان المحرق من الأندية السبّاقة في هذا المجال، حتى أن العديد من الأندية سار على نفس المنوال والنهج في محاولة للاستفادة سياسة الاحتراف شبه الكاملة في النادي.
انعكست سياسة العقود الطويلة مع اللاعبين على استقرار المجموعة فاللاعب في المحرق يلعب بتضحية وإخلاص قلّ مثيلها في الأندية الأخرى حتى أن الجميع أصبح يراهن في العلن على أن نسبة خسارة المحرقاوية لأي نهائي يخوضه الفريق تكاد أن تكون معدومة، وهو ما حصل بالفعل في لقاءات وتجارب سابقة كان آخرها نهائي الدوري الخليجي 27 ونهائي كأس جلالة الملك.
إدارة نادي المحرق استطاعت أن تحرك قواعد الاستثمار وأن تستفيد منها في إحداث نقلة نوعية جديرة بالالتفات إليها، وكان لزاما على بقية الأندية أن تخطو خطوات ملموسة تسهم في دفع عجلة التطوير بداخل المؤسسة الرياضية الخاصة بها نحو الأفق الواسع، وإدارة نادي المحرق من الأمثلة الحيّة والواقعية على الأداء الجماعي والتعاوني حتى أن الإنجازات الكثيرة لم تقتصر فقط على لعبة كرة القدم وإنما تجاوزتها إلى لعبتين جماعيتين لهما من الشعبية الجارفة في البحرين والخليج هما كرة السلة والكرة الطائرة.
إشراك المجموعة
في توجيه الهدف
في المحرق لا يمكن أن تجد طفلا أو برعما يعيش حالة من الضياع وفقدان الهوية والانتماء لأنك ببساطة حينما تسأل عن سر التفوق في مختلف الألعاب الرياضية وكرة القدم تحديد ستجد الجواب بأن رجالات النادي ومدربيه ولاعبيه السابقين يغرسون حب الانتصارات في نفوس الأبناء والناشئة منذ الصغر، وهناك العديد من الأسماء اللامعة في سماء الكرة المحرقاوية والبحرينية أمثال أحمد بن سالمين صاحب أول أهداف بطولات كأس الخليج وعندما كان مدربا لسنوات في نادي المحرق غرس في نفوس اللاعبين حب الانتصارات والتوجه نحو هدف واحد فقط هو البطولة.
إشراك المجموعة في توجيه الهدف ووحدة المصير كان شعارا محرقاويا بامتياز ومن يلعب في المحرق وهو من الخارج تراه سريع الانصهار والذوبان في هذا الشعار، وهذه الميزة من أهم عوامل نجاحات النادي على الصعيد الإداري والاستثماري وحتى على صعيد المنافسات.
المخضرمون سرّ التألق
كيف يمكننا أن نضع لاعبا بحجم هداف الدوري الموسم الماضي دييغو دا سيلفا بديلا للاعب كبير في السن مثل حسين علي بيليه؟ الجواب باختصار هو أن المخضرمين في المحرق سرّ التألق والبروز وحسين علي واحد من الأسماء التي أثبتت جدارتها في محافل عديدة لم تقتصر على تمثيل المحرق وإنما امتدت إلى التمثيل الدولي للمنتخبات الوطنية، وقد أسهم في تسجيل الكثير من الأهداف الحاسمة في الموسم الفائت وصار من أبرز هدافي المحرق.
ولا يمكننا هنا أن ننسى الثقل الكبير للنجم محمد سالمين وغيابه المؤثر على صفوف المحرق لكن ذلك لم يمنع من بروز نجمين آخرين هما سيد محمود سيد جلال وراشد الدوسري وكلاهما من الزمن الجميل في نادي المحرق، الذي حافظ على تراثه بالإبقاء على نجومه المخضرمين، وفيهم في الدفاع علي عامر القائد الفذ وإبراهيم المشخص الذي لا يزال يقدم عطاء جيدا مع النادي رغم تقدمه في العمر.
هذه الأسماء تمكنت في المحرق من وضع نفسها في السجلات الذهبية وصارت الأجيال الكروية في النادي تقتدي بها وتحذو حذوها، والأمر مهم أنها تستلهم منها العبر والدروس وتستقي منها كل الأمور النافعة من التضحية والصبر وحب تمثيل وشعار النادي، وكان ذلك سرّا من الأسرار العلنية في انتصارات شيخ الأندية وعلو شأنه ومكانته.