قضايا و آراء
أكاذيب حوار المغالبة.. إلى متى؟
تاريخ النشر : الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢
في أكثر من مناسبة أثرنا كما أثار غيرنا موضوع المصالحة الوطنية بين مكونات الشعب البحريني، ولكننا نرى ونحن نتابع ردود أفعال المعارضة أنها تقول ما لا تفعل وتفعل ما لا تقول، وهذه هي مشكلتنا معها، وعندما كان باب حوار المصالحة مفتوحا أغلقته بوضع قائمة طويلة من الشروط التعجيزية التي تعني في النهاية إلغاء الحوار ورفض المصالحة وعندما دعيت مكونات المجتمع السياسي والمدني إلى حوار وطني شامل انسحبت هذه المعارضة معتبرة إياه استخفافا للعقول، وبعد ذلك خرجت من جميع المؤسسات الدستورية واستقر بها الأمر في الشوارع وأصبحت كل نشاطاتها وأعمالها هي إقامة المظاهرات والاعتصامات لإرباك حركة المرور وتعطيل حياة المواطنين والمقيمين في عملية استعراضية شبه يومية تقوم على الصراخ والعويل وأخيرا تحولت إلى مرحلة التهديد بالفتاوى وبالحروب الأهلية التي لا تبقي ولا تذر.
وعندما يأتي الوسطاء الأجانب ويجلسون مع ممثلي هذه المعارضة ويلومونهم بسبب تعطيلهم حركة الحوار والمصالحة يخرجون سراعا ليعلنوا أنهم مع الحوار غير المشروط ويكتبوا ذلك ويقولوا ذلك، ولكن في الحقيقة تبقى كل تلك البيانات والتصريحات والأقوال فقط للترجمة إلى اللغة الإنجليزية لا أكثر ولا أٌقل، لأن الأقوال بعد ذلك تأخذ منحى معاكسا تماما، بل إن الأفعال بعد ذلك تعني شروطا وشروطا مركبة من شروط وتخيلوا أن مجموعة من السياسيين قد حاولت عمل انقلاب على دولة راسخة قائمة على الشرعية التاريخية والشعبية والدستورية ولكنها فشلت فشلا ذريعا بعد ان عرضت جمهورها لورطة ما لها أول ولا لها آخر، تخيلوا أن هذه المجموعة بعد ان فشلت في الجولة الأولى تحاول أن تحقق الانقلاب ولكن هذه المرة ليس بأسلوب مشيمع و14 فبراير وإنما بأسلوب مركب من مشيمع و14 فبراير والوفاق ووعد والقوميين والبعث مستعينين في ذلك بالدعم الإيراني اللامحدود وبالدعم الإعلامي والسياسي من بعض الأطراف الدولية مثل الأمريكان، وقد رأينا وفود الزائرين الأجانب تزور البحرين بين فترة وأخرى ولكنها تفاجأ كل مرة باللعبة نفسها: إعلان نظري الاستعداد للحوار والمصالحة، إعلان للترجمة إلى اللغة الإنجليزية ولكن في المقابل رفض لأي حوار جاد ووطني من دون شروط مسبقة، بل الأخطر من ذلك هو أن هذه الجماعة أصبحت بكل بساطة تشطب مكونات الشعب البحريني الأخرى كافة معتبرة أنها وحدها الشعب ولا يوجد شعب غيرها.
لقد مللنا من هذه اللغة التي لا يبدو أن لها أول ولا لها آخر لأن جوهر الموضوع في تقديري أن هذه الجماعة «العصابة» قد أقرت العزم ليس على الحوار وإنما على المغالبة بكل الوسائل ولأنها لم تنجح منذ عام ونصف عام في تحقيق ما تصبو إليه، ولأنها فقدت في الداخل جزءا كبيرا من مصداقيتها مع جمهورها الذي وعدته بالانقلاب للوصول إلى السلطة، وكذلك لأنها فقدت مصداقيتها في الخارج إلا القليل القليل ولأن أغلبية شعب البحرين قد انصرفت إلى ممارسة حياتها العادية ولأن الحياة الدستورية قطعت شوطا متقدما في الإصلاح والتطوير، وأن الدعم الخليجي المالي قادم بإذن الله وقادم معه الخير العميم لشعب البحرين في المجالات كافة، لكل هذه الأسباب وغيرها شعرت هذه المعارضة الفاشلة بالتأزم والارتباك وكان من النتائج الطبيعية لهذين التأزم والارتباك التي بدأت تظهر في الخطابات والكلمات والتصريحات بما في ذلك ما سمعناه من تطاول ووقاحة والمقصود من رائه استفزاز السلطة واستفزاز شعب البحرين والدفع بالأمور إلى التأزيم والمواجهة، ولكن هيهات ثم هيهات أن تقع الدولة أو يقع عقلاء البحرين من رجالها ونسائها وشبابها في فخ الافعال وردود الأفعال على الوقاحة والتطاول وسوء الخلق، ومثلما افشلت الدولة ومعها شعب البحرين الوفي تلك المؤامرة الدنيء المدعومة من الخارج، فإننا وبفضل التكاتف بين الدولة والشعب سوف يتم اجتياز هذه الأزمة بإذن الله وعلى المعارضة أو العقلاء فيها على الأقل مراجعة هذا الملف بصدق وإخلاص ومد اليد إلى اليد الممدودة منذ أكثر من سنة ونصف سنة، مد اليد إلى حوار حقيقي مخلص من دون شروط يقوم على مبدأ التوافق السياسي وعلى الحلول التي تراعي مصالح الأطراف كافة، وليست الحلول التي يريدها علي سلمان ومن ورائه عيسى قاسم لفرضها علينا.