الجريدة اليومية الأولى في البحرين


الاسلامي

رمضان في جمهورية مصر العربية

تاريخ النشر : الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢




تقع جمهورية مصر العربية في أقصى الشمال الشرقي من قارة أفريقيا، يحدها من الشمال الساحل الجنوبي الشرقي للبحر المتوسط ومن الشرق الساحل الشمالي الغربي للبحر الأحمر ومساحتها 1,001,450 كيلومتر مربع. وتقع معظم أراضيها في أفريقيا غير أن جزءا من أراضيها، وهي شبه جزيرة سيناء، يقع في قارة آسيا.
تشترك مصر بحدود من الغرب مع ليبيا، ومن الجنوب مع السودان، ومن الشمال الشرقي مع قطاع غزة وإسرائيل، وتطل على البحر الأحمر من الجهة الشرقية. تمر عبر أرضها قناة السويس التي تفصل الجزء الآسيوي منها عن الجزء الإفريقي.
ويتركز أغلب سكان مصر في وادي النيل، وبالذات في المدينتين الكبريين، القاهرة الكبرى التي بها تقريبا ربع السكان، والإسكندرية؛ كما يعيش أغلب السكان الباقين في الدلتا والوادي وعلى ساحلي البحر المتوسط والبحر الأحمر ومدن قناة السويس، وتشغل هذه الأماكن ما مساحته 40 ألف كيلومتر مربع. بينما تشكل الصحراء غالبية المساحة وهي غير معمورة. معظم السكان في مصر حاليا من الحضر، ربعهم في مدينة القاهرة الكبرى.
استقلت مصر عن المملكة المتحدة في 28 فبراير 1922، وتم جلاء القوات البريطانية 1956، ولغتها العربية، ونظام الحكم فيها جمهوري، وعدد سكانها يقترب من الثمانين مليون نسمة. 90% من سكان مصر مسلمون، أغلبهم من أهل السنة والجماعة. نسبة قليلة جدا من الشيعة، يدين بالمسيحية حوالي 10% من سكان مصر أغلبهم أرثوذكس، ويوجد أيضا حوالي 200 من اليهود في مصر يقطنون الفيوم.
رمضان في مصر:
يستعد المصريون لشهر رمضان استعدادات متعددة، فهناك استعداد روحي حيث يكثرون من الصيام في شهر رجب وشعبان تدريبا لأنفسهم على استقبال رمضان، أما الاستعدادات المادية فتتمثل في تزيين الشوارع والحارات بزينات ورقية ملصوقة على الحبال الرفيعة، وتعلق بصورة تبادلية على بلكونات البيوت، لترفرف بطريقة جذابة وكأنها بشير خير بقدوم ضيف عزيز، ويحرص المصريون على تعليق فوانيس رمضان المضيئة ويتبارون في صناعتها وتكبير حجمها وزركشتها، هذا بالنسبة لفوانيس البيوت، أما فوانيس الأطفال الصغيرة المصنوعة في مصر وإن كانت تقلصت صناعتها كثيرا بعد أن أصبحت الصين تصدرها إلى بلادنا. ويروى أنّها عُرفت مع بداية العصر الفاطمي في مصر، وبعد ذلك اعتاد الأولاد حمل هذه الفوانيس في رمضان.
ويستعمل المسلمون في رمضان عبارة «رمضان كريم» التي ترتبط بالكرم الإلهي الذي يغمر المصريين والمسلمين في هذا الشهر.. ويقوم المصريون بتخزين البيوت بمواد الطعام المختلفة وغيرها من التمر، والياميش والعرق سوس وقمرالدين.
ويتناول المصريون إفطارهم عند سماع مدفع الإفطار، ويرجع الكثير من المؤرخين فكرة مدفع الإفطار إلى محمد علي الكبير والي مصر، حيث كان قد اشترى عددًا كبيرًا من المدافع الحربية الحديثة في إطار خطته لبناء جيش مصري قوي، وفي يوم من الأيام الرمضانية كانت تجري الاستعدادات لتجربة أحد هذه المدافع، فانطلق صوت المدفع مدويٌّا في نفس لحظة غروب الشمس وأذان المغرب من فوق القلعة الكائنة في حي مصر القديمة جنوب القاهرة، فتصور الصائمون أن هذا تقليد جديد، وسألوا الحاكم أن يستمر هذا التقليد خلال شهر رمضان في وقت الإفطار وأيضا السحور، فوافق، وتحول إطلاق المدفع بالذخيرة الحية مرتين يوميٌّا إلى ظاهرة رمضانية مرتبطة بالمصريين كل عام. وهناك روايات أخرى في هذا الصدد.. وعلى الرغم من توقف المدفع في بعض الأعوام عن الإطلاق بسبب الحروب إلا أن الإذاعة سجلت صوت المدفع وتذيعه وقت الافطار ووقت الإمساك.. وفي عام 1983م صدر قرار من وزير الداخلية بإعادة إطلاق المدفع مرة أخرى، من فوق قلعة صلاح الدين، لكن الآثاريين اشتكوا من تدهور حال القلعة بسبب صوت المدفع فتم نقله من مكانه وهو الآن يستقر فوق هضبة المقطم، وهي منطقة قريبة من القلعة، ونصبت مدافع أخرى في أماكن مختلفة بالمحافظات المصرية..
وتحرص الأسر المصرية على تناول إفطار اليوم الأول من رمضان جماعة في بيت العائلة، وبعد سماع صوت المدفع وآذان المغرب مباشرة يتناول الجميع عصير قمرالدين أو مشروب خُشَاف وهو عبارة عن خليط مكون من تمر وزبيب وتين وبلح، مغلي في الحليب، بعد ذلك يؤدي الجميع صلاة المغرب، ليعودوا مباشرة إلى المائدة حيث تنتظرهم وجبة دسمة من المأكولات التي لا تتناول عادة إلا في وجبتي الغداء والعشاء. وهناك أكلات مصرية مرتبطة برمضان مثل الكنافة والقطايف.. وبعد ذلك يذهب الناس إلى المساجد لصلاة العشاء والتراويح والاستماع إلى الدروس الدينية، وتكتظ المساجد بالمصلين طوال الشهر، أما المساجد الكبرى فإنها ما أن يدخل العشر الأخير إلا وتجدها تعج بعشرات الآلاف من المصلين، ويبلغ هذا العدد ذروته في ليلة القدر، لاسيما مسجد عمرو بن العاص الذي يتوافد إليه في هذه الليلة المصلون من شتى المحافظات المصرية ومن بعض الدول الإسلامية لإحياء هذه الليلة فيه، ويبلغ عدد المصلين في هذا المسجد في هذه الليلة حوالي نصف مليون مصل..
وفي الآونة الأخيرة ظهرت في مصر الخيام الرمضانية، حيث يذهب إليها الناس لقضاء الوقت وتناول السحور الذي غالبا ما يكون خفيفا، حيث يتكون من الخبز والجبن والفول المدمس. ولاتزال ظاهرة المسحراتي موجودة في الكثير من الأحياء والقرى المصرية.. وفي الريف والصعيد المصري تأتي الأسر الكبرى بالمشايخ والمنشدين لقراءة القرآن والابتهالات الدينية في ديوان العائلة ويستمعون إليها في منتهى الخشوع والتضرع لله.* كاتبة وباحثة في التراث الإسلامي