الاسلامي
طريق الوصول إلى رفقة الرسول (صلى الله عليه وسلم) (1 )
تاريخ النشر : الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢
ما أكثر الأماني والأمنيات التي تراود الإنسان في نفسه وتخطر بباله! وبلا شك فإن الجوانب المادية تسيطر على أحلام الإنسان مثل وجود رصيد من الأموال في البنوك، عقارات،محلات، سيارات فارهة، أجهزة متنوعة ذات تقنية حديثة، أحدث صيحة في الملبس، أشهى الأطعمة والفاكهة، زوجة صالحة، ذرية من البنين والبنات والأحفاد البررة ولا مانع ولا بأس أن يطلب المسلم من متاع الدنيا ما يشاء مادام الطلب مشروعا وذلك مع الأخذ بالأسباب.
عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: «الدنيا متاعٌ وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة» رواه مسلم،عن نافع بن عبدالحارث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سعادة المرء المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهني» رواه البخاري،عن عبدالله بن الحسن، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «أربع من سعادة المرء: أن تكون زوجته موافقة، وأولاده أبرارا، وإخوانه صالحين، وأن يكون رزقه في بلده» إتحاف الخيرة المهرة.
ومما يضفي على النفس بهجة القبول في أمور الدنيا والدين عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «كفى بالمرء سعادة أن يوثق به في أمر دينه ودنياه» رواه ابن النجار والديلمي.
لكن أيها المسلم هل حلمت وتمنيت أن تكون رفيق النبي (صلى الله عليه وسلم) في الجنة؟ نعم رفقة النبي (صلى الله عليه وسلم) في الفردوس الأعلى من الجنة حيث مقام النبيين، عن علي (رضي الله عنه) قال: «ألا أنبئكم بالفقيه حق الفقيه؟ من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يرخص لهم في معاصي الله ولم يؤمنهم مكر الله ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره ولا خير في عبادة ليس فيها تفقه ولا خير في تفقه ليس فيه تفهم وفي لفظ لا ورع فيه ولا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا إن لكل شيء ذروة وذروة الجنة الفردوس ألا وإنها لمحمد صلى الله عليه وسلم» كنز العمال.
عن أنس قال: «لما مرض رسول الله فثقل ضمته فاطمة إلى صدرها ثم قالت: واكرباه لكرب أبتاه، ثم قالت: يا أبتاه من ربه ما أدناه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه، يا أبتاه جنات الفردوس مأواه، يا أبتاه أجاب ربا دعاه، ثم قالت: يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) التراب؟» رواه ابن عساكر.
وتأمل ايها القارئ الكريم في هذا الحديث القدسي الذي يبين فضائل الأعمال التي ترقى بصاحبها إلى أعلى الجنان، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي ولم يتكبر على خلقي وقطع نهاره بذكري ولم يبت مصرا على خطيئتي، يطعم الجائع ويؤوي الغريب ويرحم الصغير ويوقر الكبير فذاك الذي يسألني فأعطيه ويدعوني فأستجيب له ويتضرع إلي فأرحمه، فمثله عندي كمثل الفردوس في الجنان لا يتسنى ثمارها ولا يتغير حالها» رواه الدارقطني.
وكم للمداومة على الصلاة المفروضة والنافلة أبلغ الأثر في الوصول إلى رفقة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الجنة، عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت مع رسول الله فآتيه بوضوئه وحاجته فقال لي: «سل، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة فقال: أوغير ذلك؟ قلت: هو ذاك قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود» رواه مسلم، فهو لا يسأل بلوغ الجنة فحسب، وإنما يسأل الفردوس الأعلى ليكون مع رسول الله فلا يفارقه أبدا، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه طلب لا يدرك إلا بعد عناء وجهد وليس أمرا قريب المنال والله سبحانه وتعالى هو الذي يعطي هذه المنزلة لمن هو أهل لها أي إذا أردت الوصول إلى هذه الأمنية فعليك أن تكثر من الصلاة وتتقرب إلى الله بمناجاته، فكل سجدة تسجدها لربك تزداد منه قربا وتنال بها جنته ورضوانه، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.
وأيضا فإن كفالة اليتيم والعمل على رعايته على ما أحسن ما تكون الرعاية تكون سببا مباشرا في رفقة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد بلغ من عنايته باليتيم أن بشر كافليه بأنهم رفقاؤه في جنة عرضها السماوات والأرض حين قال «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا» وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا، وقد قال ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ولا منزلة أفضل من ذلك.