أخبار البحرين
في حوار مفتوح حول الصحافة البحرينية.. د. فياض:
أسباب عديدة وراء غياب الصحافة البحرينية عن الساحة العربية
تاريخ النشر : الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢
قال الدكتور محمد احمد فياض إن مملكة البحرين قطعت خطوات ايجابية في مجال حرية تداول المعلومات عندما تم تدشين البرنامج الإصلاحي الذي توافق عليه جلالة ملك البحرين وشعب البحرين يوم 14 فبراير 2001 في الاستفتاء علي ميثاق العمل الوطني الذي يعتبر وثيقة البرنامج الإصلاحي الأساسية، حيث تعد هيئة شؤون الإعلام في المملكة الجهة الرئيسة الراعية والداعمة والموجهة لوسائل الإعلام في المملكة.
وأشار الدكتور محمد خلال الحوار المفتوح (الصحافة البحرينية المعاصرة بين الواقع والطموح) الذي استضافه مركز عبدالرحمن كانو الثقافي بحضور لفيف من الإعلاميين والمثقفين والأدباء، حيث أدار الحوار الأستاذ زكريا رضي، إلى أنه على الرغم من التطورات الرائدة التي شهدتها المملكة على الصعيد الديمقراطي وحرية الصحافة منذ انطلاق هذا المشروع الإصلاحي الشامل لجلالة الملك، وصدور قانون الصحافة رقم (47) لعام 2002 والذي حل بديلا لقانون المطبوعات والنشر الصادر عام 1979، فان هذا القانون جاء كإجراء تطويري لما سبقه من اجل مواكبة التحولات السياسية التي رافقت المشروع الإصلاحي، وقد توجت الفترة اللاحقة بصدور عدة صحف يومية وهي (الميثاق) التي صدرت عام 2004، وتوقفت في مايو 2010، وصحيفة الوطن في عام 2005 والوقت عام 2006 وتوقفت أيضا في عام 2010 لأسباب مالية، والبلاد عام 2008، فضلا عن صحف أسبوعية أخرى وهي النبأ عام 2008، وأسواق عام .2009
وأضاف الدكتور فياض ان تنوع الصحف يعكس تنوعا في الآراء والتوجهات السياسية سواء كانت ليبرالية أو قومية أو وسطية أو محافظة من خلال تناولها مختلف الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ودورها في توجيه الرأي العام، ولعل الكثير من أصحاب الاختصاص يتساءلون عن ضعف أو غياب توزيع الصحف البحرينية في الساحة العربية، وقد كنا نعجز عن وضع صورة انطباعية لماهية هذه الصحافة وطبيعتها ومدى تطورها وأساليب الإخراج والتنفيذ فيها، ولعل ذلك الغياب يعود إلى ثلاثة أسباب مهمة، وهي أن القائمين على الصحف أو أصحابها لا ينظرون إلى أبعد من حدود المملكة ولا يتطلعون خارجها، وحصروا همهم الأساسي في كيفية إرضاء مرجعياتهم الفكرية والاقتصادية فيما يكتبون وينشرون وخاصة في الشأن الداخلي. كما ارجع غياب الصحف البحرينية في الساحة العربية إلى ضعف الثقة بالمادة المنشورة، فالإحساس بضعف المضمون الصحفي يجعل القائم على الصحيفة يشعر بالعجز عن مخاطبة الرأي العام العربي خارج حدود المملكة، لذلك ينصب الجهد على حصر المواضيع بالشأن الداخلي وكسب الإعلانات لتغطية الأجور وتحقيق الأرباح المنشودة وقد يكون الأهم هو غياب الآلية التنفيذية في طرق مخاطبة الآخر، ومرد ذلك يعود إلى ضعف آليات التخطيط العلمي التكتيكي أو الاستراتيجي.
وفيما يتعلق بآليات النهوض بالصحافة المحلية أشار الدكتور فياض إلى أهمية تفعيل القوانين وتعزيز قانون الصحافة، وتفعيل ميثاق الشرف الإعلامي وأخلاقيات المهنة، وتعزيز دور جمعية الصحفيين، بالإضافة إلى تعزيز العلاقة بين هيئة الإعلام ومؤسسات الصحف.
وأوضح ان أسلوب التحرير القائم في الصحيفة يعطي الانطباع العام لمدى قوة الصحيفة او ضعفها، وهل تحمل فكرا تجديديا أم مجرد صحيفة تقليدية لا تختلف عن سابقاتها، كما أن السياسة التحريرية تلعب دورا مهما في تحديد نوعية الجمهور القارئ للصحيفة، هل هو جمهور عام أم جمهور متخصص، وان خلفية الصحفيين القائمين على إدارة التحرير في الصحيفة تلعب دورا مهما في تحديد الطابع العام للسياسة التحريرية فيها، فهي كتوجهاتهم، وانتماءاتهم الفكرية، الأمر الذي ينعكس على التوجه العام للصحيفة.
