الاسلامي
أثر الصيام في الفرد والمجتمع
تاريخ النشر : الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢
مهما أوتي الإنسان من حكمة فلن يحيط بأسرار الله التي تضمنتها العبادات التي شرعها، ولولا أن الله تعالى أوضح من ذلك جوانب، وأشار إلى أخرى؛ إيناسا للنفوس وجذبا للقلوب ما كان لبشر أن يخوض في ذلك أو يتكلم فيه.
إن كل ما قيل عن العبادات وآثارها سواء على مستوى الفرد أو المجتمع، الصيام داخل فيه، فهو عبادة من العبادات، هذا على العموم، أما على الخصوص فنلحظ الآتي:
1- أثر الصيام في الفرد:
إن الصيام يؤدي إلى ضبط النفس، وإطفاء الشهوات، فإن النفس إذا شبعت تمردت وسعت وراء شهواتها.
ففي الحديث عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فيتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (متفق عليه).
فالصيام يغرس في الإنسان صفات الصدق والوفاء، والإخلاص والأمانة، والصبر عند الشدائد؛ لأن النفس إذا انقادت امتنعت عن الحرام.
فرتابة النعم عليك لا تجعلك تؤدي شكرها، فالإنسان لا يشعر بالنعم إلا إذا فقدها، فإذا فقدها شهرا سارع بشكر من أنعم عليه بها ؟ سبحانه وتعالى ؟ قال الله تعالى: «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزيدنكم» (إبراهيم:7) فالشكر سبب الزيادة.
والصيام له آثاره البعيدة المدى في النفوس، يقول (صلى الله عليه وسلم): «الصيام جنة» (متفق عليه) (أي: وقاية).
2- أثر الصيام في المجتمع:
الصوم يثمر التقوى، وعفة النفس، واستقامة الجوارح، ويقظة الضمير، ورحمة القلب، وخشية الرب، وهذه الفضائل تنعكس على المجتمع كله وتنشر بركتها عليه.
قال الله تعالى:
«يَا أيلاهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» (البقرة:183).
والتقوى التي جعلها الله غاية للصيام، والجنة التي وصفه بها النبي (صلى الله عليه وسلم) يمكن أن يندرج تحتهما كل ما أدركنا، وما لم ندرك منه حكم الصيام، فليس للتقوى حد تنتهي عنده، أو غاية تنتهي إليها، قال تعالى: «وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» (البقرة: 197) وكذلك الجنة قد تكون من التقصير والمخالفات، وقد يرقى بها صاحبها، فتكون من الشبهات، وقد يزداد رقيا فتصبح جنة من الغفلات والخطرات.
إن المجتمع الذي يستقيم على شريعة الصوم، يكون مجتمعا قويا في عقيدته، قويا في استجابته لأمر ربه، قويا بتماسكه وتضامنه وتراحمه، قويا بأخلاقه الكريمة وشمائله النبيلة. (العبادات في الإسلام وأثرها في تضامن المسلمين د. علي عبداللطيف منصور).
توجيهات نبوية لإبراز أثر الصيام في المجتمع:
-لا حاجة إلى صيام قائل الزور:
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال النبي (صلى الله عليه وسلم): «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». (البخاري 1903).
- لا حاجة إلى صيام من يجهل على الناس:
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم إني صائم» (متفق عليه).
-النهي عن اللغو والرفث:
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث» (صحيح ابن خزيمة، وهو في صحيح الترغيب والترهيب للألباني).
- صيام لا أجر له:
عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر» (صحيح سنن ابن ماجة للألباني).
-عاقبة التناقض بين العبادة وإيذاء المجتمع:
قال الله تعالى: «يَا أيلاهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأذَى» (البقرة: من الآية 264).
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصدقتها وصيامها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها.
قال: هي في النار.