الاسلامي
القصص القرآني..
تذكير بهداية وموعظة(2)
تاريخ النشر : الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢
يتنوع القصص القرآني الى انواع ثلاثة، وكل نوع من هذه الأنواع يتميز بخصائص، ويحمل من التذكير والهداية والموعظة، للقارئ والسامع.
يقول تعالى: «يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين» (يونس/57).
وهذه الأنواع هي:
الأول: قصص الأنبياء، ويتضمن دعوتهم لأقوامهم، والمعجزات التي أيدهم الله بها، وموقف اقوامهم منها، ومراحل الدعوة وتطورها، وسمات كل مرحلة، وبيان عاقبة المؤمنين، ومصير المكذبين منهم وذلك كما في قصة نوح، وابراهيم، وموسى، وعيسى بن مريم، ومحمد (صلى الله عليه وسلم) أجمعين، وغيرهم من الانبياء والمرسلين، وفي هذا النوع من العظة والتذكير والهداية؟ وهذا النوع من القصص هو اكثر القصص ذكرا في القرآن، حيث يرى المسلم حين يقرأ قصص الأنبياء في القرآن ما كابده الأنبياء من المصاعب والمشاق، في سبيل إبلاغ الدعوة، ويتدبر المسلم طرق الهداية التي رسمها القرآن وذكرها لهؤلاء السابقين، كما يرى اعراض المكذبين وايذاءهم لأنبيائهم، ومدى اصرارهم على التكذيب والاستهزاء، واستكبارهم عن قبول دعوة الحق، واغترارهم بقوتهم وما أمدهم الله به من النعم، فكانت استدراجاتهم.
يقول تعالى عن قوم نوح: «قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فآتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين» (هود/32).
ويقول تعالى عن قوم عاد: «فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون» (فصلت/15).
وقوم إبراهيم حينما دعاهم الى عبادة الله وحده، وضاقوا به ذرعا، أعدوا له النار وألقوه فيها انتصارا للأصنام ولكن الله جعل النار على إبراهيم بردا وسلاما، وخرج من النار سليما معافى.
يقول تعالى: «قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين، قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم، وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين»، (الانبياء/69-70).
وكان دعاء إبراهيم عليه السلام حينما ألقاه قومه في النار، حسبي الله ونعم الوكيل، وهو دعاء من تآمر عليه الأعداء، وكاد له أهل السوء.
يقول تعالى: «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل» (آل عمران/173).
إن في هذه القصص عظة وعبرة وهداية وتذكير لأصحاب الدعوات، والمخلصين من دعاة الاصلاح، إن طريق الدعوة الى الحق وطريق الاصلاح يتطلب جهدا وصبرا، كما كان من الانبياء، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يقع في شدة وفي ضيق بسبب إعراض قومه وتكذيبهم، كان يذكر نفسه بصبر موسى عليه السلام فيقول: يرحم الله موسى لقد اوذي بأكثر من هذا فصبر، وفي موقف آخر يقول: يرحم الله لوطا لقد كان يأوي الى ركن شديد.
وهكذا ايها القارئ، فان قصص الانبياء في القرآن مع انه دليل على صدق النبي في رسالته فانه كذلك يحمل من الهداية والتذكير، والمواعظ لأولي النهى، وفي قصص الانبياء ما يحمل البشرى للمؤمنين بالنصر، وما يتوعد الله به المكذبين الضالين، الذين حاربوا دعاة الحق والايمان ان مصيرهم سيكون حتما كمصير اسلافهم الغابرين، فهل من مدكر؟
وفي هذا النوع من القصص يقول تعالى: «وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين» (هود/120).
أما النوع الثاني من القصص القرآني فهي قصص تتعلق بحوادث عابرة، واشخاص لم تثبت نبوتهم، كقصة ذي القرنين، وأصحاب الكهف، وأصحاب الفيل، ومريم ابنة عمران، وأصحاب الأخدود.
والنوع الثالث من القصص القرآني: قصص قرآني يتعلق بالحوادث التي وقعت في زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كغزوات بدر وحنين وتبوك والأحزاب وغيرها من الغزوات والحوادث.
وهذا ما سنوضحه في لقاء قادم إن شاء الله.