وأضاف الدكتور فياض ان الجمود في السياسة التحريرية للصحيفة واعتمادها على نمط واحد، يعطي لجمهورها الحق في عزوفهم عنها والبحث عن البديل مع مرور الزمن، الأمر الذي يتطلب من إدارة الصحيفة مراعاة التجديد والتنوع والابتكار من دون أن تفقد الصحيفة خصائصها التي تتميز بها، حيث تلعب عملية المنافسة الإعلامية بين الصحف وخاصة في البيئة الواحدة دورا مهما في تفعيل التخطيط والإنفاق المالي على السياسة التحريرية لغرض الارتقاء بالمادة المعروضة وتحسين أداء القائمين عليها وتحفيزهم المستمر، بالإضافة إلى إشعال روح المنافسة فيما بينهم وتكريم المتميزين، من دون إغفال عنصر المصداقية ووضوح المصدر، ويتمثل الإنفاق المالي على إدارة التحرير في جذب الكتاب المتميزين والخبرات المعروفة في هذا المجال، والتركيز على أصحاب المهارات والكفاءة اللغوية وتوفير المغريات المادية والمعنوية لهم.
وذكر أنه لتعزيز المحتوى التحريري في الصحافة فانه يجب على الصحيفة أن تراعي التنوع في تقديم الفنون التحريرية من أخبار وتقارير وتعليقات ومقابلات وتحقيقات ومقالات وأعمدة، فضلا عن التنوع في الأشكال الفنية من صور ورسوم وخرائط وتصميم فني يأخذ بنظر الاعتبار طبيعة الصحيفة وتوجهاتها، ويتحدد ذلك في ضوء نوع الصحيفة ذاتها، فالصحيفة العامة يجب ان توازن بين الموضوعات المطروحة من سياسية واقتصادية وثقافية ورياضية وفنية وكذلك الصحية والبيئية. ناهيك عن أن عملية التنوع في التغطية الجغرافية تلعب دورا مهما في زيادة توزيع الصحيفة فمتى كانت الأخبار والمواد المنشورة شاملة تغطي الأحداث المحلية والعربية والإقليمية أمكن لها ان تجد جمهورا واسعا وممتدا على رقعة جغرافية كبيرة الأمر الذي ينعكس بالضرورة على التوزيع والشهرة.
وأشار الدكتور فياض إلى أهمية مراعاة التنوع في مصادر الأخبار، وان تشتمل المصادر على ما يقدمه المندوبون والمراسلون من مواقع الأحداث والوكالات الدولية ، وان تتوجه الصحافة الحديثة إلى التخصص أكثر من الشمولية، ولهذا تصدر ملاحق منتظمة عن موضوعات متخصصة، مثل الكمبيوتر، التكنولوجيا، البيئة، العلوم، حيث تتوزع هذه الملاحق بين ملاحق يومية إلى أسبوعية وبعضها ملاحق شهرية.
ولفت انه من خلال اطلاعنا على المقررات والمواد الدراسية الخاصة بأقسام الإعلام والصحافة في كليات البحرين نستطيع القول وبكل أمانة إنها مقررات حديثة وتراعي الجوانب العملية بشكل جيد، بيد أن الخلل يكمن في غياب آلية انتقاء واختيار الطلبة المؤهلين لدراسة الإعلام منذ البداية، وأضاف انه يوجد خلل واضح في تدريس مادة التحرير الصحفي التي تعد المادة الأساسية في أقسام الصحافة، حيث يفترض أن تقسم هذه المادة إلى مسميات ثانوية مجزئة توزع على فصول الدراسة الثمانية (الخبر الصحفي، الخبر الإذاعي، التقرير الصحفي، المقابلة والحديث، التحقيق الصحفي، المقال الصحفي، البورتري «الروبورتاج») وبمعدل من 6 إلى 8 ساعات أسبوعيا للمقرر الواحد، تقسم ما بين نظري وعملي (تدريبي) حين ذلك فقط نستطيع أن نبني ونطور كفاءات قادرة على ملء الفراغ داخل المؤسسات الصحفية بكل جدارة.
وأكد ضرورة تعزيز التدريب الصيفي لطلبة الصحافة من خلال وضع برامج مشتركة بين هيئة الإعلام والكليات المتخصصة، بحيث يتم تقسيم الطلبة إلى مجموعات متدربة توزع في العطلة الصيفية على وكالات الأنباء ومؤسسات الصحف وبإشراف الكوادر التدريسية، مع التأهيل والتدريب والتطوير المستمر للملكات الصحفية من خلال مراكز ومؤسسات مرتبطة حصريا بهيئة الإعلام ليتسنى الاطلاع عن قرب على جدية المناهج ونوعيتها ومقدرتها على تعميم الفائدة.